إيقاد شعلة الحرية بمنزل عميد الأسرى

عائلات بعض الأسرى قبالة شعلة الحرية بمنزل عميد الأسرى كريم يونس
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

جدد فلسطينيو 48 الوفاء والعهد للأسرى بسجون الاحتلال الإسرائيلي والبالغ تعدادهم نحو 5000 فلسطيني، وذلك بإيقاد شعلة الحرية في منزل عميد الأسرى كريم يونس ببلدة عارة تلبية لدعوة الحركة الوطنية الأسيرة "الرابطة" وسط حضور أمهات وعائلات أسرى وقيادات شعبية وسياسية، لتنطلق بذلك الشرارة الأولى لفعاليات يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم الأربعاء.

وشكل الداخل الفلسطيني دفيئة حاضنة للحركة الأسيرة، منهم المئات من الأسرى المحررين وعشرات المبعدين عن الوطن، وحاليا هناك 120 أسيرا من فلسطينيي 48 بالسجون، 30 منهم محكوم عليهم بالمؤبد ومضى على أسرهم ربع قرن ترفض إسرائيل الإفراج عنهم أو تقصير فترة محكوماتهم أو تحديدها.

وتعارض إسرائيل إدراج أصحاب الأحكام العالية منهم بأي صفقة تبادل إذ تعدهم شأنا داخليا، وعليه ترفض مناقشة ملفهم مع السلطة الفلسطينية.

ورغم ما يوصف بتعاملها المزدوج مع أسرى 48 حسم الداخل الفلسطيني مصيره وانحاز لشعبه وأسراه، وكان دائما على رأس الحربة بتحريك وتفعيل قضية الأسرى على المستوى الشعبي والسياسي والدولي، مما ساهم في تدعيم ومساندة الأسرى في غياهب سجون الاحتلال، وذلك من خلال سلسلة الفعاليات والنشاطات التضامنية المتواصلة على مدار العام التي تصل ذروتها في يوم الأسير.

‪صبحية: إرادة الأسرى قوية بفضل ما يصلهم من أخبار عن التفاعل الشعبي‬ (الجزيرة نت)
‪صبحية: إرادة الأسرى قوية بفضل ما يصلهم من أخبار عن التفاعل الشعبي‬ (الجزيرة نت)

معاناة وأمل
فقد بدت الحاجة صبحية يونس والدة عميد الأسرى كريم يونس فرحة بإيقاد شعلة الحرية بمنزلها ومفعمة بالأمل باحتضان نجلها الذي حرمت منه على مدار ثلاثة عقود من الأسر والمعاناة، وتتسلح بالصبر وتستلهم المعنويات بمواصلة النضال لتحرر الأسرى من حملات التضامن والالتفاف الشعبي الذي يصل صداه حتى أقبيه الزنازين.

واستذكرت الحاجة صبحية في حديثها للجزيرة نت زيارتها الأخيرة لابنها كريم قبل نحو أسبوعين، وقالت إنه ظهر بمعنويات عالية ترمز للتحدي والصمود لجميع الأسرى بوجه السجان مع تفاعل قضيتهم.

وأضافت أنه رغم احتدام المواجهة في مختلف المعتقلات بقيت إرادة الأسرى قوية بفضل ما يصلهم من أخبار عن التفاعل الشعبي والتضامن مع قضيتهم بالشارع الفلسطيني.

غياب ومصير
وتتقاسم عائلات أسرى الداخل الفلسطيني معاناة مضاعفة من الأسر والحرمان لغياب الأبناء في غياهب سجون إسرائيل التي ترفض الإفراج عنهم بذريعة أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية.

هذه الوضعية -يقول محمد بكري والد الأسير إبراهيم المحكوم بتسع مؤبدات و30 عاما- تعمق من معاناة أسرى الداخل الفلسطيني وتترك ترسبات سلبية على العائلات التي تعيش مأساة مضاعفة بغياب وحرمان من الأبناء وحظر تداول قضيتهم لتبقى حريتهم رهينة للسياسات الإسرائيلية لتعيش العائلات صراعات ومصيرا مبهما.

واشتكى في حديثه للجزيرة نت -كغيره من عائلات الأسرى- ممارسات السجان الإسرائيلي الذي يخضع العائلات لمسلسل من العذاب والتفتيش المهين والمذل يسبقه سفر لأكثر من 12 ساعة للقاء الأبناء الأسرى من خلف جدار زجاجي لفترة لا تتعدى 45 دقيقة.

ويتابع بكري أن اللقاء مع الأسرى محكوم بمزاج السجان، وغالبا يتحول اللقاء إلى جحيم يلاحقك بالمنزل وحياتك اليومية، حيث باتت العائلات تخشى على مصير أولادها من الموت بالسجون لتعيش هواجس وكوابيس حتى الزيارة المقبلة. 

‪والدة الأسير كريم يونس مع بعض أحفادها‬ (الجزيرة نت)
‪والدة الأسير كريم يونس مع بعض أحفادها‬ (الجزيرة نت)

عقوبات وامتيازات
بدوره يرى منسق الحركة الوطنية الأسيرة "الرابطة" منير منصور أن وضع الأسرى من فلسطينيي 48 شائك ومركب بسبب سياسة إسرائيل التي تتعامل معهم بمكيالين، فمن ناحية تضع الشروط قبالة المفاوض الفلسطيني بعدم مناقشة ملفهم بذريعة أنهم حملة الجنسية الإسرائيلية ويسري عليهم القانون الجنائي، وفي الزنازين تتعامل معهم بالتنكيل والإجراءات التعسفية القمعية أسوة بباقي الأسرى السياسيين.

ومضى يقول إن إسرائيل تفرض عليهم عقوبة مضاعفة بعدم منحهم الامتيازات التي تخصص للأسرى الجنائيين وتمنع المؤسسات الدولية تفقدهم واللقاء بهم.

وشكك في حديثه للجزيرة نت بما تسميه إسرائيل مبادرات حسن نوايا بالإفراج عن بعض من أسرى 48 أو تحديد أحكامهم العالية التي تصل لعقود، معتبرا هذه التصريحات الصادرة عن تل أبيب محاولة لاسترضاء المجتمع الدولي وشق وحدة صف الأسرى وتنفيس نضالهم لإخماد معركتهم، وبالتالي الضحك على الشعب الفلسطيني بمحاولة منها لتحريك الجمود بالمفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية بشروط تحدد معالمها وإطارها تل أبيب.

إصرار واشتراط
إلى ذلك دعا النائب بالكنيست جمال زحالقة السلطة الفلسطينية لتبني قضية الأسرى وتحريكها على المستوى الدولي، والإصرار على موقفها الجديد بربط أي مفاوضات مع إسرائيل بإطلاق الأسرى القدامى وكل من اعتقل قبل اتفاقيات أوسلو.

وبين في حديثه للجزيرة نت أن المجتمع الدولي -بسبب الإضرابات بسجون الاحتلال وتصاعد معركة الأمعاء الخاوية ووضع قضية الحركة الأسيرة كشرط لأي مفاوضات- يبدي اهتمامه بالأسرى بشكل غير مسبوق لم نعهده من قبل، لذا تقع المسؤولية كاملة على جميع القيادات الفلسطينية لتوظيف هذا الاهتمام واستثماره حتى يطلق سراحهم.

المصدر : الجزيرة