كردستان ملاذ للسنة من الحرب الطائفية

جانب من احد أسواق مدينة السليمانية في إقليم كوردستان الذي يشهد إستقرارا امنيا كبيرا شجع العوائل على النزوح اليه بحثا عن الأمان .
undefined

محمود الدرمك-السليمانية

تواصل العوائل السنية النزوح من بغداد إلى مناطق كردستان العراق، خوفا من استهداف أبنائها في موجة العنف الطائفي.

وأكدت العوائل النازحة أن مصدر التهديدات ميليشيات طائفية مدعومة من قبل الحكومة لتفريغ بغداد من المكون السني، بحسب قولهم. وفي وقت تكذب فيه الحكومة خبر وجود تهديدات يؤكد سياسيون آخرون وجودها.

وشهدت بغداد نزوحا كبيرا للعوائل السنية في عام 2006، واستمر النزوح حتى 2010 بعد تلقي هذه العوائل تهديدات مختلفة، وكانت سوريا مستقر أغلب العوائل النازحة آنذاك.

وفي مدينة السليمانية بإقليم كردستان يؤكد عمر قادر -وهو كردي يعمل في مجال بيع وشراء العقارات- أن سوق العقارات شهد ارتفاعاً كبيراً بالأسعار، وقال للجزيرة نت إن من أسباب ذلك كثرة العوائل النازحة من بغداد بحثا عن مكان آمن.

وأوضح أنه بات من الصعب الحصول على مسكن للإيجار داخل المدينة، وإن وجد فإن سعره مرتفع كثيراً ويصل إلى ضعف ماكان عليه قبل ستة أشهر من الآن.

أما صلاح غازي -أحد النازحين- فقال للجزيرة نت إنه ضحى بعمله المربح في مجال مقاولات البناء في بغداد في سبيل الحفاظ على سلامته وسلامة عائلته. وأشار غازي -الذي يسكن وعائلته أربيل منذ مايزيد عن أسبوعين- إلى أنه يعتمد في معيشته على مايحصله من إيجار لمحلاته في بغداد.

وأكد أنه تلقى تهديداً مباشراً من قبل عصابات قال إنها مدعومة من قبل الدولة سلمته ظرفا كتب فيه "إن لم تترك منزلك خلال أسبوع سنقتلك أنت وعائلتك".

تنظيف وإزالة مخلفات تفجير سابق في إحدى مناطق بغداد (الجزيرة نت)
تنظيف وإزالة مخلفات تفجير سابق في إحدى مناطق بغداد (الجزيرة نت)

واقع بغداد
أما سلام الجبوري -الذي كان يسكن مدينة الشعب شمالي العاصمة العراقية- فيرى أن بغداد لم تعد مكاناً ملائماً لسكن الناس المسالمين. وقال للجزيرة نت إنه هاجر في عام 2007 مع عائلته إلى سوريا، وأمضى فيها خمس سنوات بعد ما قتل ولده البكر على أيدي ميليشيات طائفية "لا لشيء سوى أنه من أبناء السنة".

الجبوري يعتقد أن قرار عودته من سوريا في بداية 2012 لم يكن موفقا، لأن التهديدات الطائفية التي توقع زوالها عادت للظهور في عاصمة العراق، وسلبته ابن أخيه الذي قتل على أيدي إحدى الجماعات، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار النزوح إلى إقليم كردستان بحثاً عن مكان آمن لأسرته.

غير أن "ترف" النزوح ليس متاحا للجميع، فعدد من أرباب الأسر الفقيرة يضطرون لمواجهة الواقع والبقاء داخل مناطقهم، كما هو حال ثائر سعدون الذي قال للجزيرة نت إنه يعيش مع أسرته التي تضم زوجته وطفليه في بيت مكون من غرفة واحدة وخدماتها بإيجار مقداره 250 ألف دينار عراقي(حوالي مائتي دولار).

ويعمل ثائر في سوق الشورجة وسط بغداد لبيع العصائر والحلوى، ويرى أن الرحيل إلى مكان آمن يتطلب قدرة مالية تفوق طاقته.

مواقف السياسيين
النائب عن كتلة الأحرار حسين علوان اللامي قال للجزيرة نت إن الشارع يتناقل معلومات بشأن تزايد الخطر الطائفي، مبيناً أن للناس الحق في اتخاذ التدابير حفاظاً على أرواحهم مثل الهجرة إلى أماكن آمنة.

وأكد اللامي أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية، ويفترض بها أن تبسط الأمن الذي لا يتوفر حاليا، وفقا لتقديره. وتحدث عن وجود عدد من الجهات المستفيدة من تردي الوضع الأمني منها "جهات إقليمية، وميليشيات تعمل على تأجيج الطائفية، وجهات سياسية تسعى إلى تخريب العملية السياسية وعدم استقرار البلد أمنياً". 

من جهته، كذب عضو دولة القانون سعد المطلبي وجود استهداف لمكون بعينه، وقال للجزيرة نت إن هذه الأخبار لا صحة لها، وإن نشرها بين الناس "له أبعاد سياسية" وقد تكون خلفها جهات تدفع نحو إعادة مفاهيم الطائفية أو إعادة مفاهيم الاقتتال الأهلي"، مستبعدا أن تكون الدولة وراء هذه الميليشيات.

وعبر عن اعتقاده بأن ذهاب العوائل إلى كردستان العراق قد يكون لغرض السياحة، وبأن الحديث عن النزوح خوفا من تهديدات وقتل "كلام غير صحيح".

المصدر : الجزيرة