متاجر التحرير ورابعة تشكو قلة الزبائن

ميدان طلعت حرب بالتحرير
undefined

 

عبد العظيم محمد الشيخ-القاهرة
 
تزدحم المنطقة المحيطة بميدان التحرير، قلب القاهرة النابض، بحركة الناس والسيارات حتى لتخال أنك لن تستطيع خروجاً منها من شدة الازدحام والاختناق المروري.
 

وتجذب ناظريك في محيط الميدان رسوم كاريكاتورية بديعة ومعبرة عن الأحداث التي شهدتها مصر في العامين الماضيين، غير أن هذه الصورة الموحية بالنشاط تخفي وراءها مشهداً قاتماً من الركود والجمود.

في أحد الشوارع المطلة على الميدان يقف سيد رضوان أمام إحدى شركات السياحة وعلامات الحيرة ترتسم على وجهه. كيف لا وقد عرفت منه أنه يدير هذا المكتب واسمه "ترافيا لتوكيلات الطيران".

يقول رضوان إنه منذ ثورة يناير أُصيبت السياحة في مقتل. فقد كان مكتبه وكيل 11 شركة طيران أوروبية وآسيوية، جميعها آثرت وقف إرسال وفود سياحية إلى مصر بسبب الاضطرابات.

‪رضوان: منذ ثورة يناير أصيبت السياحة في مقتل‬ (الجزيرة نت)
‪رضوان: منذ ثورة يناير أصيبت السياحة في مقتل‬ (الجزيرة نت)

ويضيف أن نسبة التراجع في النشاط التجاري لمكتبه تجاوزت 98%.

يوافق محمود همام من شركة أفروديت للسياحة رضوان الرأي، مشيراً إلى أنه حتى السياح القليلون الموجودون في مصر الآن لا يأتون إلى شركات السياحة في ميادين الاعتصامات.

بلغت السياحة في مصر ذروتها عام 2010، إذ وصل عدد السياح آنذاك 14.7 مليون شخصاً، تراجعت بعدها بشكل كبير وبمعدلات ناهزت 33% العام الماضي بعدد 9.8 ملايين سائح، بحسب الإحصائيات الرسمية.

ولا يختلف حال المتاجر والمؤسسات التجارية الأخرى في ميدان التحرير عن مكاتب السياحة فيها.
يقول د. مصطفى الشيخ -وهو صاحب صيدلية البستان- إن نسبة التراجع في إيراداته بلغت أكثر من 90%، والسبب أن الأطباء هجروا عياداتهم المنتشرة حول المكان بسبب المظاهرات والاعتصامات التي يرى أنها "قصمت ظهر النشاط التجاري والسياحي في البلاد".

ويشكو أصحاب محلات الإلكترونيات وخدمات الاتصالات والحلاقة مرّ الشكوى من غياب الزبائن.
ويعتقد محمد صبحي في محل البراء للاتصالات أن النشاط التجاري كان قد بدأ يسترد زخمه بعد ثورة يناير، لكنه سرعان ما تراجع بشدة بعد اندلاع المظاهرات والاعتصامات المطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي.

ويجمع كل أصحاب المحلات بالتحرير على أن انفضاض سامر الاعتصامات سيعيد للميدان سيرته الأولى وللنشاط التجاري زخمه وبريقه.

على جانبي الطريق المؤدية لرابعة العدوية تنتشر المحلات والمراكز التجارية الضخمة التي اتخذ بعض المعتصمين أرصفتها مكاناً لجلوسهم نظراً لامتلاء الميدان بالجموع عن آخره

بيد أن واقع الحال لا يشي بنهاية قريبة لتراجع الاقتصاد المصري. فقد قلّص صندوق النقد الدولي مؤخرا تقديراته لنموه من 3% عام 2013 إلى 2% فقط.

كما وصل العجز المالي الآن إلى أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وقامت وكالة "ستاندرد آند بورز" بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر من "بي" إلى "بي سالب" (من B إلى B-)، مستشهدة في ذلك بالاضطرابات المدنية التي "أضعفت الإطار المؤسسي في مصر، والخطاب السياسي الذي يزداد استقطاباً، والذي يمكن أن يقلل من فعالية المؤسسات".

ولتكتمل الصورة عن أثر الاعتصامات على النشاط التجاري في محيط ميادين الاعتصامات، كان لا بد من الانتقال إلى ميدان رابعة العدوية حيث ظل أنصار مرسي يرابطون فيه منذ أكثر من عشرين يوما.

ما إن اقتربت سيارة الأجرة التي كانت تقلني إلى مدينة نصر شرق القاهرة حيث الميدان، حتى رأيت العشرات يتدفقون زرافات ووحداناً عليه.

أطفال ونساء ورجال، أسر بأكملها تتجه نحو رابعة العدوية، ذلك أنه يومٌ أراد المنظمون أن تكون فيه مليونية للمطالبة بعودة ما يسمونه بالشرعية.

على جانبي الطريق المؤدية لرابعة العدوية تنتشر المحلات والمراكز التجارية الضخمة والتي اتخذ بعض المعتصمين أرصفتها مكاناً لجلوسهم نظراً لامتلاء الميدان بالجموع عن آخره.

تختلف صورة النشاط التجاري في رابعة العدوية بعض الشيء عن نظيرتها في التحرير، وإن تباينت بين محل وآخر.

‪نجم: الزبائن الأصليون لا يترددون عليّ، وبت أعتمد على المعتصمين في الميدان‬  (الجزيرة نت)
‪نجم: الزبائن الأصليون لا يترددون عليّ، وبت أعتمد على المعتصمين في الميدان‬  (الجزيرة نت)

ومع أن د. محمود بيومي فيصيدلية البرلسي يقر بحدوث تراجع ملحوظ في حركة البيع بنسبة 60%، يرى أحمد العمدة -مدير مقهى شقاوة- أن سوقه منتعشة والأمور بالنسبة له جيدة رغم تعرض كراسي مقهاه للكسر من شدة الازدحام.

أما محمد نجم  -مدير محل هايبر لخدمات الهاتف المحمول- فيقول إن زبائنه الأصليين، وهم سكان الحي، لم يعودوا يرتادون المحل.

ويتابع قائلاً إن اعتماده بات الآن على المعتصمين في الميدان، الذين عوضوه عن غياب الزبائن الأصليين.

ورغم وجود حشود هائلة بالميدان وحوله، فإن أصحاب المتاجر المحيطة به يشيدون بسلوك المعتصمين ويصفونه بالحضاري.

لكن أكثر ما يضايقهم هو أن كل من يريد الدخول إلى الميدان عبر الشوارع المطلة عليه يخضعون للتفتيش الشخصي من قبل المنظمين للاعتصامات.

هي في المحصلة تجارة طالها البوار، مثلما أضر الصراع السياسي وما يصاحبه من استقطاب حاد بكل قطاعات الاقتصاد في مصر.

المصدر : الجزيرة