مفاجأة الجولاني تخرج خلافات النصرة للعلن

مقاتلو جبهة النصرة وقائدهم في مرحلة التخطيط قبل بدء العملية العسكرية ضد قوات النظام على تخوم مطار النيرب العسكري شرقي حلب
undefined
محمد النجار-عمان

شكلت الرسالة الصوتية لأمير جبهة النصرة لأهل الشام الفاتح أبو محمد الجولاني -التي أعلن فيها أمس الأربعاء "طاعة" الجبهة لأمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري"- مفاجأة أحدثت إرباكا في صفوف الجبهة في سوريا وتنظيمات السلفية الجهادية الداعمة لها بالمال والسلاح والرجال.

وجاءت الرسالة ردا من الجولاني على رسالة "أمير دولة العراق الإسلامية" أبو بكر البغدادي والذي أعلن الثلاثاء إلغاء اسم جبهة النصرة واسم دولة العراق الإسلامية والإعلان عن قيام "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

وأخرجت الرسالتان خلافات القاعدة وتنظيماتها للعلن، كما أنهما أعلنتا "قبل الأوان" -بحسب قيادي سلفي جهادي بارز- تماهي جبهة النصرة وولائها لتنظيم القاعدة الدولي على الرغم من أنها باتت مصنفة من قبل الإدارة الأميركية وبالتالي حلفائها في كل العالم منظمة "إرهابية".

ويذهب خبراء في شؤون القاعدة وتنظيماتها إلى أن الجولاني تبرأ بطريقة بدت غاية في الدبلوماسية من عباءة تنظيم القاعدة في العراق، وتحدث بوضوح عن استخلاص الجبهة من تجربتها في العراق الدروس التي قال إنها "سرت قلوب المؤمنين بأرض الشام تحت راية جبهة النصرة".

وفي انسحابه الهادئ من عباءة تنظيم القاعدة في العراق وبالتالي تجربته التي أثارت خلافات علنية في أوساط القاعدة ومنظري التيار السلفي الجهادي على مدى العقد الماضي، تطرق الجولاني للشراكة مع بقية العاملين في الثورة السورية في تشكيل مرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الأسد.

وجاء في رسالة الجولاني "فقضية الإعلان لم تكن محل اهتمام في ظل وجود الجوهر، ثم إن دولة الإسلام في الشام تبنى بسواعد الجميع دون إقصاء أي طرف أساسي ممن شاركنا الجهاد والقتال في الشام من الفصائل المجاهدة والشيوخ المعتبرين من أهل السنة وإخواننا المهاجرين فضلا عن إقصاء قيادات جبهة النصرة وشورتها".

المضمون والتوقيت
وتعليقا على ذلك تحدثت مصادر مقربة من جبهة النصرة في سوريا وأخرى في قيادة التيار السلفي الجهادي الأردن أحد الداعمين الرئيسيين للجبهة للجزيرة نت عن عدم وجود خلاف على مضمون رسالة الجولاني، لكنها اعتبرت توقيتها غير مناسب.

ولم تخف المصادر التي تحدثت من داخل سوريا عن أن رسالة الجولاني شكلت مفاجأة لقطاعات كثيرة من جبهة النصرة العاملة على طول الأراضي السوري وعرضها.

بل إن ذات المصادر توقعت أن يطفو مزيد من خلافات الجبهة بعد الرسالتين على السطح قريبا، ولم تستبعد بعضها أن تصل حد "الانشقاقات" إن لم يتم استدراك آثارهما بسرعة.

ومن جهته اعتبر قيادي بارز في التيار السلفي الجهادي بالأردن في حديث للجزيرة نت أن مضمون رسالة الجولاني "لا خلاف عليه والجميع يعرف أن الجبهة فرع لتنظيم القاعدة".

وأضاف القيادي، الذي طلب عدم كشف هويته "كان هناك عدم رضى عن توقيت الرسالة إلا أنه لا خلاف على مضمونها في أن الغاية من وجود الجبهة ليس فقط دعم الشعب السوري المظلوم وإنما إعادة سلطان الله في الأرض وتحكيم شرع الله ونشر المنهج".

قيادي سلفي أردني:
"هناك عدم رضى عن توقيت الرسالة إلا أنه لا خلاف على مضمونها في أن الغاية من وجود الجبهة ليس فقط دعم الشعب السوري المظلوم وإنما إعادة سلطان الله في الأرض وتحكيم شرع الله ونشر المنهج"

ولم يخف القيادي الجهادي وجود رأي يقول إن نظام بشار الأسد قد يكون استفاد من توقيت نشر الرسالة.

وزاد "هناك من الإخوة من يرى أن توقيت الرسالة يعطي مسوغا للنظام للبقاء ثابتا، وهناك من سيستفيد منها وخاصة في الغرب وبعض الأنظمة العربية للترويج بأنه سيتم استبدال نظام ظالم بتنظيم إرهابي".

غير أنه يرى أن الرسالة لم تغير من الواقع شيئا "فأميركا وضعت الجبهة على قائمة الارهاب"، و"أولوية النصرة اليوم مع بقية العاملين على أرض الشام إزالة نظام الطاغية وهذا هو الواقع قبل وبعد الرسالة".

وشرح أكثر بالقول السياسة الشرعية عند الإخوة في جبهة النصرة لا يستقونها من المفاهيم المادية والعلمانية، وإنما لهم سياسة شرعية مستقاة من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة".

رفض الدمج
ويؤكد أيضا الباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية وبمعهد كارنيغي للسلام والمتخصص بالجماعات الإسلامية محمد أبو رمان أن رد الجولاني على البغدادي مثل "مفاجأة وصدمة".

وقال للجزيرة نت "كان متوقعا من الجولاني إعلانه عدم قبول الدمج وهذا سيعزز حضور الجبهة في سوريا خاصة أنها تلافت أخطاء القاعدة في العراق حتى الآن، ومن مصلحة النصرة رفض الوحدة مع القاعدة في العراق وهو ما سيضعف رواية النظام السوري ويقلل من تجاذب النصرة مع بقية الأطراف في سوريا ويجنبها الدرس السابق الذي شهدته في العراق".

وزاد "لكن إعلان الجولاني الولاء للظواهري خلط الأوراق وأعطى للنظام السوري ورقة تقويه في وقت يواجه فيه عزلة دولية وعربية، وربما يؤثر بشكل سلبي أكثر على الاندفاع العربي والدولي على إزالة النظام السوري".

غير أن مراقبين يتحدثون عن أن رسالتي الجولاني والبغدادي وظهور خلافات النصرة على العلن لن يؤثر على موقف مختلف الأطراف من الثورة السورية.

فالنظام -وفق هؤلاء- مستمر بحله العسكري، كما أن الثوار حسموا أمرهم في المواجهة حتى إسقاطه، فيما وصل القطاع الأكبر من السوريين لخيار اللاعودة حتى إسقاط النظام، فيما الأطراف الدولية حسمت موقفها من رفض التدخل عسكريا أو تسليح المعارضة، والأهم أن الرسالتين لن تزيدا لا في معسكر المؤيدين للثورة ولا الداعمين للنظام.

المصدر : الجزيرة