أرض الصومال بين الوحدة والانفصال

سكان أرض الصومال يصفون المفاوضات بالعبثية، وعديم الفائدة
undefined

عبد الرحمن سهل-كيسمايو

يحتدم نقاش ساخن حول المفاوضات الجارية بين الحكومة الصومالية وجمهورية "أرض الصومال" بوساطة تركية، فبينما انقسم أهل الجنوب حيالها بين مؤيد ومعارض، أجمع الشماليون على تمسكهم بخيار الانفصال والمضي قدما نحو بناء دولتهم المستقلة ذات السيادة الكاملة.

وأجمع كل من استطلعت الجزيرة نت آراءهم من سكان جمهورية أرض الصومال حول المفاوضات على رفضهم خيار الوحدة، معتبرين أن مبدأ الانفصال عن الجنوب "مقدس لا مساس به".

كما لم يستبعدوا انتفاضة شعبية بدعم من المؤسسة العسكرية إذا اتفق الطرفان على خيار الوحدة.

وأعلنت جمهورية أرض الصومال انفصالها من طرف واحد عن الوطن الأم عام 1991، إلا أنها لم تحصل حتى الآن على أي اعتراف من المجتمع الدولي.

ووقع الجانبان في أبريل/نيسان الماضي بالعاصمة التركية أنقرة، مذكرة ضمت سبعة بنود أبرزها التعاون في المجالات الأمنية، والتدريب، ومحاربة القرصنة، إضافة إلى حصول أرض الصومال على حصتها من المعونات المالية المقدمة من المجتمع إلى الحكومة الصومالية. وقد عقد الجانبان جولتين من المفاوضات قبل لقائمها في تركيا.

‪عبدي فارح: استمرار خلافات الجنوب‬ (الجزيرة نت)
‪عبدي فارح: استمرار خلافات الجنوب‬ (الجزيرة نت)

مفاوضات عبثية
ووصف ناصر عثمان علي -وهو من سكان أرض الصومال- المفاوضات الجارية بين الجانبين بأنها عبثية وعديمة الفائدة لكونها تدور حتى الآن حول قضايا اعتبرها هامشية، مثل التعاون الأمني ومكافحة القرصنة.

ويتهم ناصر رئيس جمهورية أرض الصومال الحالي محمد سيلانيو بفتحه باب الحوار مع الحكومة الصومالية، وقال للجزيرة نت "لا أرحب بالجلوس مع الحكومة الصومالية تحت أي ظرف كان".

وتحدث بثقة مطلقة بأنهم يملكون دولة مكتملة المؤسسات ومنتخبة من الشعب وأنه لا ينقصهم شيء، ومن المستحيل أن يجرب أهل الشمال الوحدة مرة ثانية مع الجنوب.

ويتفق جمال إبراهيم محمد -وهو طالب في جامعة هرجيسا- مع رأي ناصر عثمان في أن الوحدة الاندماجية مرة أخرى مع الجنوب مستحيلة، إلا أنه يرحب بالمفاوضات الحالية بشرط أن تؤدي إلى اعتراف بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة.

وقال إبراهيم للجزيرة نت إن "إجراء المفاوضات مع مقديشو لا يعني التنازل عن مبدأ سيادة دولتنا واستقلالها، ومواصلة مشوارنا للحصول على اعتراف من المجتمع الدولي".

تحديات
من جانب آخر تحدث الناشط في مجال العمل الإنساني محمد عبدي فارح عن تحديات ماثلة أمام الجانبين، تتمثل في استمرار الخلافات بين الحكومة الصومالية والأقاليم الموالية لها مثل بونتلاند وجوبالاند، وتطبيق الحكومة للنظام الفدرالي بطريقة لا تجذب سكان أرض الصومال وتضر بالمفاوضات الحالية.

‪إبراهيم طبلاوي أشاد بالموقف التفاوضي لحكومة مقديشو مع أرض الصومال‬ (الجزيرة)
‪إبراهيم طبلاوي أشاد بالموقف التفاوضي لحكومة مقديشو مع أرض الصومال‬ (الجزيرة)

وأضاف رئيس مركز الآفاق للتدريب والخدمات الإعلامية صالح شيخ إبراهيم طبلاوي تحديات أخرى تتمثل في تمسك أرض الصومال أيضا بخيار الانفصال استجابة للرأي العام المحلي، مشيرا إلى أن مواقف قيادة البلاد أكثر تقدما حيال فكرة الوحدة مقارنة بشعبها، إلا أن هامش مناورتها محدود لكونها منتخبة من الشعب.

وفي هذا السياق قال طبلاوي للجزيرة نت "إن تأخير بناء المؤسسات الصومالية، وعدم فرض هيبة الدولة على مقديشو والمناطق الأخرى الواقعة خارج سيطرتها، يعرقل توصل الجانبين إلى حل".

خطأ تكتيكي
من جانبه وجه علي خليف غلير عضو البرلمان الصومالي الحالي ورئيس الوزراء الأسبق في حكومة عبدي قاسم صلاد حسن، اتهاما صريحا إلى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الاتفاقية الموقعة بين مقديشو وهرجيسا، بسبب طريقة إجراء المفاوضات التي قال إنها اعترفت بأرض الصومال كدولة مستقلة، حيث تناقش الجانبان بطريقة ندية "شكلا ومضمونا".

ويتفق محمد عبدي فارح مع رأي علي خليف قائلا "تجري المفاوضات بين دولتين متساويتين، وهذا خطأ تكتيكي يحسب لصالح هرجيسا"، مشيرا إلى أنها لن تحقق أهدافها وأن الطرف الفائز في المفاوضات السابقة هو جمهورية "أرض الصومال".

غير أن صالح شيخ إبراهيم يرى عكس ذلك، حيث أشاد باتخاذ الحكومة مواقف غير متشددة ضد أرض الصومال لبناء الثقة.

المصدر : الجزيرة