ذكرى النكسة تمر بلا إحياء

الاحتلال صادر منذ عام 1967 ثلث أراضي الفلسطينيّين في القدس
undefined

محمد النجار – عمان

مرت الذكرى الـ46 للنكسة التي توافق الخامس من يونيو/حزيران من كل عام بدون إحياء، فلم يحيها المتضررون من اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تحيها وسائل الإعلام ولا النشطاء المشغولون بهموم كثيرة أكثر إلحاحا من ذكرى النكسة ذاتها.

وكانت إسرائيل قد تمكنت بعد حرب الأيام الستة في يونيو/حزيران 1967 من احتلال الضفة الغربية، بما فيها الجزء الشرقي من القدس من الأردن، وقطاع غزة من مصر، إضافة لمرتفعات الجولان من سوريا وأجزاء من سيناء من مصر، وإن كانت الأخيرة استعادت الأجزاء المحتلة من أراضيها في حرب 1973 مع إسرائيل.

ودأب اللاجئون الفلسطينيون على إحياء ذكرى ضياع الجزء الشرقي من القدس الذي يحتضن البلدة القديمة بما فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهجرت مئات الآلاف من الفلسطينيين في الموجة الثانية من احتلالها لفلسطين الذي بدأ عام 1948.

وغابت الذكرى عن حياة اللاجئين في المخيمات الـ13 التي تحتضنهم في الأردن، وبخلاف ذكرى النكبة التي دأب اللاجئون على إحيائها بفعاليات عديدة، باتت ذكرى النكسة أقرب لأحد الأيام المذكورة على لوائح "حدث في مثل هذا اليوم".

اللاجئون القادمون من سوريا قالوا إنهم يعيشون نكبة جديدة (الجزيرة)
اللاجئون القادمون من سوريا قالوا إنهم يعيشون نكبة جديدة (الجزيرة)

أحداث تغيب النكبة
وهيمنت أحداث أخرى على ما كتبه الشبان والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، كان أبرزها على الإطلاق سيطرة القوات السورية النظامية ومقاتلي حزب الله اللبناني على القصير في ريف حمص، إضافة لمتابعة أوضاع الأسرى الأردنيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال منذ 35 يوما.

في سنوات سابقة كانت المنازل في مخيمات وتجمعات اللاجئين تتشح بالسواد، وتصل الأمور حد الدعوة للإضراب، وتنتقل جموع النشطاء للتظاهر بالقرب من السفارة الإسرائيلية، لكن هذه الأحداث التي غابت اليوم تؤكد حقيقة أن الجزء الأكبر من الشارع العربي يتفاعل مع وقع الانتهاكات أو الحروب أو الاعتداءات الإسرائيلية لا أكثر.

وبتحليله للمشهد يرى وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة أن مفهوم دول الطوق الذي نشأ بعد النكسة يغيب اليوم عن مشهد عربي بات مشغولا بنفسه أكثر من شغله بقضية العرب المركزية.

وقال للجزيرة نت إن "أولويات جديدة طرأت على الساحة العربية حولت أحداثا فارقة مثل نكسة عام 1967 إلى مجرد ذكرى يحييها الناس ويتحدثون عنها لوقت محدد ثم تغيب إلى موعدها في العام الذي يليه".

وبرى المعايطة أن ما طرأ على القضية الفلسطينية من أحداث غير من أولويات المواطن الفلسطيني والعربي.

وزاد "اليوم نعيش في عالم عربي تنشغل فيه الدول بأولوياتها الوطنية ليس إهمالا للقضية الفلسطينية وإنما بسبب التداعيات الداخلية لتلك الدول وخاصة المركزية منها".

المعايطة: الوضع الفلسطيني الداخلي ساهم بدرجة ما في صرف المواطن العربي عن القضية المركزية (الجزيرة)
المعايطة: الوضع الفلسطيني الداخلي ساهم بدرجة ما في صرف المواطن العربي عن القضية المركزية (الجزيرة)

مجرد بكائية
ويلفت إلى أن الوضع الفلسطيني الداخلي ساهم بدرجة ما في صرف المواطن العربي عن القضية المركزية "فالفلسطينيون يعانون إضافة للاحتلال من انقسام بين سلطة تعيش على وقع خيار تفاوضي متعثر، وحكومة حماس التي تسيطر على غزة دون مقاومة".

ويذهب الوزير الأردني السابق إلى أن إسرائيل باتت أكثر ارتياحا من أي وقت مضى، نظرا لأنها تعيش وسط عالم عربي خال من تهديد كيانها وغير قادر على الضغط عليها.

ويحذر المعايطة من أن تتحول القضية الفلسطينية برمتها إلى مجرد ذكرى يتباكى فيها الناس على فلسطين، وينتقد بشدة طريقة إحياء العالم العربي لذكرى النكبة وهي الأخطر في نظره.

وقال "باتت ذكرى النكبة تركز على كبار السن الذي يحملون مفتاح بيوتهم في فلسطين ويتحدثون عن ذكرياتهم في الوطن الأسير، والخشية أن تتحول فلسطين لمجرد بكائية جديدة".

ويشير إلى أن الفلسطينيين ما عادوا مشغولين بهذه النكسات خاصة ممن هجروا بسببها نظرا لانشغالهم إما بلجوء جديد كما يحدث لمن هم في سوريا، أو بالبحث عن الاستقرار والعيش الكريم ممن هم في باقي أرجاء العالم.

لكن شبانا عربا من الأجيال التي ولدت بالعقدين الماضيين يبدون أكثر أملا بالمستقبل، فهم يصرون على الربيع العربي الذي يزيح أنظمة يرون فيها العقبة بين الشعوب وفلسطين، بل إن بعضهم كتب اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي بأن ذكرى النكسة بدأت بالزوال مع النكسة الأكبر بزوال الأنظمة التي تحمي إسرائيل، على حد وصفهم.

المصدر : الجزيرة