هل توصل أقطاب النظام بالجزائر إلى صفقة؟

منظر عام لوسط الجزائر
undefined

هشام موفق-الجزائر

أثار تغيير مسؤول مركز الاتصال والنشر في مديرية الأمن والاستعلامات (المخابرات) العقيد فوزي، وتوقف تعاطي الصحافة الجزائرية والطبقة السياسية مع ملفات الفساد الخاصة بمحيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ملاحظات وتسريبات من البعض تتحدث عن إبرام صفقة بين أقطاب النظام الجزائري.

وشغل العقيد فوزي -الذي عُيّن على رأس مهام أخرى- هذا المنصب لحوالي عشر سنوات، قبل أن يخلفه العقيد عقبة، بحسب ما أشارت إليه عدة يوميات جزائرية.

ومنذ عودة بوتفليقة بعد حوالي ثمانين يوما من الغياب في رحلة علاجية بمستشفى فال دوغراس ومعهد "ليزانفاليد" بفرنسا، غابت الملفات التي كانت عدة صحف تثيرها قبيل وبعد غيابه، تتحدث أساسا عن فساد متعلق بمحيطه، من وزراء مقربين وحتى أخيه المستشار السعيد بوتفليقة.

صفقة
وما كانت مجرد تحليلات عند السياسيين والمتابعين حول القضية، أكدها ضابط سابق في الجيش فار بالمملكة المتحدة، اسمه أحمد شوشان.

ونشر هذا الضابط، على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ما قال إنها تفاصيل صفقة عقدت بين مؤسستي الرئاسة والمخابرات "بعد أن يئس بوتفليقة من القدرة على المواجهة".

حديبي تحدث عن استخدام ملفات الفساد
حديبي تحدث عن استخدام ملفات الفساد "لكسر العظم" بين أقطاب النظام (الجزيرة نت)

ومجمل ما فيها "ضمان غلق ملفات الفساد المتعلقة بالرئيس وعائلته وجماعته من طرف جهاز المخابرات نهائيا، والتعهد بعدم متابعة أي واحد من حاشية الرئيس أمام العدالة في انتظار إصدار عفو شامل من طرف الرئيس الذي سيخلف بوتفليقة"، وبالمقابل يتم "تسليم مشعل المؤسسة العسكرية لجيل الاستقلال".

شوشان الذي كان نقيبا في الجيش الجزائري، أعطى الانطباع في مقاله بأن المعلومات مؤكدة، مشيرا إلى أن "90% من القيادة العسكرية العليا هم من الزملاء السابقين".

من جانب آخر، قال عضو المكتب الوطني لحزب النهضة الإسلامي محمد حديبي للجزيرة نت إن "التحليل الموضوعي لمسار الأحداث، وقراءة خلفيات ما تنشره الصحافة الوطنية منذ عودة الرئيس، يثبت لنا وجود صفقة تهدئة بين أقطاب النظام الجزائري".

ونفى حديبي أن يكون أدلى بهذه التصريحات بناء عن معلومات، و"إنما هذا تحليلنا للوضع"، حسب تعبيره. وأضاف "صار واضحا الآن أن ملف الفساد استعمل في الصحافة كسياسة لمرحلة كسر العظم بين أقطاب النظام لتسوية الوضعية بينهم، والآن السلطة تريد التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة في هدوء".

وتابع "كنا قد أثرنا بين عامي 2009 و2010 عدة ملفات فساد، لكن وسائل الإعلام لم تتفاعل معها، فكانت النتيجة عدم وصول جهودنا للشعب، لكن لما أرادوا التفاوض بملفات معينة عرفت انتشارها الواسع في الصحافة وتفاعل الجزائريون معها".

لا صراع
لكن، وعلى نقيض هذا، يرفض مدير صحيفة "جريدتي" والضابط السابق هشام عبود وصف الوضع على أنه مؤشر لوجود صفقة ما، بل ينفي أن يكون هناك صراع أصلا داخل دواليب الحكم.

وقال للجزيرة نت "لا أعتقد ولا أؤمن بأن هناك صفقة بين أقطاب النظام، لأنني لا أؤمن بوجود صراع أصلا، هناك جناح واحد في السلطة هو الرئاسة، والمتحكم الفعلي فيها هو السعيد بوتفليقة، لا غيره".

عبود نفى وجود صراع بين أقطاب النظام لأن الرئاسة هي التي تتحكم في الأمور (الجزيرة نت)
عبود نفى وجود صراع بين أقطاب النظام لأن الرئاسة هي التي تتحكم في الأمور (الجزيرة نت)

وبالنسبة لعبود، فإن تغيير العقيد فوزي يصب في خانة "العادي"، لأن "الرجل بقي على رأس المديرية لمدة عشر سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لأي ضابط الذي من المفروض أن لا يبقى أكثر من ثلاث سنوات في منصبه".

واعتبر عبود أن تغيير فوزي بالعقيد عقبة "لن يغير من سياسة الجهاز شيئا، كون الضابط مهمته تنفيذ سياسة الدولة من خلال هذا الجهاز".

وعلق عبود، الذي اشتهر في الفترة الأخيرة بنشره عدة ملفات فساد لمسؤولين، تراجع تعاطي الصحف معها، بكون الوصول إلى المعلومات بالجزائر صعب للغاية، كما أننا نفتقد لصحافة التحريات".

بالنسبة لي، يضيف عبود، "لما نشرت ملفات الفساد لم أراع إن كان من أكتب عليه ينتمي لطرف دون طرف داخل النظام، بل راعيت دقة المعلومات ومصداقيتي عند القراء".

وتابع "لو كنت أكتب تحت الطلب، لكان منطقيا أن أكتب لصالح الطرف الأقوى الذي هو الرئاسة، لكني كتبت تحقيقات حوله، وأنا أدفع الثمن بعدما مُنع الإشهار عن جريدتي لشهرين".

تأثير رمضان
لكن أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر الدكتور عبد العالي رزاقي يعطي قراءة أخرى لتراجع نشر ملفات الفساد في الصحف الوطنية، بكون "الفترة الحالية هي فترة إجازة متزامنة مع شهر رمضان، الذي تقل فيه الأحداث".

وأضاف رزاقي للجزيرة نت أن "الإعلام الجزائري يغلب عليه في رمضان والإجازات الطابع الترفيهي والتسلية، لذلك تتقلص صفحات الجرائد الجادة، وتتجه للاهتمام بالمواضيع الترفيهية".

وأوضح أن "40% من الجرائد هي صفحات خاصة برمضان، و40% تهتم بالمشكلات اليومية، و20% فقط تتعاطى مع الأحداث السياسية".

وتابع "حتى في هذه العشرين بالمائة لاحظنا أنه ولأول مرة تطغى عليها الأحداث في مصر وتونس، وهو ما يدل على أن هذه القضايا لها علاقة بالواقع الجزائري"، حسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة