مخاوف من نقل مخيمات النازحين بمقديشو

نازحون في مخيم أيانلي.
undefined

قاسم أحمد سهل- مقديشو

تجري جهود لنقل عشرات من مخيمات النازحين المنتشرة في عدد من أحياء العاصمة الصومالية مقديشو إلى أماكن محددة من ضواحيها، وذلك بعد أن توصل مجلس الوزراء مؤخرا لهذا القرار  وسط مخاوف من مدى قدرة الحكومة على توفير الحماية اللازمة والخدمات الأساسية بالأماكن الجديدة.

وقد ساق الناطق باسم إدارة العاصمة محمد يوسف، في حديث للجزيرة نت، جملة من الأسباب التي تبرر قرار نقل النازحين، من بينها أن تجمعات السكانية العشوائية بالمخيمات "غير ملائمة للعيش" و"غير صحية" وتنعدم فيها النظافة الأمر الذي يساعد في انتشار الأمراض القاتلة بسهولة كما تشوه صورة العاصمة التي بدأت تتعافى من آثار الحرب، وفق قوله.

وأكد يوسف أن عملية نقل النازحين ستنفذ خلال سنة وستقام بالأماكن التي سيتم تحديدها في بيوت متنقلة على معايير دولية تتوفر فيها المستلزمات الأساسية، مشيرا إلى أن النازحين بالمخيمات يعيشون وضعا إنسانيا غاية في الصعوبة وظروفا قاسية جدا ينعدم فيها توفر الغذاء والماء والخدمات الطبية.

وبيّن المتحدث ذاته للجزيرة نت أن استمرار عيش النازحين بأكواخهم الحالية التي لا تقاوم الحر والبرد، يجعل وضعهم أكثر صعوبة، الأمر الذي أجبر الحكومة على تحمل مسؤولياتها واتخاذها قرار نقل النازحين لتحسين وضعهم وتوفير ما يحتاجون إليه وفق رأيه.  

الحكومة وعدت بتوفير جميع متطلبات النازحين بأماكنهم الجديدة (الجزيرة)
الحكومة وعدت بتوفير جميع متطلبات النازحين بأماكنهم الجديدة (الجزيرة)

تحد
وتشكل مخيمات النازحين تحديا لأمن العاصمة، لأنها يمكن أن تحتضن عناصر تعمل على الإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار والاختباء فيها بكل سهولة عند تنفيذ هجماتهم.

من جهته قال رئيس إدارة هيئة الكوارث الحكومية والمكلفة بشؤون النازحين عبد الله محمد جمعالة إنه تم تحديد ثلاثة مواقع بأطراف المدينة لإيواء النازحين بأحياء داينيلي وطركينلي وهوروا بشمال وجنوب العاصمة، مضيفا أن  الحكومة عازمة على إقامة بيوت لأسر النازحين بالمواقع المحددة مع توفير الغذاء والماء والخدمات الطبية والتعليم.

ولفت في حديثه للجزيرة نت أنه سيتم توفير حماية كاملة للنازحين، منعا لحوادث الاغتصاب ونهب المساعدات التي تسجل بالمخيمات الحالية بين الحين والآخر.

واعتبر أن وجود مخيمات عشوائية كثيرة تتبع شخصيات متعددة، أمر يخلق مشاكل أمنية، أما بعد نقل المخيمات ستكون إدارة شؤون المخيمات تحت إدارة الحكومة، التي ستتعاون في عملية نقل النازحين مع المنظمات الدولية.

وذكر جمعالة أنهم يقدرون عدد النازحين المزمع نقلهم ما بين 65 ومائة ألف أسرة يشكل الذين شردهم الجفاف والمجاعة عام 2011 الغالبية العظمى، مؤكدا أنهم الآن في عملية إحصاء النازحين بالمخيمات للتعرف على عدده الحقيقي، ومن ثم تهيئة البيوت على أساس هذا الإحصاء والقيام أيضا بدعم الذين يقررون العودة إلى مناطقهم الأصلية.

مخاوف
وبالرغم من أن الحكومة مصممة على نقل المخيمات من داخل العاصمة إلى أطرافها فإن النازحين يبدون مخاوفهم حيال هذا الأمر، محذرين من تسرع الحكومة في نقلهم إلى أماكن بعيدة عن المدينة لا يجدون فيها مساعدات ولا حماية، إلا أن بعضهم بدا متفائلا بالظروف الجديدة.

وذكرت النازحة عبدية محمود، بحديث للجزيرة نت، أنهم لا يرون مشكلة في نقلهم إلى أماكن جديدة لتحسين أوضاعهم المعيشية، إلا أنها لم تخف خشيتها من عدم توفير الحكومة المأوى والغذاء والخدمات الأخرى بالأمكنة الجديدة، إذ أن وضعهم يكون أسوأ إذا ابتعدوا عن المدينة التي يمكن أن يجدوا فيها عملا يكون لهم مصدر رزق ولو مؤقتا.

‪النازحة عبدية:‬ نعيش بوضع سيئ ولم نجد منذ سنة أية مساعدات (الجزيرة)
‪النازحة عبدية:‬ نعيش بوضع سيئ ولم نجد منذ سنة أية مساعدات (الجزيرة)

وقالت عبدية، وهي من مخيم أيانلي بجنوبي العاصمة "نعيش في وضع سيئ ولم نجد منذ سنة أية مساعدات ولا نستطيع العودة إلى مناطقنا لأننا فقدنا كل ما كنا نملك من مواش ومزارع، لذلك نريد وضعا أفضل من هذا" مشيرة إلى أن بعض النازحين بمخيمهم يعتمدون على أنفسهم في الحصول على لقمة عيشهم بشكل غير دائم.

أما النازحة خديجة آدم، من مخيم ويدو في حي هودن بجنوب مقديشو، فقد ذكرت أنهم لم يبلّغوا بقرار نقلهم إلى خارج المدينة غير أنهم سيرحبون به إن كانت الحكومة قادرة على توفير الغذاء والدواء والتعليم لهم ولأبنائهم.

وعبرت عن خشيتها من أمن المواقع التي يتم نقل النازحين إليها قائلة "إذا تركتنا الحكومة في المواقع الجديدة دون حماية فسوف نتعرض لأعمال السرقة والاغتصاب وغيرها". 

وكان الجفاف الذي ضرب عدة مناطق بجنوب الصومال منتصف عام 2011، قد شرد الآلاف من قراهم إلى مقديشو، حيث سكن المتضررون بمخيمات كثيرة موزعة على أحياء العاصمة، ورغم أنهم تلقوا مساعدات جدية بداية الأزمة فإن تلك المساعدات توقفت بعد إعلان الأمم المتحدة انتهاء المجاعة التي سببها الجفاف بالصومال وذلك مطلع عام 2012.      

المصدر : الجزيرة