إسرائيل تخشى تحول سيناء لـ"مركز جهادي"
وديع عواودة-حيفا
تعبر أوساط إسرائيلية واسعة رسمية وغير رسمية عن قلقها البالغ من تطورات الأوضاع في سيناء ومن تحولها إلى "أفغانستان جديدة" ينطلق منها "عمل جهادي" ضدها.
وتتمنى إسرائيل -وفق مصادر صحفية- نجاح الجيش المصري في السيطرة على سيناء والقضاء على "الخلايا الجهادية" فيها، كما تعمل من أجل حشد دعم دولي له ضد الإخوان المسلمين.
وربما يكون خير دليل على تنامي هذه المخاوف الإسرائيلية ما كشفته صحيفة هآرتس اليوم عن مبادرة المخابرات الإسرائيلية العامة (الشاباك) لتشكيل وحدة مختصة بإحباط "العمليات العدائية" المنطلقة من سيناء.
وتوضح الصحيفة أن إسرائيل تعلم بوجود 15 "منظمة جهادية متطرفة" تنشط في سيناء، وأن الشاباك يوظف في هذه الوحدة الخاصة التي أنشأها نفس الطاقات والخبرات التي يستخدمها في الضفة الغربية.
مركز "للجهاديين"
وتنقل هآرتس عن قادة الشاباك أن أربع منظمات من هذه المنظمات "خطيرة"، وتتمحور في العمليات ضد الجيش الإسرائيلي على الحدود مع مصر وبإطلاق صواريخ على النقب.
ويقدر الشاباك عدد "الجهاديين والسلفيين" في سيناء بعدة مئات، بينما تقدرهم المخابرات العسكرية (أمان) بالآلاف وتقول إن بعضهم جاء من السعودية واليمن وليبيا وقطاع غزة، لكن أغلبيتهم من بدو سيناء.
وأوجز المصدر هذه المخاوف بقوله إنه في "الحالة الجيدة" ستتحول سيناء إلى لبنان السبعينيات من القرن الماضي، وإلى أفغانستان في "الحالة السيئة".
مرحلة نضج
وهذا ما يتبناه المعلق العسكري رون بن يشاي في الموقع الإخباري "واي نت"، ويرى أن "الخطر الإستراتيجي" الكامن في سيناء يثير مخاوف إسرائيل من "نشوء صومال ثانية على حدودها".
ويقول إن العملية المنسوبة للجيش الإسرائيلي بقتل خمسة من الجهاديين في محيط رفح المصرية قبل أسبوع تعكس الأهمية البالغة التي توليها إسرائيل ودول المنطقة لخطر "إرهاب المنظمات الجهادية".
ويشير بن يشاي إلى أن المكالمة الهاتفية مطلع الشهر الجاري بين قائد القاعدة أيمن الظواهري وقادة "منظمات جهادية" -من ضمنها قائد منطقة سيناء- التي أدت لإغلاق سفارات أميركية، تعكس تنامي قوة هذه المنظمات في سيناء، وهذا يعني أن "الجهاديين في سيناء بلغوا مرحلة نضج القدرة على تنفيذ عمليات نوعية".
ويؤكد بن يشاي -ردا على سؤال للجزيرة نت- أن إسرائيل تقف على أعتاب مرحلة جديدة نتيجة ترّكز "منظمات الجهاد العالمي" على طول جهتين من حدودها ويبدو أنها جاءت لتبقى هنا، ويضيف أن "الاستعدادات العسكرية والاستخباراتية لمواجهة الخطر الجديد ملحّة".
وقال إن هذا الأمر يفسر ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز اليوم على لسان موظفين إسرائيليين حول تنظيم حملة دبلوماسية إسرائيلية لإقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدعم الجيش المصري الذي يتعاون معها ضد "عدو مشترك" في سيناء من أجل عدم تحولها إلى صومال ثانية.
مخاطر الثرثرة
أما المعلق في الشؤون الإستراتيجية يوسي ميلمان فيرى أن الحديث عن حملة إسرائيلية لدعم الجيش المصري يعد "ضربا من الغباء"، مؤكدا أن الحكمة تقتضي أن "تواصل إسرائيل صمتها عما يجري في مصر وعدم التدخل"، لأن إسرائيل لا تملك خيارات كثيرة، وكل ما بوسعها أن تفعله اليوم هو "التخريب والإساءة بثرثرتها للجيش المصري".
وفي المقابل، لا يعتقد ميلمان -الذي يتجانس مع الرؤية الإسرائيلية الرسمية- أن "الخطر المحتمل" من سيناء إستراتيجي، ويقول إنها لن تصبح كأفغانستان ولا الصومال لأن مصر لن تسمح بذلك.
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن "هذا منوط أيضا بمن سيحكم في القاهرة، فإذا ظل الإخوان المسلمون خارج السلطة فمن المرجح أن تتصاعد العمليات العسكرية في سيناء ضد الجيش المصري بالأساس، ومن ثم ضد إسرائيل".
ويرى ميلمان أن "أقصر الطرق لبناء الثقة مع أهالي سيناء وتحييدهم تكمن في مبادرة السلطات المصرية لتوفير مصادر الرزق لهم".