وألغي مهرجان ليالي رمضان الذي دأبت المدينة على احتضانه في هذه الفترة من العام بسبب الوضع الأمني الهش الذي تعيشه منذ عدة أشهر.
ويبدو إيقاع الحياة في رمضان طرابلس هادئا في النهار على غير عادته، حيث خلت أسواق وسط المدينة من روادها باستثناء الأحياء الشعبية التي تفرض كثافتها حركة متواصلة للسكان وهم يقومون بعملية التسوق.
فالوضع الاقتصادي المتردي الذي أثر على القدرة الشرائية للمواطنين بجانب الإشكالات الأمنية التي تؤرقهم وانقطاعات الكهرباء التي تغرق الأحياء بين الفينة والأخرى في ظلام دامس مثلت ثالوثا كان له وقعه على مزاج سكان طرابلس وسلوكياتهم في هذا الشهر الفضيل.
أجواء رمضان
ولعل رغبة سكان طرابلس الجديدة في عيش أجواء رمضان حتى في أوقات النهار تدفع الكثيرين منهم للتوجه إلى الأسواق القديمة لشراء حاجياتهم مستفيدين من رخص الأسعار ووجود حلويات شعبية لا تبيعها المحال في أماكن إقامتهم.
ويتبارى الباعة لحجز أماكنهم على الطرقات بعد عزوف عدد من المقاهي في بداية رمضان عن ممارسة هوايتها المفضلة وهي السهر في الشوارع وعلى الأرصفة بعد انتهاء صلاة التراويح حتى أذان الفجر وذلك بسبب الإشكالات الأمنية.
فأحمد إبراهيم -51 عاما- وهو من سكان طرابلس القديمة يقول إنهم لا يزالون يعيشون أجواء رمضان ولم تتغير الكثير من الأمور "فما زال المسحراتي بزيه التقليدي وبطبلته وفانوسه يجوب الشوارع لإيقاظ الناس لتناول طعام السحور، فينادي على من يعرفه باسمه، في حين يصحو آخرون على صوت الأناشيد والأهازيج التي يصيح بها في الحارات والأزقة الضيقة".
ويتحسر الأهالي على أيام خلت وهم يتذكرون كيف كانت المناطق السياحية كسوق حراج وحمام العبد وحمام الجديد ومقاهي موسى تنتعش خلال الشهر الفضيل الذي تقام فيه النشاطات الدينية ومسابقات الشعر والأدب ومسيرات الإنشاد.
وتشهد طرابلس وأحياؤها القديمة تحديدا توترا أمنيا واشتباكات مستمرة منذ أشهر بين منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية المؤيدة لنظام بشار الأسد في سوريا ومنطقة التبانة والقبة ومنطقة المنكوبين ذات الغالبية السنية المعارضة له مما أوقع عشرات القتلى.
ويقول أمين فتوى طرابلس الشيخ محمد إمام إن طرابلس كانت ولا تزال مدينة للعلم والعلماء "وهي تعيش كما السابق أجواء من الروحانية والتعبد وحب الخير في شهر رمضان".
ومضى يقول إن تردي الوضع الاقتصادي قلل من زينة رمضان لهذا العام، "لكن العديد من المساجد لا تزال تنظم دورات لتحفيظ القرآن وحفلات للإنشاد الديني".