هل تلجأ إسرائيل إلى مقاطعة الأوروبيين؟

شارع قرية العقبة في الاغوار وقد جرفته سلطات الاحتلال عدة مرات وهو احد مشاريع الاوروبيين- الجزيرة نت1
undefined

عاطف دغلس- نابلس

شكّل قرار الاتحاد الأوربي بمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية بـالضفة الغربية والقدس الشرقية والمناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، قلقا لدى إسرائيل التي ردت على لسان وزير جيشها موشيه يعالون قبل أيام بوقف التعاون مع ممثلي الاتحاد الأوروبي بالضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وخاصة بمناطق "ج" و"سي".

ورغم أن هذا الإعلان الإسرائيلي لم يرق لقرار فعلي على الأرض، وأن ما جرى لا يتعدى تسريبات إعلامية إسرائيلية، فإن أخطاره على الفلسطينيين كبيرة، خاصة أن إسرائيل استبقت الإعلان بخطوات فعلية على الأرض.

وأوضح الناشط الفلسطيني في مناهضة الاستيطان ومقاطعة منتجات المستوطنات خالد منصور أن إسرائيل تُعطل مشاريع ممولة أوروبيا منذ زمن، وأن الإجراء الأخير ليس جديدا، "وإن كان حجمه سيكون أكبر لو طُبّق".

وقال منصور الذي يعمل أيضا مسؤولا للعمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية -إحدى الجهات الحاصلة على دعم الأوروبيين- إن سلطات الاحتلال عمدت إلى تدمير مشاريع حيوية كآبار المياه والطرق الزراعية والجدران الاستنادية ومشاريع الطاقة الشمسية التي أقيمت بمناطق فلسطينية مختلفة ومنها مناطق "ج" كالأغوار الفلسطينية.

منصور: إسرائيل لن تقف في وجه الأوروبيين لأن ذلك يتعارض مع مصالحها (الجزيرة نت)
منصور: إسرائيل لن تقف في وجه الأوروبيين لأن ذلك يتعارض مع مصالحها (الجزيرة نت)

وبين منصور أن الخطر يكمن أيضا في عرقلة وصول الوفود المتضامنة مع الفلسطينيين والحد من نشاطهم، وقال "إن هذا حصل فعلا مع وفد أوروبي كان يود الذهاب إلى الأغوار الوسطى قبل أيام، لكنه طلب أن يسلك طرقا لا يراه فيها الاحتلال".

ومع ذلك يؤكد منصور أنه لا يمكن لإسرائيل أن تقف في وجه الأوروبيين وتلاحق نشاطهم وأعمالهم الداعمة للفلسطينيين، لأن ذلك يتعارض مع مصالحها أيضا.

ولا يتعلق قرار الاتحاد الأوروبي بمنتجات المستوطنات الإسرائيلية بالضفة والقدس، إذ إنه يعتبر سلفا أن هذه المستوطنات غير شرعية وبالتالي لا يتعامل معها، وإنما يرتكز على وقف التعاون المشترك وتقديم المنح مع المؤسسات التي تتخذ من المستوطنات مقرا لها، بهدف تحديد الحدود الجغرافية لإسرائيل.

مأزق إسرائيل
وسواء بمقاطعة الاتحاد الأوروبي ووقف أعماله أو بمواصلة التعاون معه، فإن إسرائيل خاسرة في الحالتين، كما يقول عضو الحملة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها مصطفى البرغوثي.

وقال البرغوثي للجزيرة نت إن إسرائيل الآن في "مأزق كبير"، فمواصلتها العمل مع الأوروبيين تعني إقرارها بعدم شرعية المستوطنات، وإذا أوقفت التعاون معهم وبدأت تلاحقهم وتتحدى وجودهم فإنها ستخسر مئات ملايين الدولارات التي يقدمها الأوروبيون لها.

‪البرغوثي قال إن إسرائيل في مأزق كبير بسبب موقفها من الأوروبيين‬ (الجزيرة نت)
‪البرغوثي قال إن إسرائيل في مأزق كبير بسبب موقفها من الأوروبيين‬ (الجزيرة نت)

وأشار البرغوثي إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي دليل على صحة السعي الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل ومعاقبتها بناء على جرائمها.

وربما تهدف إسرائيل من إعلانها هذا، وفق البرغوثي، لمراوغة الأوروبيين وتهديدهم لوقف الاستمرار في دعم الفلسطينيين على حسابها وحساب مستوطناتها.

وبموجب القرار الأوروبي ستمنع أي من المستوطنات من أي فوائد أو اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي بدءا من الأول يناير/كانون الثاني 2014.

والمطلوب بحسب منصور والبرغوثي ينقسم إلى أمرين، الأول استغلال قرار الاتحاد الأوروبي لصالح الفلسطينيين بدعم منتجاتهم وأهمها الزراعة وتصديرها إلى الخارج بدلا من الإسرائيلية، وثانيا أن يواجه الأوروبيون أي تهديدات إسرائيلية بإجراءات عقابية ضد إسرائيل.

مصالح مشتركة
وإلى الآن لم تُبلّغ إسرائيل الأوروبيين بأي إجراء يتعلق بوقف نشاطاتهم، وفي حال إصداره فإن هناك قنوات رسمية للتباحث بين الطرفين، حسب مسؤول الإعلام والاتصال في الاتحاد الأوروبي برام الله شادي عثمان.

وأكد عثمان للجزيرة نت أن من مصلحة إسرائيل والاتحاد الأوروبي أن يستمر العمل بالأراضي الفلسطينية للمساهمة في تحقيق حل الدولتين وهو ما يرضي جميع الأطراف، وقال إن الأمر لن يصل بإسرائيل إلى ملاحقة الأوروبيين وتهديدهم.

ويتلقى الفلسطينيون -كما يقول عثمان- نحو أربعمائة مليون يورو (حوالي 530 مليون دولار) سنويا من الاتحاد الأوروبي عبر دعمه مشاريع "غير تنموية"، والمساهمة في دعم ميزانية السلطة ومنظمة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، بينما تتسع دائرة التعاون بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر في مجالات أهمها الأبحاث العلمية والصناعات الثقيلة والتبادل التجاري.

المصدر : الجزيرة