"السيدة الأولى" قوة الصين المرنة

سيدة الصين الاولى تخطف الانظار عن زوجها (رويترز
undefined

عزت شحرورـبكين

أثار أول ظهور رسمي للمغنية الصينية المشهورة بنغ لي يوان التي أصبحت سيدة الصين الأولى اهتمام وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الصينية بشكل غير مسبوق, إذ سرعان ما تحولت ملابسها وحقائبها وأحذيتها محلية الصنع إلى موضة احتلت واجهات المحال التجارية وشهدت إقبالاً واسعاً على شرائها.

لم تعتد وسائل الإعلام الصينية على استخدام مصطلح "السيدة الأولى" واعتاد الصينيون النظر إلى زوجات رؤسائهم السابقين بملامحهن الصارمة وسلوكهن الجاف كمجرد ظل لأزواجهن فقط, لكن يبدو أن"بنغ لي يوان" كسرت هذا التقليد واستطاعت بابتسامتها وأناقتها وجاذبيتها وهي تتأبط ذراع زوجها الرئيس الصيني الجديد "شي جين بينغ" بحميمية أن تخطف الأبصار عن زعيم أكبر حزب شيوعي ورئيس ثاني أكبر اقتصاد في العالم, وأن تجبر عدسات الكاميرات على التوجه نحوها بدلاً منه أو على الأقل أن تشاركه المشهد.

وترافق "بنغ" زوجها في أول زيارة رسمية له بعد أيام على تسلمه منصبه بدأها من موسكو ثم إلى عدة دول أفريقية وليتوجها بحضور قمة "مجموعة البريكس" في جنوب أفريقيا.

وتولي الصين ورئيسها أهمية بالغة لهذه الزيارة وترغب من خلالها بإرسال رسائل وإشارات محددة بشأن أولويات سياستها وعلاقاتها الخارجية للمرحلة القادمة, والتي لم يكن من ضمنها بالتأكيد إبراز أناقة السيدة الأولى, لكن مراقبين يرون أنه لا ضرر من ذلك بل على العكس فإن ما حققته "بنغ" من اهتمام إعلامي محلي ودولي بها يمكن الاستفادة منه في إطار القوة المرنة التي تسعى الصين إلى ترويجها لتحسين صورتها في الداخل والخارج.

ظل الجانب الإنساني والحياة الخاصة لقادة الصين سراً من أسرار الدولة وبعيداً عن اهتمامات المواطن ووسائل الإعلام طوال العقود الستة الماضية منذ تأسيس الجمهورية

وظل الجانب الإنساني والحياة الخاصة لقادة الصين سراً من أسرار الدولة وبعيداً عن اهتمامات المواطن ووسائل الإعلام طوال العقود الستة الماضية منذ تأسيس الجمهورية, لكن اهتمام المواطن الصيني ووسائل الإعلام ببنغ ليس وليد اللحظة فقد انتشرت أغانيها الفلوكلورية وألبوماتها في جميع أنحاء الصين وعرفت منذ عقود كمغنية فولكلورية في الفرقة التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني ومن خلال إحيائها كل عام حفلات رأس السنة الصينية وهي الحدث التلفزيوني الذي يحظى بأكثر نسبة مشاهدة في العالم.

كما عرفت أيضاً من خلال قصة حبها الشهيرة مع الرئيس الجديد عندما كان يتولى منصب نائب عمدة مدينة شيامن جنوبي شرقي البلاد منتصف ثمانينيات القرن الماضي, وكذلك عندما اختارتها منظمة التجارة العالمية كسفيرة نوايا حسنة لمكافحة الإيدز والحد من التدخين, وأيضاً من خلال حملاتها لجمع التبرعات لضحايا زلزال ستشوان عام 2008.

ورأى كثير من الصينيين الذين استطلعت الجزيرة نت آراءهم أن الوقت قد حان كي يرفع الستار عن الحياة الخاصة والجانب الإنساني لدى القادة الصينيين بعد عقود من التكتم, في حين رأى البعض الآخر أن "دبلوماسية السيدة الأولى" لم تعد حكراً على الغرب، وأن الصين قد نضجت وأصبحت جاهزة لذلك، وفق رأيهم.

واستبعد خبراء أن تتمكن "بنغ لي يوان" أو أن يسمح لها بلعب أي دور سياسي في البلاد على غرار الدور الذي لعبته "جيانغ تشين" زوجة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ عندما تزعمت ما عرف باسم "عصابة الأربعة" أثناء "الثورة الثقافية" منتصف ستينيات وسبعينيات القرن الماضي, والتي أدت إلى فوضى سياسية واجتماعية عارمة عمت البلاد.

ويؤكد المراقبون أن دور السيدة الأولى في الصين سيشهد تفعيلاً واهتماماً أكثر لكنه سيبقى دوراً محصوراً في المجالات الاجتماعية والإنسانية والبيئية.

المصدر : الجزيرة