صفقات مزورة لتهويد أراضي الفلسطينيين

الهدف توسيع المستوطنات في سلفيت التي تمتد على على اكثر من 80% من مساحة المحافظة- احدى مستوطنات سلفيت الـ23- الجزيرة نت1
undefined

عاطف دغلس-نابلس

كشفت السلطة الوطنية الفلسطينية وجهات رسمية تُعنى بشؤون الاستيطان أكثر من 25 صفقة مزورة لبيع أراض فلسطينية لشركات إسرائيلية في مدن رام الله وقلقيلية وسلفيت.

وقال جمال الأحمد، منسق لجنة الدفاع عن الأرض بمحافظة سلفيت التي شهدت الكم الأكبر من التزوير، إن اللجنة كشفت 15 صفقة عقارية -بمعدل ثلاث صفقات شهريا منذ بداية العام- تطالب بها شركات إسرائيلية تسجيل ما مساحته 856 دونما من أراضي المواطنين في المحافظة بحجة أنها آلت إليهم بالشراء.

وتم كشف النقاب كذلك عن نحو عشر صفقات مماثلة في مدينة قلقيلية، بينما كشفت أربع أخرى بمحافظة رام الله.

وبحسب الأحمد فإن لجانا فلسطينية مختصة رصدت إعلانات إسرائيلية نشرتها ما تعرف بدائرة تسجيل الأراضي الإسرائيلية في جريدة القدس المحلية، تفيد بأن شركات إسرائيلية تريد نقل ملكية هذه الأراضي لصالحها بحجة أنها ابتاعتها من أصحابها.

وتدعي هذه الشركات الإسرائيلية شراء الأرض قبل نحو ثلاثة عقود، مستدلة ببصمات البائع على هذه الأوراق وغير ذلك مما وصفه الأحمد بأنه "ادعاءات مزيفة".

خرائط جوية تظهر حجم التوسع الاستيطاني في شمال الضفة (الجزيرة نت)
خرائط جوية تظهر حجم التوسع الاستيطاني في شمال الضفة (الجزيرة نت)

عوائق الاحتلال
وفنّد الأحمد ادعاءات الاحتلال، وقال إن اللجنة استطاعت تجميع كافة الأوراق الثبوتية التي تدحض هذه الصفقات جميعها، وتقدمت بطلبات اعتراض أمام لجنة الاعتراضات التابعة لمجلس التنظيم الإسرائيلي الأعلى في الإدارة المدنية.

كما أن قِدم عمليات الشراء، حيث يرجع بعضها إلى ما قبل عام 1967 أي قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة، "يؤكد هذا التزوير"، بحسب الأحمد.

ويضيف أن هذا الأمر يزيد الوضع تعقيدا بالنسبة للفلسطينيين، إذ يُطلب منهم إحضار حصر إرث لأشخاص تُوفّوا منذ تلك الفترة، وما يُعرف بإخراج القيد، إضافة لمخطط المساحة للأرض الواقعة أصلا داخل حدود المستوطنات، ولا يتمكن أصحابها من الوصول لها مطلقا.

ويقول الأحمد إن الاحتلال يحاول إسقاط الأرض زورا لصالحه، ففي حال بيع أحد الأشخاص الورثة لحصته -وهذا لم يثبت- فإن الشركات الإسرائيلية تضع يدها على كافة الحصص من الأرض المعنية، إضافة لمحاولة إسقاط الأراضي المجاورة أيضا.

وإذا ما فشلت بأخذ الأرض عبر هذه الصفقات المزورة، فإنها تتذرع بقوانين كالقوانين العثمانية التي تبيح لها استملاك الأرض البور "غير المعمرة"، أو تستغل قضية غياب جزء من الورثة وتحولها لأملاك غائب، أو تهودها لأغراض عسكرية.

وتدل طريقة الإعلان الإسرائيلية التي تتزامن مع أيام العطل الفلسطينية وبحروف صغيرة وبشكل مخفي في نهاية صفحة الوفيات بالصحيفة، على تعمد الاحتلال عدم رؤية الإعلان فلسطينيا كي لا تنفضح خططه، "لأن الإعلان إلزامي لتتم عملية التسجيل وفقا للقانون الإسرائيلي".

وتعد محافظة سلفيت الأكثر تباينا في العامل الديمغرافي بين المستوطنين الذين يقيمون 23 مستوطنة تسيطر على نحو 80% من مساحة المحافظة البالغة 204 كيلومترات مربعة، و18 تجمعا سكانيا فلسطينيا فقط.

ويؤكد المتابعون للملف أن هذه المصادرة للأرض واستملاكها تهدف في نهاية المطاف لخلق مناطق عازلة بالضفة الغربية، وربط مستوطناتها بالمناطق المحتلة عام 1948.

المستوطنات امتدت بين أراضي المواطنين وسيطرت على بعضها بالكامل (الجزيرة نت)
المستوطنات امتدت بين أراضي المواطنين وسيطرت على بعضها بالكامل (الجزيرة نت)

أسلوب قديم جديد
من جهته أكد رئيس ملف الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية محمد نزال أن "هذا الأسلوب الإسرائيلي في التزوير قديم جديد وتم كشفه وإبطاله".

وقال للجزيرة نت إن كشف هذه الصفقات الآن يأتي لعدة أسباب أهمها نية الاحتلال البناء والتوسع الاستيطاني، كما أنه يأتي في ظل الحديث عن مفاوضات وعمليات تبادل للأراضي "وبالتالي يسعى الإسرائيليون لتثبيت هذه الأرض بأسمائهم، فكيف يبادلونها؟".

وأرجع نزّال وقوف شركات استيطانية وراء هذه الصفقات لأسباب أيديولوجية واقتصادية، "فهناك تحالف بين الشركات الربحية والمؤسسة الاستيطانية، "والأنكى من ذلك أن الجهاز القضائي الإسرائيلي والإجراءات بشأن تسجيل الأراضي تصب لصالح المستوطنين".

وتكمن خطورة هذه الصفقات -وفق نزال- في كونها تسعى لنقل الملكية للإسرائيليين، رغم أن الاحتلال بإمكانه السيطرة ومصادرة هذه الأراضي لأغراض عسكرية وغيرها، "ولكن تظل ملكيتها فلسطينية، وبحال انسحابه تعود لأصحابها وفق القانون الدولي، وهذا ما لا يريده الاحتلال".

وأمام محاولات الاحتلال إسقاط الأراضي، تسعى الجهات الفلسطينية إلى مساعدة أصحابها عبر توفير طاقم محامين للدفاع عنهم في المحاكم الإسرائيلية، إضافة لتقديمها الدعم المادي لاستخراج أوراقهم ومسح أراضيهم، ورغم ذلك لا تزال المطالبات بدعم أكبر.

المصدر : الجزيرة