أسيرات فلسطينيات سابقات يروين معاناتهن

جانب من ورشة عمل للأسيرات السابقات للحديث عن معاناتهن
undefined

خميس بن بريك-تونس

على أمل أن تلقى قضية الأسرى الفلسطينيين اهتماما ونصرة من المجتمع الدولي، روت أسيرات فلسطينيات سابقات معاناتهن داخل السجون الإسرائيلية، وذلك على هامش المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس.

عبلة سعدات زوجة زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعادات، الذي اختطفه الاحتلال من سجن أريحا عام 2006 وحكم عليه بالسجن ثلاثين عاما عام 2008، سردت للجزيرة نت معاناتها لما كانت أسيرة في المسكوبية "أسوأ زنازين الاحتلال بالقدس".

تقول عبلة -التي شاركت مع وفد كبير لتدويل القضية الفلسطينية في المنتدى الاجتماعي العالمي- إن أوضاع الأسرى الفلسطينيين تزداد سوءا، مشيرة إلى تعرّضها سابقا إلى سوء معاملة وتعذيب من الاحتلال.

لمّا كان عمرها 31 عاما زجّ بها الاحتلال الإسرائيلي في غياهب السجن سنة 1987. في تلك الفترة كانت عبلة أما لثلاثة أبناء كبيرهم غسان عمره أربع سنوات وأصغرهم صمود بنت لا يتجاوز عمرها التسعة أشهر.

‪‬ عبلة سعدات: لقد كانت تلك الفترة من أصعب محطات حياتي لأني كنت أما لثلاثة أطفال وانتزعت منهم(الجزيرة نت)
‪‬ عبلة سعدات: لقد كانت تلك الفترة من أصعب محطات حياتي لأني كنت أما لثلاثة أطفال وانتزعت منهم(الجزيرة نت)

آلام الماضي
تقول عبلة مسترجعة آلام الماضي "لقد كانت تلك الفترة من أصعب محطات حياتي لأني كنت أما لثلاثة أطفال وانتزعت منهم"، مستذكرة مشهد اقتحام جنود الاحتلال لبيتها في ليل دامس ليسحبوها بالقوّة مكتوفة اليدين للسجن.

ذلك المشهد لم يكن سوى نقطة البداية لمسلسل من الانتهاكات، فخلال مراحل التحقيق كانت عبلة مسلوبة الحقوق مذعورة من بطش الأعداء. وتقول "أثناء التحقيق كنا نتعرض للشتائم والسب والكلام البذيء والتهديد بالاغتصاب".

لم تكن تهمة عبلة المنتمية إلى الجبهة الشعبية سوى النضال لتحرير فلسطين، لكنها كانت جريمة للحكم عليها بالسجن لمدّة عام قضت منها شهرين ثمّ أطلق سراحها بسبب وقف التنفيذ في بقية المدّة طبقا لقرار المحكمة الإسرائيلية.

ستون يوما من الاعتقال بزنازين المسكوبية بالقدس، سيئ السمعة، جعلت من عبلة تعاني الأمرين لسلبها حريتها وانتزاعها من أطفالها وزوجها أحمد الذي كان أسيرا في ذلك الوقت، دون أن يتمكن أحدهما من رؤية الآخر بالسجن. أمّا أطفالها فكانوا في رعاية أخيها وابنة عمها برام الله.

فظائع
روضة عودي (65 عاما) أسيرة أخرى سابقة ذاقت أياما سودا بزنازين إسرائيل. هذه الناشطة باتحاد لجان المرأة الفلسطينية روت للجزيرة نت عن فظائع ارتكبت داخل المعتقلات التي تعرضت فيها للتعذيب والعزل.

روضة عودي: الأسرى تعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب والإهانات في العقود الماضية(الجزيرة نت)
روضة عودي: الأسرى تعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب والإهانات في العقود الماضية(الجزيرة نت)

عام 1969 دخلت روضة عودي السجن لأوّل مرّة واستمرت معاناتها طيلة أربع سنوات في الأسر عقابا لها على نضالها من أجل فلسطين.

سلبها الاحتلال حريتها مرّة أخرى عام 1975 وحكم عليها بالسجن سنة ثمّ اعتقلت عام 1993 لمدة أربعة أيام.

تقول روضة إنّ الانتهاكات الإسرائيلية تبدأ من لحظة الاعتقال وصولا إلى التحقيق والسجن، مؤكدة أنّ الأسرى الفلسطينيين تعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب والإهانات في العقود الماضية.

قصة مليئة بالآلام وممزوجة بالفخر ترويها روضة عن سوء المعاملة التي تعرضت لها بسجن نابلس، حيث أجبرها الاحتلال على النوم على الأرض مع 16 أسيرة فلسطينية في زنزانة "أربعة أمتار في أربعة".

وتقول "كان هناك سطل واحد نقضي فيه حاجتنا ونلقيه في الحمام خارج الزنزانة مرّة كل 24 ساعة". لكن ذلك كان هينا عليها كثيرا من منعها توديع أبيها الذي وافته المنية وهي وراء الأسوار الشائكة.

ثمّ تغيرت الأمور تدريجيا بعدما خاضت الأسيرات الفلسطينيات إضرابات جوع تحسنت بعدها نسبيا ظروف الاعتقال. وكان أهم إنجاز تحقق السماح بتعليم الأسرى داخل السجن، وفق قول عبلة.

لكن سرعان ما تستطرد "المشكل أنّ الإنجازات التي قدمنا لها أطنانا من دمنا وشهدائنا تسحبها إسرائيل بمزاجها"، مشيرة إلى فرض تضييقات كثيرة على الفلسطينيين لمنعهم من زيارة أسراهم.

ويرى نبيل شعث -المفوض العام للعلاقات الدولية بدولة فلسطين- أنّ قضية الأسرى "قضية تأتي في مقدمة النضال الفلسطيني"، مؤكدا وجود خمسة آلاف معتقل فلسطيني حاليا بالسجون الإسرائيلية.

ويقول للجزيرة نت إنه من بين كل ثلاثة فلسطينيين كان هناك فلسطيني مرّة داخل السجون الإسرائيلية وهو ما يعني "أكثر من مليون فلسطيني سجنوا في المعتقلات الإسرائيلية".

ودعا شعث إلى حشد الجهود لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة خلال المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس الذي يختتم اليوم السبت بمسيرة تضامنية مع فلسطين.

المصدر : الجزيرة