علويو تركيا.. صراع التاريخ والسياسة

علويات بتركيا يحضرن طعام بمناسبة عاشوراء
undefined

وسيمة بن صالح-إسطنبول
 
لم يفوّت العلويون خاصة الشباب منهم فرصة الانضمام للاحتجاجات في ميدان تقسيم بإسطنبول، التي اندلعت في 31 مايو/أيار المنصرم، وبدأت على شكل اعتصام سلمي ضد قطع أشجار لتتحول لاحتجاجات في مختلف المدن التركية.
 
لكن باحثين وصحفيين أتراكا وعلويين نفوا أن تكون الحركة علوية، لأنها تجسد "انفجارا اجتماعيا" كما وصفوها. لكن وفي الوقت نفسه وجدوا مشاركة الشباب العلوي بشكل كبير فيها طبيعيا، "كونهم ينتمون لفئة لم تحصل على حقوقها ومطالبها"، حسب قولهم.
 
وفي حديث مع الجزيرة نت، عبر الشاب العلوي التركي سلجوق كارتيبي عن رفضه لسياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي وصفها بأنها "تميز بين مختلف الفئات بتركيا. كما اتهمه باستغلال النظام الديمقراطي لبناء "ديكتاتوريته الخاصة وإسكات صوت المعارضة".
 
وذكر الشاب أن علويي تركيا منزعجون ورافضون دعم أردوغان لمن سماهم "الجماعات المتطرفة الدينية" بسوريا.
 
ورأى أن وقوف أردوغان في صف إقامة نظام سني بسوريا "ودعم تلك المجموعات لوجستيا وبالسلاح" يعد تدخلا مباشرا في "صراع طائفي بسوريا"، حسب تعبيره.
 
‪أيتاف: جالديران القشة التي قصمت ظهر البعير‬ أيتاف: جالديران القشة التي قصمت ظهر البعير (الجزيرة نت)
‪أيتاف: جالديران القشة التي قصمت ظهر البعير‬ أيتاف: جالديران القشة التي قصمت ظهر البعير (الجزيرة نت)

العلويون بين مجموعتين

وينقسم العلويون إلى مجموعتين: الأولى التي تعد امتدادا للعلويين في سوريا، وهي الجزء الأصغر من بين العلويين ويقدر عددها بـ250 ألفا، تقيم خاصة في لواء إسكندرون.
 
أما الثانية فهم علويو الأناضول الذين ينقسمون بين أتراك وأكراد وبعض التركمان وهي الفئة الكبرى، وتشكل هذه الأخيرة كيانا علويا مستقلا، بمؤسساته وقومياته وشخصياته رغم وجود تشابه مع العلويين في سوريا فيما يتعلق بالعقائد والعبادات.
 
من جهة أخرى أكد أحد دراويش الفرقة العلوية المعروفة باسم بيكتاش -نسبة لمؤسسها حاجي بكتاش- الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن جماعته عادة ترجح البقاء بعيدا عن الأحداث السياسية والتعليق عليها. لكنهم يطالبون في الوقت نفسه كلا من الحكومة والفئات المعارضة لها بضبط النفس والرصانة، وحل الأمور سلميا، "لكي لا يعطوا الفرصة للدول الأجنبية بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلادهم".
 
وبسبب عدم الإشارة إلى دين المواطن أو مذهبه في تعداد السكان بتركيا، يوجد تضارب في أعداد العلويين فيها. ففي حين تقدر رئاسة الشؤون الدينية التركية عددهم بسبعة ملايين علوي، يقول العلويون إن أعدادهم تتراوح بين 15 و25 مليونا.
 
تراكمات التاريخ
أركام طوفان أيتاف، كاتب وباحث تركي في الشأن العلوي، أشار في حديث له مع الجزيرة نت إلى أن القشة الذي قصمت ظهر البعير في العلاقات العلوية-السنية بتركيا تعود لمعركة جالديران عام 1514، والتي جرت بين قوات الدولة الصفوية بقيادة إسماعيل الأول وقوات الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم ياوز الأول وانتهت بانتصار الأخير.
 
وكان العلويون قد اصطفوا إلى جانب إسماعيل الأول، وبهزيمته "تعرضوا للقتل وممارسات قمعية" جعلتهم يفرون للجبال والغابات ويبنون قراهم هناك منغلقين على أنفسهم.
 
ويرى أيتاف أن تواصل تلك الممارسات حتى تحت ظل الجمهورية التركية العلمانية، جعلت الشباب العلوي الذي هاجر بعد ذلك للمدن الكبرى يختزن غضبا كبيرا ضد الحكومات التركية، غذته أفكار "المنظمات والجماعات ذات الفكر الماركسي".
 
كما أفاد أيتاف بأن إيران حاولت ولا تزال تحاول استمالة العلويين الأتراك لصفها، مستغلة ظروفهم في تركيا. لكنه استبعد أن يتم ذلك، فـ"علويو تركيا قوميون، وصعب أن تنجح إيران في ذلك بسهولة" لكن في الوقت نفسه دعا الحكومة التركية لاستيعاب مطالب هذه الفئة وعدم الاستخفاف بمشاعرها.
 
‪سولغون: علويو تركيا قلقون من سياسة أردوغان‬ (الجزيرة نت)
‪سولغون: علويو تركيا قلقون من سياسة أردوغان‬ (الجزيرة نت)

الجسر الثالث
بدوره انتقد الكاتب الصحفي العلوي المشهور جعفر سولغون إصرار الحكومة التركية على إطلاق اسم "السلطان ياوز سليم" على الجسر الثالت الذي انطلق بناؤه في مدينة إسطنبول، ووصفه بالخاطئ، وتساءل "هل الدولة مجبرة على هذه التسمية؟ هل يعقل ألا تحصل على اسم شخصية تاريخية تحترمها كل الفئات بتركيا؟ هل هي مجبورة على تذكير قسم من الشعب التركي بتاريخه المؤلم باستمرار؟".

 
ويشار إلى أن الذكرى الخمسمائة لمعركة جالديران ستكون في أغسطس/آب العام المقبل.
 
أما فيما يخص القضية السورية فقد أكد سولغون أن علويي تركيا الأكراد والأتراك، بدؤوا مؤخرا بالقلق من سياسة الحكومة التركية، التي برأيهم تدعم "القسم السني في المنطقة". وقال إنهم لا يدعمون بشار لأنه ديكتاتور، لكنهم يخافون من نتائج التدخل التركي فيما يخص الصراع المذهبي في سوريا.
 
وأفاد بأن العلويين العرب خاصة في أنطاكيا، يعارضون الحكومة التركية بشكل علني، كونهم لديهم علاقات عائلية بالعلويين بسوريا، ويرون أن أردوغان يريد الإطاحة بنظام الأسد لأنه علوي، حسب تعبيره.
 
كما أشار إلى أن العلويين بتركيا، منقسمون وليسوا يدا واحدة، وهذا يجعلهم ضعفاء ودون تأثير في السياسة بتركيا، كونهم أيضا لا يتوفرون على حزب سياسي يمثلهم ويطالب بحقوقهم رسميا.
المصدر : الجزيرة