انقسام أميركي إزاء التجسس الإلكتروني

New York, New York, UNITED STATES : NEW YORK, NY - JUNE 10: A supporter holds a sign at a small rally in support of National Security Administration (NSA) whistleblower Edward Snowden in Manhattan's Union Square on June 10, 2013 in New York City. About 15 supporters attended the rally a day after Snowden's identity was revealed in the leak of the existence of NSA data mining operations. Mario Tama/Getty Images/AFP== FOR NEWSPAPERS, INTERNET, TELCOS & TELEVISION USE ONLY ==
undefined

ياسر العرامي-واشنطن

تعيش أميركا حالة انقسام بشأن استخدام وكالة الأمن القومي برنامجا للتجسس على بيانات الاتصالات الهاتفية والإنترنت الذي كشف عنه عميل الاستخبارات الأميركية السابق إدوارد سنودن، ليضيف بذلك فضيحة جديدة لإدارة الرئيس باراك أوباما.

ويتمحور هذا الانقسام إزاء قبول البعض بـ"تعدي" الحكومة على خصوصية الأفراد تحت مبرر ضمان الأمن القومي وإحباط هجمات إرهابية محتملة، في حين يرفض البعض الآخر ذلك.

كما تباينت مواقف الأميركيين أيضا بشأن مدى تقبلهم لفكرة تجسس الحكومة على حساباتهم البريدية واتصالاتهم الهاتفية، واختلفت وجهات نظرهم إزاء ما قام به سنودن.

وقال الطالب الجامعي نيل بينارد للجزيرة نت إنه يرفض المبررات التي أعطتها الحكومة لاستخدام برنامج التجسس، مضيفا أنه يجب الاستناد إلى الدستور الأميركي الذي يضمن حرية الأفراد، مطالبا الحكومة بأن تكون شفافة في التعامل مع الشعب الأميركي.

اختلاف
وأشاد بينارد بما قام به سنودن من تسريب للوثائق السرية إلى الصحافة، معتبرا أنه تصرف بدافع المبدأ وليس لأجل تحقيق مكاسب شخصية. ورأى أنه لا يمكن اعتبار سنودن إلا بطل جازف بحياته وراحته من أجل الدفاع عن مبادئ الحرية التي تأسست عليها أميركا.

ستون: عمليات التجسس ليست دستورية ولا قانونية
ستون: عمليات التجسس ليست دستورية ولا قانونية

إلا أن أستاذ القانون في جامعة شيكاغو جيفري ستون يخالف هذا الرأي ويقول في حديثه للجزيرة نت إن "سنودن ليس بطلا بل خائنا مجرما يستحق العقاب"، مؤكدا أنه يؤمن بقوة بمبدأ الشفافية الحكومية ولكنه في الوقت نفسه يؤمن بضرورة تطبيق القانون.

وأشار إلى أن سنودن عندما تقدم لوظيفته في الأمن القومي كان هناك شرط واضح بالتزامه بعدم الكشف عن سرية المعلومات، وقد وافق عليها طوعا ولكنه خرقه وعرض أمن الأمة للخطر.

وعلى الرغم من ذلك يؤكد ستون أن ما قامت به الحكومة الأميركية من عمليات تجسس على مواطنيها "أمر غير دستوري ولا قانوني"، داعيا إلى ضرورة وضع إجراءات تعكس حالة التوازن السليم بين الأمن القومي والحريات الفردية بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى.

وكان عدد من أعضاء الكونغرس قد طالبوا الثلاثاء بتسليم إدوارد سنودن ومحاكمته بعد أهم عملية تسريب أمني في تاريخ الولايات المتحدة.

برامج مهمة
وقال رئيس مجلس النواب الأميركي جون بوينر إن البرامج التي تم الكشف عنها مهمة للمساعدة في الحفاظ على أمن الأميركيين، وهي أداة فعالة لمواجهة التهديد الإرهابي الذي نحاربه، وأكد أن الكشف عن هذه المعلومات "يضع الأميركيين في خطر ويظهر لخصومنا ما هي قدراتنا، كما أنه انتهاك خطير للقانون".

من جهته دعا عضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام إلى متابعة سنودن وتقديمه للمحاكمة، إلا أن موقف سنودن ضد التجسس الحكومي ودفاعه عن الحرية الشخصية لقي صدى لدى قطاع لا يستهان به من الأميركيين.

وعبر عدد من المؤيدين عن مساندتهم لسنودن على الإنترنت، حيث قام حتى يوم أمس الأربعاء أكثر من 66 ألف شخص بالتوقيع على التماس في الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض يحث الرئيس أوباما على العفو المطلق عن سنودن حتى قبل توجيه اتهامات له، ووصفه المؤيدون بأنه بطل وطني داعين إلى ضرورة إيقاف برامج المراقبة السرية.

‪(‬ سنودن كشف عن عملية تجسس ضخمةالفرنسية)
‪(‬ سنودن كشف عن عملية تجسس ضخمةالفرنسية)

كما أشاد الكثير من قادة الرأي والنخب بأميركا بعملية تسريب الوثائق السرية التي قام بها سنودن، ومن بينهم منتج الأفلام الأميركي المخرج مايكل مور الذي وصف سنودن في تغريدة له على تويتر بأنه "بطل العام".

استطلاع
في الأثناء أظهر استطلاع أجراه مركز بيو وصحيفة واشنطن بوست بأن 56% من الأميركيين أبدوا تأييدهم لمراقبة وكالة الأمن القومي سجلات اتصالات الهواتف بهدف إحباط عمليات إرهابية محتملة، بينما عارض 41% هذه الخطوة.

أما بشأن تتبع البريد الإلكتروني والأنشطة الأخرى على الإنترنت فكانت النسبة شبه معكوسة، حيث قال 45% من الأميركيين إن الحكومة يجب أن تكون قادرة على الوصول لحسابات البريد الإلكتروني والحسابات الأخرى على الإنترنت ومراقبتها إذا كان ذلك سيؤدي لمنع وقوع هجمات إرهابية في المستقبل، بينما رفض 52% ذلك وقالوا إنه يجب على الحكومة عدم التجسس على الإنترنت حتى لو كان الأمر سيؤدي لوقف عمليات إرهابية.

يشار إلى أن سنودن -وهو موظف فني سابق بوكالة الاستخبارات الأميركية يعمل في وكالة الأمن القومي موظفا من شركة بوز آلن- كان قد قدم معلومات لصحيفتي ذي غارديان البريطانية وواشنطن بوست الأميركية، كشف فيها عن عملية تجسس ضخمة تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركي على الاتصالات الهاتفية وبيانات الإنترنت من شركات كبيرة مثل غوغل وفيسبوك، مانحا حق نشرها للصحيفتين.

المصدر : الجزيرة