تراجع بصورة حزب الله بذكرى التحرير

وقفات احتجاجية عديدة قام بها أنصار الأسير ضد وجود حزب الله في صيدا
undefined
 
جهاد أبو العيس-بيروت
 
بين اتهامه بتحويل فوهة بندقيته من صدر "الإسرائيلي"  إلى صدر "السوري"، والاحتفاء بنصره التاريخي ودوره في تحرير الجنوب، تباينت ردود فعل الشارع اللبناني بشأن النظرة إلى حزب الله في ذكرى 25 مايو/أيار للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
 
فبعد أن كانت غالبية كبرى من اللبنانيين ومن مختلف الأطياف السياسية تحتفي مع الحزب سنويا بهذه الذكرى من كل عام، أضحت الصورة مختلفة تماما اليوم لدى شرائح واسعة في الشارع اللبناني بعد مشاركة الحزب رسميا في القتال إلى جانب النظام السوري وتحديدا في معارك القصير.

وبديلا عن مشاركة الحزب في عروضه العسكرية وتحضيراته الكبيرة التي كانت تنظم وعلى مدار أيام في هذه الذكرى سابقا، انبرى عدد من السياسيين والنواب والإعلاميين لتوجيه النقد اللاذع والاتهامات له، في وقت تراجعت فيه إلى حد كبير مظاهر الاحتفاء والحشد والترويج حتى لدى الحزب ذاته.

تراجع الاحتفاء
وكان لافتا هذا العام التراجع الكبير في حجم وشكل الدعاية والترويج الإعلامي والإعلاني للذكرى، حيث اقتصرت على مناطق نفوذ الحزب، إلى جانب اقتصارها على عدد محدود من اللافتات والأعلام.

في حين جسد خطاب الأمين العام للحزب حسن نصر الله العلامة الأبرز في الذكرى التي أكد خلالها مشاركة الحزب الرسمية في القتال في سوريا، مشيرا إلى أن انتصار الجنوب سيتكرر فيها دون أن يشير إليها بالاسم.

وأعلن زعيم تيار المستقبل في لبنان سعد الحريري في بيان له أن الأمين العام لحزب الله أعلن "نهاية المقاومة في عيد المقاومة"، كما قالت جماعة الإخوان المسلمين بمصر إن "تورط الحزب في ما يجري بسوريا أحرق ما تبقى له من مصداقية لدى الكثيرين".
 
وكان الأمين العام للحزب حسن نصر الله قد وعد أنصاره "بالنصر" في المعركة التي يخوضها إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة السورية، وذلك في خطابه المتلفز في ذكرى الخامس والعشرين من مايو/أيار السبت الماضي.
لافتات احتفاء الحزب بذكرى التحرير لم تكن بكثافة وقوة وانتشار سابقاتها (الجزيرة نت)
لافتات احتفاء الحزب بذكرى التحرير لم تكن بكثافة وقوة وانتشار سابقاتها (الجزيرة نت)

وبدا بارزا انقسام الآراء في الشارع اللبناني بشأن النظرة لحزب الله في ظل تداعيات الواقع السوري بتغير المناطق الجغرافية، حيث اعتبر وسام حجار من إقليم الخروب أن الصورة الإيجابية تغيرت بدوران كامل اليوم باتجاه سلبي.

وقال حجار للجزيرة نت إن "صورة المقاومة المشرقة ذهبت دون رجعة بعد الفظائع والجرائم التي شاهدناها في القصير على يد عناصر الحزب المتحالفة مع نظام بشار"، مضيفا "يبدو أن هذه هي الصورة الحقيقية التي كان يتعين علينا الاقتناع بها منذ سنوات، كنا نعتقد أننا أمام مقاومة بوصلتها إسرائيل لنفاجأ اليوم أن العدو بات عربيا سوريا".

مؤامرة خارجية
في المقابل اعتبر حسين قبلان من منطقة الشياح القريبة من الضاحية الجنوبية أن النصر يبقى نصرا، وأن ما يجري هو عبارة عن مؤامرة خارجية الغاية منها تدمير سمعة وسيرة ونفوذ المقاومة خدمة لإسرائيل.

وزاد بالقول إن "حزب الله انتصر في الجنوب ودحر الاحتلال، وقدم آلاف الشهداء وحرر كل الأسرى"، مضيفا أن ما يجري في سوريا هو "ليس ضد الطائفة السنية، بل ضد من يريدون كسر سند المقاومة ووقف إمدادها بالسلاح لإضعاف الحزب خدمة للمؤامرات الأميركية والعربية الهادفة لكسر محور الممانعة".

أما الكاتب والمحلل السياسي فادي شامية فاعتبر بدوره أن "صورة الحزب والمقاومة تغيرت عما كانت عليه في السنوات الماضية، فهي لم تعد صورة المقاومة التي حررت الجنوب، فالصورة القديمة لم تعد موجودة مطلقا".

أهل الحزب
ويرى شامية في حديث للجزيرة نت أن من يحتفي اليوم بهذه الذكرى "هم أهل الحزب وخاصته فقط، قاعدته الشعبية دون غيرها"، مشددا على أن الحزب "انتهى بكل معنى الكلمة عربيا وإسلاميا".

وزاد بالقول "إن حزب الله كشف اليوم عن حقيقته وهي أنه حزب طائفي، فمن تابع خطاب أمينه العام يرى ويسمع بوضوح عندما قال إن سقوط النظام في سوريا هو سقوط للحزب وإن الدور بعد إسقاط النظام سيلحق الأذى بشيعتنا".
 
ويرى شامية أن حزب الله انقلب على كل أدبياته التي كان ولا يزال يروجها "هم يقدمون أنفسهم على أنهم مظلومون دوما وأنهم مع المظلومين، هذه الأدبيات اليوم اتضح زيفها مع قتال الحزب ضد الشعب السوري المظلوم ووقوفهم بصف الظالم".

من جهته يرى المحلل والباحث السياسي نبيه البرجي أن صورة الحزب وكذا الكل في لبنان والمنطقة في تراجع، مشيرا إلى أن الكل العربي والإسلامي متورط فيما سماها "اللعبة المذهبية في سوريا" وليس فقط حزب الله.

ولفت البرجي في حديث للجزيرة نت أنه يتعين عدم إغفال ما قام به الحزب من مقاومة وإنجاز أسطوري في الجنوب، مشيرا إلى أن الجميع اليوم "في حالة صراع أمام احتمالات سوداوية".

وقال إن ما يجري من قبل حزب الله وغيره اليوم من سياسات ومواقف ما هي إلا تفاعلات وارتدادات ما يجري في كل الإقليم، مضيفا أنه يعارض تدخل الحزب في سوريا، داعيا لعدم النظر لصورة مشاركته بصورة جزئية معزولة عن الصورة كاملة.

المصدر : الجزيرة