احتجاجات تركيا تثير مخاوف اقتصادية

Protesters shout anti-government slogans during a demonstration in Ankara on June 4, 2013. Turkey's Islamic-rooted government said Tuesday it had "learnt its lesson" and appealed for an end to mass street protests that have convulsed the country for days in the worst political crisis in a decade. The United Nations joined Washington in pressing for a full investigation into allegations of excessive use of police force against anti-government demonstrators while Turkey's main union federation launched a two-day strike over what it branded "state terror". AFP PHOTO / ADEM ALTAN
 

undefined

أحمد السباعي -الجزيرة نت

لم تمر في تركيا أيام معدودات من الاحتجاجات حتى تأثر اقتصادها بطريقة حادة وخسرت بورصتها أكثر من 10%، وتراجع سعر صرف ليرتها مقابل الدولار إلى أدنى مستوى له في ستة عشر شهرا, وارتفعت تكلفة التأمين على ديون البلاد من مخاطر عدم السداد إلى أعلى مستوى لها في شهرين.

ورغم تعافي البورصة أمس الثلاثاء وإغلاقها على ارتفاع بلغ نحو 5% مدفوعة بتصريحات التهدئة التي أدلت بها الحكومة في اليوم الخامس من حركة احتجاج تهز تركيا، فإن الاقتصاد التركي حسب خبراء اقتصاديين غير مبني على أساس اقتصادي صلب بل هو -كما هي حال اقتصادات دول المنطقة- سياسي أمني بامتياز.

ورغم "الإنجازات الاقتصادية" التي حققتها حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة على الحكم منذ 2002، وفي مقدمتها مضاعفة دخل الفرد ثلاث مرات بفضل نمو اقتصادي فاق 8% في عامي 2010 و 2011 ووضع تركيا في المرتبة 17 بين أفضل الاقتصادات في العالم، فيبدو أن الطريق ما زال طويلا ومحفوفا بالمخاطر قبل الانتقال من الاقتصاد النامي إلى المتقدم.

ويؤكد هذا الموضوع كشف وزير الداخلية التركي عن أن الأضرار الناجمة عن الحركة الاحتجاجية -التي بلغ عددها 603 حركات وقعت في 77 من أصل 81 إقليمًا تتألف منها تركيا- وصلت إلى نحو ثلاثين مليون يورو.

محمد زاهد غل: مطالب المحتجين ليست اقتصادية بل سياسية
محمد زاهد غل: مطالب المحتجين ليست اقتصادية بل سياسية

ضغط سياسي
عضو حزب العدالة والتنمية الصحفي محمد زاهد غل أكد أن هذه الاحتجاجات قد يكون لها تأثير اقتصادي كبير إذا امتدت أشهرا طويلة، واعتبر أن هذه الأرقام تهدف للضغط السياسي على حكومة رجب طيب أردوغان، أكثر مما هي واقعية على الأرض.

وأوضح أن مطالب المحتجين ليست اقتصادية بل سياسية ومعالجتها لها وجه سياسي لا اقتصادي لأن "العدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد والنمو الاقتصادي تحصيل حاصل في تركيا".

وأضاف أن قطاع المال والأعمال وخصوصا المصارف تهيمن عليه المعارضة التركية وتحديدا حزب الشعب الجمهوري، ولفت إلى أن هذه الاحتجاجات والمظاهرات قد تضرب السياحة التي تعد عصب الاقتصاد التركي (20% من الدخل القومي) لأن المشاهد التي تنقل عبر وسائل الإعلام ستثني السائح عن القدوم إلى البلاد خصوصا أن تركيا مقبلة على موسم سياحي.

هذه الإرهاصات الاقتصادية للاحتجاجات يمكن أن تكسر الاقتصاد التركي وتعيده سنوات إلى الوراء إذا طال أمدها وفق ما يرى الكاتب والمحلل إبراهيم أقابابا، وخصوصا أن تركيا تعتمد على التجارة والصناعة والاستيراد والتصدير والسياحة والاستثمارات الأجنبية أي القطاعات التي تحتاج استقرارا سياسيا وأمنيا.

تاريخ مرير
وعزا المحلل التركي هذا التراجع إلى اضطراب الأسواق والمستثمرين وصدمتهم من الأحداث التي تحولت من حركة احتجاج "بيئية" إلى مظاهرات مناهضة لسياسات الحكومة، وأضاف أن الأسواق استرجعت سريعا الأحداث التي مرت بها البلاد عامي 1998 و2000، حيث تراجعت البورصة بعشرين وثلاثين وأربعين بالمائة في يوم واحد.

ورغم عدم تأثر تركيا بالأزمة المالية التي ضربت العالم يشير أقابابا إلى أن الأزمة الداخلية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الذي ما زال في مرحلة انتقالية  للتحول من مرحلة التخلف إلى التطور.

وهذا ما يفسر -حسب أقابابا- مسارعة الرئيس عبد الله غل والحكومة إلى "لملمة الموضوع والاعتذار للمتظاهرين" لأن التجارة التركية ليست كالأميركية أو الأوروبية فهي تتأثر بأي عاصفة داخلية أو إقليمية.

وأشار إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم وكافة الأطراف السياسية بالبلاد ستعمل على إنهاء الأزمة سريعا لأن ضررها الاقتصادي سيصيب الجميع دون استثناء، ولن يخرج أحد منها فائزا.

وبما أن هذه الاحتجاجات لن تؤدي لإسقاط الحكومة وتغييرها لأن تركيا بلد ديمقراطي وتداول السلطة يتم عبر الصناديق أو الانقلابات العسكرية كما كان يحصل في السابق حسب أقابابا، فإذا ثبت أن المعارضة تؤجج الاحتجاجات التي تضر الاقتصاد فإنها ستكون الخاسر الأكبر في الانتخابات وفقا لرؤية المحلل التركي.

المصدر : الجزيرة