رمضان والعيد بلا فرح في مخيم الزعتري

كثيرون في الزعتري يبيعون مايحصلون عليه من مساعدات لشراء الخضار
undefined

 ناريمان عثمان-مخيم الزعتري

تشتغل أم ميسر عادة في الأسبوع الأخير من رمضان بصناعة المعمول مع أفراد أسرتها الكبيرة (65 شخصا) استعدادا للعيد، وذلك عندما كانت في بلدها سوريا، لكنهم الآن تشتتوا، فلا حلوى ولا أحفاد سيمنحون البهجة للعيد ولا بيت أيضا.

ففي مخيم الزعتري بالأردن حيث تعيش الآن، تفتقد أم ميسر كل الطقوس والأجواء المتعلقة برمضان، ابتداء من اجتماعات العائلة والأقارب، إلى أصغر التفاصيل التي تصل إلى مذاق عصير الليمون الذي كانت تقطفه من أشجار بستانها في درعا.

أم ميسر تقول إنها تفتقد لكل طقوس العيد والأجواء المتعلقة برمضان (الجزيرة نت)
أم ميسر تقول إنها تفتقد لكل طقوس العيد والأجواء المتعلقة برمضان (الجزيرة نت)

طقوس رمضانية
عندما زرناها كانت أم ميسر تحضر طعام الإفطار لستة من أفراد عائلتها سيجتمعون في خيمتها عند المغرب.

وعن الجانب الروحاني في شهر رمضان قالت "طوال الوقت أدعو من أجل الانتصار والفرج، من أجل أبنائنا الذين هم في الداخل"، وأضافت أن قريباتها يجتمعن في خيمتها مرتين في الأسبوع ويقرأن القرآن مبتهلات لإنهاء معاناة السوريين.

أم ميسر التي لا يختلف حالها عن معظم الناس في المخيم الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم، كانت تتحدث وعيونها تدمع على من فقدتهم من شباب العائلة.

لم تكن ظروف رمضان سهلة في مخيم الزعتري فقد تحجب الخيمة أشعة الشمس المباشرة لكنها لا تستطيع التخفيف من حدة وهجها، فتلجأ أم ميسر خلال النهار إلى ما يشبه الرواق المغطى بالبطانيات بين خيمتها وخيمة الجيران وتقول "قد تهب نسمة هواء ونحن جالسون في الظل".

‪حلقة لتعليم القرآن خلال رمضان في المخيم‬ (الجزيرة نت)
‪حلقة لتعليم القرآن خلال رمضان في المخيم‬ (الجزيرة نت)

عيد صعب
كانت أم ميسر قد وصلت إلى المخيم في العشر الأواخر من رمضان الماضي، ولا تريد أن تتذكر كم كانت تلك الأيام عصيبة وكيف كان ذلك العيد صعبا؟

وفي هذا العيد أيضا تفتقد للفرح وستقضيه في خيمتها، وتشبِه مرور الوقت في المخيم بالموت البطيء، وتقول "حتما لا يستطيع معظم الناس هنا التفكير بما اعتادوا عليه في هذه المناسبات، إننا مشغولون بالتعامل مع ظروف المكان مثل القوارض والحشرات والحرارة المرتفعة وعدم وجود مكان لتخزين الأغراض أو الأطعمة".

وأردفت أنها تبيع جزءا مما تحصل عليه من مؤونة لتشتري به أشياء تحتاجها، كما يفعل غالبية الناس في المخيم، يبيعونها للدكاكين داخل المخيم، وهناك من يقوم ببيعها على بسطات خارج المخيم بأسعار زهيدة.

بسمة جوابرة إحدى سكان المخيم قالت "نبيع كيلو البرغل مقابل كيلو بندورة، نحتاج الخضار وهي ليست رخيصة"، وتضيف أن الطبخ له قصة أخرى، فالنساء ينتظرن ساعات يوميا خلال رمضان أمام المطابخ الجماعية ليتمكن من طهي الطعام، "هذا يستغرق ساعات ما بين العصر إلى المغرب".

الطهو داخل المخيم ليس مسموحا به تجنبا لإشعال الحرائق، ومن يملكون مواقد صغيرة يحرصون على التقنين في استخدامها لأن الغاز مرتفع الثمن.

الأطفال
وفي حين يقضي معظم الأطفال بالمخيم أوقاتهم يلعبون بين الخيام ويقفزون فوق تجمعات المياه الآسنة، يستطيع قليل من الأطفال الذهاب إلى المدارس وبعضهم إلى حلقات لتحفيظ القرآن الكريم.

إحدى الجمعيات الخيرية أنشأت خيمة لتعليم الأطفال القرآن في رمضان، وتحدثت الجزيرة نت إلى مجموعة من البنات الصغيرات اللواتي يرتدن هذه الحلقة، وبعضهن لم يتعلمن القراءة والكتابة بعد.

وتقول خديجة (4 سنوات) إنها تنتظر العيد لأن إخوتها الكبار وعدوها بمصاحبتها لتلعب بالأراجيح مع أطفال آخرين.

الأطفال في عمر خديجة تفرحهم أشياء صغيرة، ويستطيعون رسم آمال تتعلق بالعيد، لكن الآباء والأمهات في الزعتري يشعرون بغصة عندما لا يستطيعون تأمين مستلزمات العيد وثيابه لأبنائهم، وهم ينتظرون ما قد يحصلون عليه من المتبرعين.

المصدر : الجزيرة