"لجنة حكماء" لدعم السلام بتركيا

مواطنون في إحدى المقاهي الشعبية خلال حديثهم مع أعضاء لجنة الحكماء
undefined
وسيمة بن صالح-إسطنبول
شكلت الحكومة التركية "لجنة الحكماء" لإقناع المواطنين بأهمية تحقيق السلام مع حزب العمال الكردستاني تتكون من62 شخصية من مشارب سياسية وفكرية متنوعة تتمتع بمصداقية واحترام في تركيا. وتضم كتابا صحفيين، وأكاديميين، وفنانين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. واختارت الحكومة تسع شخصيات من كل منطقة من المناطق السبع التي تقسم إليها تركيا.

وأعطى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إشارة الانطلاقة للجنة لبدء أعمالها عقب لقاء جمعه مع أعضائها في 4 أبريل/نيسان الماضي، ومن المقرر أن تقدم تقريرها النهائي حول مهمتها للحكومة في أول يونيو/حزيران المقبل.

وتقول الكاتبة الصحفية هلال كابلان ـوهي واحدة من 12 شخصية نسائية ضمن اللجنة- إن فكرة تشكيل لجنة حكماء تابعة للبرلمان تعود إلى العام الماضي، حيث اقترحها حزب الشعب الجمهوري المعارض، لكن لم تقبل الفكرة بسبب تصعيد المواجهات المسلحة ما بين الحكومة وحزب العمال.

‪هلال كابلان: اللجنة لا تحاول فرض رأي معين على المواطنين‬ (الجزيرة نت)
‪هلال كابلان: اللجنة لا تحاول فرض رأي معين على المواطنين‬ (الجزيرة نت)

هواجس
وترى أنه "رغم تفاوت درجة خبرة أعضاء اللجنة في الموضوع الكردي، لكنهم جميعا يشتركون في الإيمان بأن السلاح لا يجب أن يكون الحل لأي مشكلة كانت في البلاد
وعلى رأسها القضية التركية".

كما تؤكد أن اللجنة لا تحاول فرض أجندة معينة على المواطنين "بل تجيب عن أسئلتهم بشأن عملية السلام".

ووفق كابلان فإن الهاجس المشترك بين المواطنين في معظم المدن التي زاروها هو "الخوف من تقسيم تركيا وإنشاء دولة كردية"‘.

ووصفت المظاهرات التي تستقبلهم في بعض المناطق برد فعل طبيعي "يجسد تلك المخاوف، بعد ثلاثين سنة من الصراع المسلح" مشيرة إلى أنهم إلى جانب اجتماعاتهم مع ممثلي منظمات المجتمع المدني فإنهم ينزلون للشارع لاستطلاع آراء المواطنين حتى بالأسواق والمقاهي الشعبية.

أحمد فاروق:
أي إصلاحات أقل من المستوى المتوقع ستؤدي إلى خيبات أمل كبيرة ولا أحد يمكنه التنبؤ بما يمكن أن يحصل حينها

تفاوت
أما رئيس جمعية "مظلوم دار" أحمد فاروق أونسال، فيرى أن الموضوع مختلف في شرق وجنوب شرق الأناضول حيث تصل نسبة دعم عملية السلام إلى نحو 100% فيما تتراوح ما بين 50% و70% في باقي المناطق. ويرجع ذلك إلى أن "السكان هناك دفعوا ثمنا باهظا بسبب الصراع المسلح حيث فقد معظمهم أبناءه إما خلال القتال أو سجنا أو هربوا إلى خارج تركيا".

ويضيف "تلك العوائل لا تريد تكرار نفس المآسي عند عوائل أخرى،
وسكان تلك المناطق يطالبون بإصلاحات جذرية من الحكومة لدعم عملية السلام أهمها الحق في التعلم بلغتهم الرسمية، وزيادة فعالية عمل الدوائر الرسمية وخاصة البلديات، وتغيير المادة 66 من الدستور التركي التي تفيد بأن كل مواطني الجمهورية يعتبرون أتراكا".

ويشير أونسال إلى أنهم يطالبون الحكومة بالبرهنة على صدق نيتها لتحقيق السلام والبدء بإصلاحات لا تستلزم تغيير الدستور مثل إعادة تسمية بعض المناطق والقرى بأسمائها الكردية الأصلية.

وبرأيه فإن على الحكومة أخذ هذه المطالب بشكل جدي، لأن أي إصلاحات أقل من المستوى المتوقع ستؤدي إلى خيبات أمل كبيرة ولا أحد يمكنه التنبؤ بما يمكن أن يحصل حينها.

وفي حين رفضت المعارضة هذه اللجنة ووصفتها بأنها تسوق نتائج "المساومة السرية مع أوجلان" فإن معظم المتتبعين للقضية الكردية يعتبرون تشكيل مثل هذه اللجنة سابقة في تاريخ الحكومات التي تعاقبت على تركيا، لأنه ولأول مرة تستخدم الدولة مبادرة مدنية لتحل قضية بهذا الحجم، ولم تحصر حلها فقط داخل مؤسساتها الرسمية وقوانينها.

المصدر : الجزيرة