الإسلاموفوبيا في فرنسا.. حروب افتراضية

ملصقات قي شوارع باريس للدعوة إلى " افطار ضد الفاشية "الذي دعى اليه ناشطون عبر الفايس بوك للتنديد بالعداء ضد المسلمين

 

undefined

فائزة مصطفى-باريس

عاد الهدوء لضاحية ترايب التي عرفت أحداثا عنيفة في 18 يوليو/تموز الجاري عقب تفتيش امرأة منقبة، لتستأنف مجرياتها قضائيا، حيث رفع محامي الشرطي دعوة بوصفه طرفا مدنيا ضد زوج الضحية بتهمة الضرب، مستنكرا الحملة الإعلامية التي شنت ضد موكله.

من جهتها تصر "لجنة مناهضة كراهية الإسلام في فرنسا" على تكذيب الرواية الرسمية حيث كشفت على موقعها الإلكتروني تعليقات الشرطي العنصرية وصوره الساخرة من النقاب المنشورة على صفحته بفيسبوك.

واعتمدت اللجنة على تصريحات شهود عيان نظموا ندوة صحفية في 24 يوليو/تموز منتقدين التدخل العنيف للشرطة، وإن كان وزير الداخلية الفرنسي إيمانويل فالس قد اعتبر الواقعة بعيدة عن كونها عنصرية، داعيا لاحترام قوانين الجمهورية في مقدمتها حظر النقاب.

إلا أن ظاهرة العداء ضد المسلمين تزايدت في الشهر الأخير، إذ سجلت اعتداءات في ضواحي أرجونتاي، ريمس وأورليانز الذي شهد الاعتداء على سيدة متحجبة لتقضي المحكمة بتغريم المتهم وسجنه عامين.

السلطات تنفي
ورغم تسجيل 469 حالة اعتداء سنة 2012، أي بارتفاع 57.4% مقارنة بسنة 2010، فإن السلطات الفرنسية تنفي وجود ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل مجتمعها.

رغم تسجيل 469 حالة اعتداء سنة 2012، أي بارتفاع 57.4% مقارنة بسنة 2010، فإن السلطات الفرنسية تنفي وجود ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل مجتمعها

ناصر جابي -الأستاذ في علم الاجتماع- يرى أن كل المجتمعات الأوروبية تشهد الظاهرة بدرجات متفاوتة، فالحروب -بحسبه- والنزاعات بين المسلمين وأوروبا ما زالت آثارها قائمة في المخيال الجماعي الأوروبي حتى يومنا.

ويضيف جابي للجزيرة نت "الوضع في فرنسا أكثر تعقيدا بسبب نموذجها الثقافي، فهي عكس بريطانيا وأميركا لا تدمج المسلم في منظومتها، إلا اذا قبل الذوبان فيها شكلا، لغة ودينا، وهذا ما يخلق أشكالا متعددة من الاحتكاك وسوء الفهم للاختلاف الثقافي والديني للأقليات المسلمة".

ويحاول الناشطون المسلمون في فرنسا التكتل عبر مواقع الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، للتعريف بثقافتهم والتنديد بما يرونه تمييزا ضدهم.

 فقد وجه ناشطون السبت الماضي عبر فيسبوك الدعوة للتجمع والاحتفال بشهر رمضان، في حفل "إفطار ضد الفاشية"، لكن دائرة شرطة باريس منعت التجمع قبل ذلك بساعات، حيث طوقت عناصر الأمن ساحة برج موبرناس في قلب العاصمة الفرنسية كونه معلما إستراتيجيا ومحاذيا لـ"الحي العام" حيث تتمركز أغلب مجموعات اليمين المتطرف.

قرار تعسفي
وقد وصف الناشطون الخطوة بأنها إجراء تعسفي ضد المسلمين، من خلال بيان نشروه على المواقع الإلكترونية، متهمين التيارات اليمينية بالضغط على السلطات الفرنسية في مقدمتها مجموعة "فرنسيو فرنسا" التي يقولون إنها تشن حروبا افتراضية ضدهم عبر الشبكة العنكبوتية.

وتشكل ظاهرة الإسلاموفوبيا مادة دسمة في وسائل الإعلام الفرنسية، إذ يعتبر الإعلامي محمد الزاوي أن البعض في هذا التيار هم الداعمون للدولة الإسرائيلية، وبينهم مفكرون وسياسيون يمينيون فرنسيون يعتبرون الإسلام والمسلمين خطرا على ثوابت وقيم الدولة العلمانية، منتقدين سياسية التسامح مع المظاهر الإسلامية مثل "لحم الحلال" و"صلاة الشوارع"، والحجاب.

يقول الزاوي للجزيرة نت "هؤلاء يخلطون بين التطرف الديني والثقافة الإسلامية، ويتكتلون ضمن منظومة موجودة عبر الإنترنيت ووسائل الإعلام، بينما لا توجد في المقابل إلا بعض الجمعيات المجهرية التي لها علاقة مع التيارات الإسلامية في المنطقة العربية تقتصر على إصدار بيانات تنديدية، خاصة وأن النظام في فرنسا يمنع التكتل على أساس عرقي أو ديني". 

المصدر : الجزيرة