لماذا يذهب الفلسطينيون للمفاوضات الآن؟

القيادة الفلسطينية خلال اجتماعها الأخير لمناقشة مقترحات كيري.
undefined

ميرفت صادق-رام الله

رغم انصراف الشارع الفلسطيني عن الاهتمام بالإعلان الأميركي عن التوصل لاتفاق يفضي بعودة القيادة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات، فإن السؤال عن أسباب الذهاب إلى المفاوضات رغم استمرار عوامل رفضها على الأرض يسود بقوة بينهم.

ويعتقد سياسيون ومحللون فلسطينيون أن اجتماع المصلحة الأميركية والإسرائيلية وكذلك مصلحة السلطة الفلسطينية على إبقاء الوضع الفلسطيني على حاله هو ما ضخ الدماء في عملية المفاوضات من جديد.

يقول أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني (فتح) أمين مقبول إن قبول الرئيس محمود عباس باتفاق يؤدي إلى المفاوضات المباشرة جاء بعد تلقيه أفكارا من وزير الخارجية الأميركي جون كيري وعد بأن يتسلمها مكتوبة من ضمنها الدخول في المفاوضات على أساس حدود عام 1967 ومبدأ حل الدولتين، مع تعديلات "طفيفة" في الأراضي بالقيمة والمثل مع الإسرائيليين.

وقال مقبول للجزيرة نت إن هذه العروض شملت حوافز اقتصادية ستقدم للسلطة الفلسطينية في حال استؤنفت المفاوضات.

ورغم ذلك -أوضح مقبول- أبدت القيادة الفلسطينية جملة تحفظات حول الضمانات الأميركية التي استعد كيري لتسليمها مكتوبة وإعلانها على الملأ، بسبب عدم إعلان الحكومة الإسرائيلية موقفا واضحا منها حتى الآن.

وبغية ذلك، قال مقبول إن الرئيس عباس استأنف التشاور مع الخارجية الأميركية للوصول إلى صيغة واضحة يتمكن على ضوئها من اتخاذ القرار بخصوص استئناف المفاوضات، مرجحا أن يصدر رد إسرائيلي رسمي للإدارة الأميركية خلال ثلاثة أيام.

وفي سياق تبرير قبول الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات أيضا، يقول مقبول إن الكل -ابتداءً من الإدارة الأميركية وحتى الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي مؤخرا، وكذلك دول مثل اليابان والصين وروسيا- كانوا يحثون أبو مازن على الذهاب إلى المفاوضات.

ويعتقد مقبول ومعه القيادة الفلسطينية أن إعلان الإدارة الأميركية شريكا كاملا لهم باعتبارها طرفا ثالثا غير منحاز لأحد وكذلك الضمانات التي عرضها كيري قد تعتبر فرصة لتمارس الولايات المتحدة مع العالم ضغطها على إسرائيل لتلزمها بقرارات الشرعية الدولية وصولا إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.

‪مقبول: قيادة ابو مازن لا تريد تحمل فشل المفاوضات‬ (الجزيرة نت)
‪مقبول: قيادة ابو مازن لا تريد تحمل فشل المفاوضات‬ (الجزيرة نت)

الخلاف ليس مع أميركا
وبصورة مخالفة، يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنا عميرة أن لا فائدة من رسالة تطمينات أو ضمانات أميركية للسلطة الفلسطينية، لأن الخلاف بالنسبة للفلسطينيين ليس مع أميركا بل مع إسرائيل التي ترفض حتى الآن المطالب الفلسطينية.

وأكد عميرة للجزيرة نت أن اللجنة التنفيذية لم تقر حتى اليوم موضوع الذهاب للمفاوضات من جديد، رغم الإعلان أن اللقاء الأول بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات والوفد الإسرائيلي المفاوض سيتم مطلع الأسبوع في واشنطن.

وقال: أية مفاوضات بدون ذلك وبدون وقف الاستيطان الإسرائيلي ستكون مضيعة للوقت وستؤدي إلى توسيع وزيادة في النشاط الاستيطان وهذا سيضر بالموقف الفلسطيني.

وحسب سكرتير المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي فإن النوايا الإسرائيلية واضحة بشأن السعي لإنجاز اتفاق جزئي انتقالي آخر مع الفلسطينيين يشكل غطاءً لعملية التوسع الاستيطاني.

إبقاء الوضع الراهن
ويذهب المحلل السياسي والباحث بمركز بدائل في رام الله خليل شاهين إلى الاعتقاد بأن السبب الرئيس لاستئناف المفاوضات الآن هو اتفاق المصالح الأميركية والإسرائيلية ومصلحة القيادة الفلسطينية على إبقاء الوضع الراهن على حاله بانتظار التطورات العربية والإقليمية.

وفلسطينيا، يقول شاهين، إن قيادة الرئيس عباس تفتقر لأية إستراتيجية قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية، وهي في الوقت ذاته بحاجة إلى إبقاء السلطة الفلسطينية على حالها وهذا يدفعها باتجاه الدخول في عملية سياسية توفر غطاء سياسيا يبرر استمرار بقاء السلطة بحد ذاتها كهدف.

أما على الصعيد الإسرائيلي، فيرى شاهين أن المفاوضات ستوفر الغطاء السياسي الذي تحتاجه إسرائيل لمواصلة سياسة فرض الوقائع على الأرض بقوة الاستيطان والتهويد.

ويعتقد أن الجانب الأميركي بحاجة إلى استقرار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية حتى لو لم تأتِ المفاوضات بأية نتائج من أجل التفرغ لمعالجة الملفات ذات الأولوية في سياستها الشرق أوسطية مثل مصر وسوريا.

‪شاهين: اجتماع المصلحة الأميريكية الإسرائيلية الفلسطينية دفع لاستئناف المفاوضات‬ (الجزيرة نت)
‪شاهين: اجتماع المصلحة الأميريكية الإسرائيلية الفلسطينية دفع لاستئناف المفاوضات‬ (الجزيرة نت)

تفرد يمس بالحقوق
رغم كل هذا، يضيف شاهين أنه لم يكن بالإمكان أن تذهب القيادة الفلسطينية إلى المفاوضات بهذه الظروف "لولا وجود مشكلة في آلية صناعة القرار الفلسطيني والتفرد به وإقصاء مختلف الفصائل وتحويل مؤسسات منظمة التحرير إلى مجرد حلقات تابعة لخدمة قرار الرئاسة المتفرد".

ويدلل شاهين على ذلك بما يسود من أنباء عن موافقة الرئيس الفلسطيني على مقترحات كيري أثناء لقائهما في العاصمة عمان الأسبوع الماضي وقبل اجتماعه اللاحق بالقوى الفلسطينية في رام الله للحصول على موافقتها.

ويعتقد أن أقصى ما يمكن التوصل إليه هو الذهاب إلى حل انتقالي "أسوأ من اتفاق أوسلو" سيدفع فيه الفلسطينيون أثمانا وتنازلات مرحلية حتى قبل دخولهم غرف المفاوضات.

المصدر : الجزيرة