تساؤلات عن عنصرية النظام القضائي الأميركي
وأثار هذا الحكم موجة احتجاجات واسعة ومظاهرات كبيرة في عدة ولايات أميركية، مما جعل وزارة العدل تتعهد بعد صدور الحكم بفتح تحقيق في ما إذا كانت أي تشريعات اتحادية للحقوق المدنية قد انتهكت وما إذا كان بإمكانها اتخاذ إجراءات قانونية جديدة.
وأحدث تفاعلات هذه القضية هو اعتراف لإحدى المحلفات اللاتي شاركن في إصدار الحكم أعربت خلاله عن ندمها العميق تجاه الحكم الذي قالت إنه جاء مخالفا لحقيقة أن زيمرمان مذنب حقا.
وأضافت المحلفة في تصريحات لقناة إي بي سي يوم الجمعة أنها تشعر بأن زيمرمان قاتل، وأنه أفلت من إدانته بجريمة القتل لكنه لا يمكنه الإفلات من عقاب الله، مرجعة موقفها المتناقض أثناء المحاكمة إلى إن الأدلة لم تكن كافية لإثبات إدانته.
وعن هذا الحكم المثير للجدل، تحدثت غاي تريزا جونسون الأستاذة في قسم دراسات السود بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا للجزيرة نت قائلة إن تبرئة زيمرمان من جميع التهم الموجهة إليه لم يكن أمرا مفاجئا أو عن طريق المصادفة.
وانتقدت جونسون طبيعة النظام القضائي الأميركي الذي قالت إنه وضع من أجل حماية حقوق وامتيازات البيض وإقصاء أولئك الذين يسعون لتغييره.
وأشارت إلى وجود نظرة مسبقة ترى أن الرجال السود خطرون، وبذلك فإن النظرة إلى ترايفون مارتن بأنه كان خطرا تعد راسخة سلفا ومبرمجة في عقول الكثير من الأميركيين.
ضد السود
واستغربت جونسون هذا التحيز ضد السود على الرغم من أن البيض يرتكبون جرائم مساوية لما يرتكبه السود.
وأوضحت أنه على سبيل المثال يتعاطى السود المخدرات ويرتكبون جرائم القتل بمعدل لا يزيد عما يقوم به البيض طبقا لدراسات علمية، ومع ذلك الأحكام التي صدرت على السود في الجرائم ذاتها تبلغ عشرة أضعاف ما صدر على البيض.
وأكدت أنه كان واضحا أن الضحية مارتن ترايفون لم يكن مسلحا إلا أن محامي دفاع زيمرمان اشتغلوا على فكرة القوالب النمطية والاعتقادات المسبقة لدى الأميركيين لدرجة أن الرصيف استخدم على أنه سلاح مميت استخدمه مارتن. وهي إشارة منها إلى ما ورد في المحاكمة من أن الطفل مارتن حاول قتل زيمرمان عن طريق ضرب رأسه على رصيف الشارع.
وقالت جونسون إن للحكم آثارا مدمرة على حياة الناس من الأعراق المختلفة في أميركا، وإنه يثبت مرة أخرى أن النظام القضائي الأميركي لا يضمن حماية أناس مثل مارتن.
أما مارك أوسلر أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة سانت توماس فقد اعتبر الحكم مفاجئا مقارنة بما كان يجب على هيئة المحلفين من إثبات ارتكاب زيمرمان لجريمته.
وأشار أوسلر وهو مدع عام اتحادي سابق إلى أن الموظفين القضائيين في الولايات كالقاضي والمدعي العام هم منتخبون وأطراف سياسية فاعلة، وبذلك فإن عملهم يعتمد على إرضاء الناخبين "إذا لم يفعلوا ما يحظى بشعبية في منطقتهم فسيفقدون وظائفهم بلا شك".
وأكد أن هناك عنصرية في الولايات المتحدة الأميركية في نظامها القضائي مثلما هو الحال في معظم المجتمعات المتعددة الأعراق.
عدم إلمام بالقوانين
بدورها أبدت مارغوري كوهن أستاذة القانون في جامعة توماس جيفرسون عدم اندهاشها للحكم في ضوء حقيقة عدم وجود أميركيين من أصل أفريقي في هيئة المحلفين ومنع القاضي الاستماع إلى السياق العنصري للحادثة أثناء المحاكمة.
وأشارت كوهن إلى أن هيئة المحلفين لم يكن لديها إلمام بالقوانين وإلا لوجدت أن زيمرمان استفز مارتن أولا وبالتالي فلا ينطبق عليه قانون الدفاع عن النفس.
وأوضحت أن من ضمن المخالفات التي رافقت المحاكمة شهادة رئيس لجنة التحقيق الذي قال إنه يعتقد أن رواية المتهم زيمرمان عن وقائع الحادثة صحيحة مع أنه لا يحق للشهود أن يبدوا تأييدهم لأي رواية.
ولفتت إلى أن اعتراف إحدى أعضاء هيئة المحلفين مؤخرا بأنها كانت تشعر بأن زيمرمان مذنب يوضح أنها لم تكن ملمة بقوانين هيئة المحلفين في قضايا القتل غير العمد.
وخلصت كوهن إلى إن الانحياز العنصري كان حاضرا ضد ترايفون في كل مراحل المحاكمة بدءا من الدعوى الجنائية مرورا بتحقيقات الشرطة وقرار الاتهام وانتهاء بصدور الحكم.