مظاهرة الإسلاميين بمصر.. رسائل واستعراض
وكان لافتا أن الهتافات التي رددها المتظاهرون جمعت بين التعبير عن تأييد مرسي والدفاع عن شرعيته في مواجهة من يريدون إبعاده، وكذلك الهتاف بالفداء للإسلام والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، إضافة إلى المطالبة بتطهير المؤسسات الموروثة عن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وفي مقدمتها القضاء والإعلام.
ولم يكن من الصعب على متابع المظاهرة أن يلتقط رسالة موجهة إلى من يستعدون للتظاهر ضد الرئيس نهاية الشهر على خلفية جمع ملايين التوقيعات للمطالبة برحيله، حيث اعتبر متحدثون أثناء التظاهرة أن هذه الدعوات تمثل خروجا على الشرعية وتأجيجا للعنف فضلا عن مخالفتها للدين، حسب عدد من المتحدثين.
وخرجت أكثر الرسائل وضوحا من القيادي بالحرية والعدالة محمد البلتاجي الذي قال "سنحمي الشرعية بأرواحنا ودمائنا… ولن نسمح بالقفز عليها"، والقيادي بالجماعة الإسلامية طارق الزمر الذي توعد متظاهري المعارضة، والقيادي الآخر بالجماعة عاصم عبد الماجد الذي قال "إذا أسقطوا شرعية مرسي فسنعلنها شرعية إسلامية خالصة".
في المقابل، وصفت المتحدثة باسم التيار الشعبي هبة ياسين للجزيرة نت مظاهرات الجمعة بأنها محاولة لترهيب المعارضة، وعدها الصحفي المعارض جمال فهمي دليل فشل للإسلاميين لأنهم يلجؤون للشارع مع أنهم أصحاب السلطة، فضلا عن تهديدهم بالعنف، على حد قوله.
رفض مطالب
وعلى صعيد التحليل السياسي يعتقد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية يسري العزباوي أن الرسالة الأساسية لهذه التظاهرة كانت تأييدها لشرعية الرئيس المنتخب وتمسكها بأن يكمل مدته الرئاسية إلى نهايتها، ورفض مطالب المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة واعتبار ذلك قفزا على الشرعية وانتهاكا لها.
وأضاف العزباوي للجزيرة نت أن القوى الإسلامية أرادت التأكيد مجددا على أنها ما زالت الأقدر على الحشد الشعبي، رغم ما تردده المعارضة من تراجع شعبية الرئيس.
واعتبر العزباوي أن القوى الإسلامية قدمت ذلك بشكل يختلط بنوع من التهديد لمن يعتزمون التظاهر ضد الرئيس بعد أيام.
ومع إقراره بحق كل القوى في التعبير عن مواقفها واستعراض قوتها، لا يتفق العزباوي مع ما طرح من شعارات دينية، ويرى فيها نقلا للصراع من الجانب السياسي المقبول إلى مظهر ديني يتعارض مع قواعد اللعبة السياسية التي يفترض أن تترسخ باطراد بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ويتفق المحلل السياسي عماد الدين حسين مع النقطة الأخيرة، ويعتقد أن الرسالة السياسية لمظاهرة الجمعة تعرضت للتشويش عبر ما حدث من استدعاء للدين في صراع سياسي، وهو ما ينذر بكارثة، على حد قوله للجزيرة نت.
كما يعتقد أن رسالة الإسلاميين من وراء مظاهرات الجمعة بشأن القدرة على الحشد لم تكن موجهة فقط للداخل وبالتحديد من يستعدون للتظاهر نهاية الشهر، وإنما هي أيضا رسالة للخارج بأن التيار الإسلامي ما زال قويا وقادرا.
في الوقت نفسه لا يرى حسين أن هذه المظاهرة قد حسمت الصراع، وإنما هي بلغة كرة القدم، مباراة ذهاب حسمها الإسلاميون، لكن النتيجة النهائية تبقى بانتظار جولة الإياب التي ستنظمها المعارضة.