موقف أميركا يزداد تعقيدا تجاه مصر

دكتور جون اسبوزيتو استاذ بجامعة جورج تاون ومؤسس ومدير مركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم المسيحي المسلم بالجامعة ذاتها
undefined

ياسر العرامي-واشنطن

 يبدو أن الموقف الأميركي تجاه مصر يزداد تعقيدا رغم الأحداث الدموية التي شهدتها السبت الماضي جراء استخدام الشرطة العنف ضد المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي مما أسفر عن مقتل وجرح المئات.

ويعتقد الكثير من المحللين أن موقف واشنطن الملتبس ناتج عن محاولتها تحقيق التوازن بين ضمان أمن إسرائيل من خلال إبقاء علاقتها الجيدة مع الجيش المصري ودعم الديمقراطية في مصر، في حين أن تصاعد العنف في مصر لا يساعدها على تحقيق هذا الهدف.

وكان واضحا موقف واشنطن المتردد من خلال ردة الفعل التي أبدتها في أعقاب الأحداث الدموية التي شهدتها مصر السبت إذ أظهرت إدانة خافتة لما حدث دون أن تحث الجيش المصري صراحة على وقف العنف ضد المتظاهرين السلميين.

البيت الأبيض ظل صامتا حتى يوم الاثنين قبل أن يدين القمع الذي تعرض له المتظاهرون على لسان المتحدث باسمه جوش إيرنست الذي كرر القول إن الحكومة المصرية ملزمة أخلاقيا وقانونيا باحترام حقوق المتظاهرين

فقد أجرى وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل اتصالا هاتفيا مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أعرب خلاله عن قلق واشنطن من الأوضاع الأمنية في مصر. ودعا هيغل المسؤولين المصريين إلى اتخاذ خطوات ضرورية لوقف العنف وإراقة الدماء.

الالتزام الأخلاقي
بينما أصدر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بيانا مشابها، وحث خلاله السلطات المصرية على الالتزام الأخلاقي والقانوني باحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، مؤكدا أن العنف لا يصيب عملية المصالحة والديمقراطية في مصر بالانتكاسة فحسب، وإنما سوف يؤثر سلبا على الاستقرار الإقليمي.

ودعا وزير الخارجية إلى إجراء تحقيق مستقل ومحايد في أحداث السبت، مطالبا جميع القادة المصريين من مختلف الانتماءات السياسية بالعمل فورا لمساعدة بلدهم على أن يخطو بعيدا عن حافة الهاوية.

كما جدد دعوة السلطات المصرية لإنهاء الاعتقالات السياسية وإطلاق سراح القادة السياسيين بما يتفق مع أحكام القانون، دون أن يشير صراحة إلى اعتقال الرئيس المعزول محمد مرسي.

أما البيت الأبيض فقد ظل صامتا حتى يوم الاثنين قبل أن يدين القمع الذي تعرض له المتظاهرون على لسان المتحدث باسمه جوش إيرنست الذي كرر القول إن الحكومة المصرية ملزمة أخلاقيا وقانونيا باحترام حقوق المتظاهرين.

ويرى جون إسبوزيتو -الأستاذ بجامعة جورج تاون- في حديثه للجزيرة نت أن الإدارة الأميركية فشلت في التنديد القوي باستخدام الجيش والشرطة المصريين للعنف والاستهداف المتعمد الذي أسفر عن قتل وإصابة الكثير من المدنيين.

وانتقد إسبوزيتو -وهو مؤسس ومدير مركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم المسيحي المسلم بجامعة جورج تاون- المعايير المزدوجة للإدارة الأميركية، قائلا إن موقفها المندد كان يمكن أن يكون أكثر قوة ووضوحا لو أن حكومة مرسي هي من كانت قد تعاملت مع المعارضة بنفس الطريقة التي تتعامل بها السلطات المصرية الحالية الآن مع معارضيها.

اللغة الخطابية
وأوضح أن اللغة الخطابية والسياسية للولايات المتحدة الأميركية تعزز الاعتقاد بأنها "تنتهج معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالعملية الديمقراطية".

ولفت إلى أنه كان ينبغي على إدارة الرئيس الأميركي أوباما في أسوأ الأحوال أن تدعو الجيش المصري علنا لإطلاق سراح مرسي والقيادات الإخوانية المعتقلة والكف عن أعمال العنف وإثبات حسن نواياه عن طريق التحرك السريع نحو انتخابات شاملة تشمل جميع المعارضة بما في ذلك الإخوان المسلمون والإسلاميون الآخرون.

يعتقد الكثير من المحللين أن موقف واشنطن الملتبس ناتج عن محاولتها تحقيق التوازن بين ضمان أمن إسرائيل من خلال إبقاء علاقتها الجيدة مع الجيش المصري ودعم الديمقراطية في مصر "

ويؤكد إسبوزيتو أن سياسة إدارة أوباما في العالم العربي بعد الربيع العربي كانت مترددة ومتباطئة في اتخاذ قراراتها وأحيانا كان هناك نوع من الغموض في مواقفها.

وأشار إلى أن هذه السياسة المترددة أدت إلى غموض موقف أميركا وجعلت كل طرف في مصر يشعر بأنها تدعم الطرف الآخر.

منتقدا تردد إدارة الرئيس باراك اوباما إزاء وصف الوضع في مصر بالقول "إن ما حدث في مصر هو إما انقلاب أو ليس انقلابا، وإن قلب الديمقراطية هي العملية الديمقراطية التي تنتخب من خلالها الحكومات وتتغير أو ترفض من خلال أوراق الاقتراع وليس من خلال الرصاص".

ومع ذلك يقر إسبوزيتو بأنه كان لدى حكومة مرسي الكثير من الأخطاء وكذلك الإنجازات، لكن الانتخابات هي التي ستكون الفرصة الوحيدة لإثبات ما إذا كان أغلبية المصريين يوافقون على تأسيس حكم عسكري أم يتمسكون بالعملية الديمقراطية؟

المصدر : الجزيرة