مشروع النقب يهدد بنكبة جديدة

مظاهرة أمام الكنيست وتظهر فيها النائبة حنين زعبي " روح التحدي أغلى ما نملك وهي ستحمينا

undefined

وديع عواودة- حيفا

أرجأ البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) إلى الأسبوع القادم التصويت على مشروع "برافر–بيغن"  الحكومي الذي يعتبره فلسطينيو الداخل أخطر "مشروع كولينيالي" تقوم به إسرائيل منذ 1948 حيث يهدد النقب بنكبة جديدة لمصادرته مليون دونم وتهجير عشرات آلاف العرب من سكانه.

وعشية القرار الحاسم يصعّد فلسطينيو الداخل التصدّي والمجابهة لإنقاذ النقب مما يصفونه بأنه "نكبة ثانية"، ويستعدون للمزيد من المظاهرات والاعتصامات، ولإضراب عامّ احتجاجا على هذا المخطط الخطير.

ويقضي  مخطط "برافر–بيغن"  بتهجير 40 ألف فلسطيني والاستيلاء على أراضيهم البالغة مساحتها نحو مليون دونم في صحراء النقب التي تشكل نحو ثلثي مساحة فلسطين التاريخية وذلك بحجة تجميع البدو وحماية "أرض الدولة" من الغزو.

كما يهدف إلى تركيز أهالي النقب الأصليين في "غيتوهات" دون مقومات حياة حقيقية، ولذا تعتبره لجنة "المتابعة العليا" -وهي أعلى هيئة تمثيلية لفلسطينيي الداخل- أسوأ من المخططات الكولونيالية.
وبفضل الزيادة الطبيعية العالية جدا يعيش في النقب اليوم نحو 180 ألف نسمة رغم أنهم عددهم كان 12 ألف نسمة فقط عام 1948 بعدما هجرت إسرائيل نحو 100 ألف نسمة منهم وقتها.

كهرباء وماء
وكما هو الحال في القدس التي تتعرض للتهويد وهدم منازل العرب بحجة عدم توفر التراخيص  والبناء لليهود، يهدف المخطط المذكور إلى إقامة 11 تجمعا سكانيا يهوديا في النقب.

يشار إلى أن 45 قرية عربية بدوية في النقب بلا ماء ولا كهرباء ودون أي بنى تحتية، ترفض إسرائيل الاعتراف بها وتعتبر وجود أصحابها فوقها منذ قرون "سطوًا وغزوًا".

وهذا ما يثير استهزاء الشيخ صياح مديغم الطوري أبي عزيز (61 عاما) شيخ قرية النقب التي هدمتها إسرائيل خمسين مرة، مؤكدا أن عشيرته تقيم فوق تراب أجدادها قبل مجيء الصهيونية بقرون.
ويتابع "لن أرحل ولو عرضوا علي عشرة دونمات عن كل دونم، وأنا أحق بها. فكيف أترك أرضي وأقيم في أرض الغريب؟".

‪اعتصام أمام الكنيست ضمن سلسلة الفعاليات الاحتجاجية اليومية على مخطط
‪اعتصام أمام الكنيست ضمن سلسلة الفعاليات الاحتجاجية اليومية على مخطط "برافر-بيغن"‬ (الجزيرة نت)

النضال الشعبي
ويبدي أبو عزيز ثقة بنجاح النضال الشعبي لإفشال مخطط "برافر-بيغن" بموازاة ادعائه القضائي لإثبات ملكيته على الأرض في القرية الممتدة على مساحة 1050 دونما  ويسكنها قرابة 300 شخص.

ويعتبر فلسطينيو الداخل البالغ عددهم اليوم 1.3 مليون نسمة (17%) هذا المخطط الأكثر عدوانية وعدائية تجاههم لأنه ينوي مصادرة أكبر احتياطي أرض بقي للفلسطينيين، بعد أن صادرت إسرائيل معظم أراضيهم بمساعدة قوانين جائرة مختلفة.

ويرى التجمع الوطني الديمقراطي الذي يحشد من أجل النقب أن مجرد تفكير إسرائيل في هذا المشروع "وقاحة واستهتار" بإرادة الفلسطينيين وكرامتهم، إلى جانب الاستهتار بمكانتهم على وطنهم وبحقوقهم، ويرى في إمكانية تنفيذه نقطة تحول في واقع الفلسطينيين. 

ساعة الحقيقة
ولذا تدعو القيادية في التجمع حنين زعبي كافة القوى السياسية والأطر والنشاطات الأهلية الفاعلة، والهيئات الشبابية إلى الوقوف بحزم في وجه هذا المخطط من خلال رفع سقف الاحتجاج ومؤازرة أهالي النقب على أرضهم.

وتقول "نحن نقترب من لحظة تمرير "قانون برافر" الاقتلاعي ضد أهلنا في النقب، وهي لحظة الحقيقة والمواجهة التي تفرضها إسرائيل في تحدٍّ سافر لإرادة جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل".

‪قرية بدوية في النقب محرومة من البنى التحتية بذريعة كونها غير معترف بها‬ (الجزيرة نت)
‪قرية بدوية في النقب محرومة من البنى التحتية بذريعة كونها غير معترف بها‬ (الجزيرة نت)

وردا على سؤال الجزيرة نت اعتبرت أن صمود فلسطينيي الداخل على أرضهم، والإصرار على البناء، والنزول إلى الشارع، هو واجب وطني وخلقي جماعي وفردي.

وشددت على أن لحظة الحقيقة دنت وعلى أن "مخطط برافر-بيغن" خطوة عدوانية لن تمر، وأن الخيار الآن هو بين معركة كبيرة وخسارة مليون دونم إضافي.

وقادت زعبي السبت عمليات مساندة تطوعية لأهالي النقب تحيي صمودهم على أرضهم، في العراء ودون ماء، وتشيد  بإصرارهم على العيش بالعراء وإعادة بناء ما هدمته القوات الإسرائيلية عشرات المرات رغم الإمكانيات الضعيفة وشراسة المعتدين.

وتابعت في هذا السياق "هذا التحدي هو ما بقي لشعبنا، وهو ما سيحمينا".

"تصحيح خطأ"
وهذا ما يؤكده الناشط جمعة الزبارقة من النقب الذي قال للجزيرة نت إن إصرار الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ "المخطط الاستعماري" يعود إلى عدوانية النظام الصهيوني وعنصريته المزمنة ضد أهالي البلاد الأصليين مشددا على "حيوية الرد الشعبي القوي من جانب الواقعين تحت نير الظلم والنهب المستمرّ لأراضينا وأملاكنا".

وحذر من أن إسرائيل اليوم تبحث عن فرصة مواتية لتصحيح "خطأ" وحسم ما تسميه "معركة التحرير" واستكمال ما ارتكبته من تهجير وسيطرة على الأرض عام 1948 وهو استمرار لعدوان وحشي على الإنسان الفلسطيني في وطنه.

المصدر : الجزيرة