التتار يطالبون بإقالة رئيس حكومة القرم

مجلس شعب تتار القرم قدر عدد المتظاهرين بنحو 35 ألفا
undefined

محمد صفوان جولاق-القرم

أحيا تتار إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا أمس الثلاثاء ذكرى مأساة تهجيرهم القسري عن القرم قبل 69 عاما، فتظاهر عشرات الآلاف منهم في ساحة "لينين" بمدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم، وسط مطالبات بإقالة رئيس حكومة القرم.

ولم يقتصر الإحياء على التتار سكان الإقليم، بل شمل أيضا مئات من التتار الذين استقروا في دول مجاورة وبعيدة أخرى، بعد أن هُجّروا قسرا من قبل نظام الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين بدعوى الخيانة عام 1944.

ومن بين المشاركين مسنون عاشوا المأساة التي أفرغت القرم من الوجود التتري الإسلامي لعقود استمرت حتى استقلت أوكرانيا عام 1991، كما شارك ممثلون عن عدة مؤسسات حقوقية وعرقية إثنية ناشطة في أوكرانيا والقرم.

شوكت يقول إنه يستذكر من فقدهم أثناء التهجير(الجزيرة نت)
شوكت يقول إنه يستذكر من فقدهم أثناء التهجير(الجزيرة نت)

الجزيرة نت جالت بين الحشود وتحدثت إلى عدد من المتظاهرين على اختلاف أعمارهم، لترصد في قسمات وجوههم وأحاديثهم عدة جوانب من مشاعرهم وأمانيهم في الذكرى السنوية للمأساة.

ذكرى وأمل
ويقول شوكت (80 عاما) إنه يستحضر اليوم وجود من فقدهم أثناء رحلة التهجير إلى شمال روسيا ودول آسيا الوسطى، في عربات المواشي القذرة لعدة أيام، التي قضت على نحو ثلاثمائة ألف من التتار.

وصرّحت أميرة (75 عاما) بأنهم لم يعودوا إلى القرم لتنفس هواءه فقط كسياح، بل ليعيشوا فيه ويبنوه كمواطنين كاملي الحقوق، قائلة "نحن لا نعادي أي عرق فيه، لكننا لا نسمح بصدنا عن حقوقنا التي سلبت في أعظم جرائم القرن الماضي".

أما الشاب ديلافير فيقول إنه يحلم بيوم يتمتع فيه التتار بحقوقهم كاملة كمواطنين، بعيدا عن أي من مظاهر التهميش والعنصرية، وهذا لن يكون إلا إذا صنفت السلطات التهجير كمأساة إبادة جماعية، وعملت جديا على حل تبعاتها.

التتار يطالبون بوصف التهجير بجريمة الإبادة الجماعية والبناء عليها(الجزيرة نت)
التتار يطالبون بوصف التهجير بجريمة الإبادة الجماعية والبناء عليها(الجزيرة نت)

وتميزت المظاهرة بالإضافة إلى ضخامة الحشود التي أغلقت معظم شوارع سيمفروبل، بدعوة مجلس شعب تتار القرم -هو أكبر مؤسسة تترية ذات طابع سياسي- السلطات الأوكرانية إلى إقالة رئيس حكومة الإقليم أناتولي موهيليف الذي يتمتع بنظام حكم فدرالي شبه مستقل.

وفي تعليقه على هذا الأمر قال مسؤول قسم العلاقات الخارجية بالمجلس علي حمزين للجزيرة نت، إن "موهيليف شخصية لا تخفي حقدا على التتار، وتعمل عنصريا ضدهم" مشيرا إلى أن موهيليف صرّح بهذا الأمر علنا قبل أن يصبح رئيسا للحكومة، وبقي واقعا عمليا حتى بعد تراجعه عنه مؤخرا.

اتهام
واتهم حمزين، موهيليف، بالوقوف إلى جانب المصالح الروسية على حساب المصالح الأوكرانية والتترية بالإقليم الذي يشكل فيه الروس نسبة تقدر بنحو 40% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 2.5 مليون، بينما يشكل التتار نسبة تقدر بنحو 18-20%.

ونفى المتحدث ذاته للجزيرة نت اتهامات تناقلتها وسائل الإعلام مرارا حول سعي التتار للانفصال بالإقليم عن أوكرانيا على غرار السيناريو الكوسوفي، مؤكدا أن "انتماء التتار لأوكرانيا قوي لا يتزعزع".

علي حمزين أكد أن انتماء التتار إلى أوكرانيا قوي لا يتزعزع (الجزيرة نت)
علي حمزين أكد أن انتماء التتار إلى أوكرانيا قوي لا يتزعزع (الجزيرة نت)

وعن مطالب التتار الرئيسية بعد 22 عاما من استقلال أوكرانيا، وبدء مشوار العودة المستمر، أشار حمزين إلى أنها تنحصر في برامج اجتماعية واقتصادية وثقافية تّعيد لهم حقوقهم التي سلبت منهم بعيد التهجير، كالبيوت والمدارس والمساجد والمحال والأراضي وغيرها، وتمنح لهم الحق في الحفاظ على لغتهم وهويتهم من الذوبان.

وأضاف أن التتار يطالبون كذلك بتمثيل سياسي أكبر في مؤسسات الدولة، بشكل يتناسب مع وجودهم في المجتمع، معتبرا أن الدولة الأوكرانية تتعمد تهميشهم عن الساحة.

وأوضح حمزين أن التتار يريدون أن تعترف الدولة بقضيتهم كـ"مأساة إبادة جماعية" ثم تتعامل معها كقضية شعب يُشكل أقلية منتهكة الحقوق، لا كقضية اجتماعية يؤجل حلها باستمرار، مشيرا إلى أن هذا مطلب تتفاعل معه دول أوروبية ومنظمات أممية وحقوقية عدة، لكنه مهمل في أوكرانيا.

المصدر : الجزيرة