فلسطينيو 48 ضحية للتقشف بإسرائيل
يمثل فلسطينيو 48 على الدوام ضحايا لسياسات التقشف التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية للخروج من أزماتها الاقتصادية.
وقد حال ذلك دون انخراطهم في الحياة الاقتصادية، وحرمانهم من الموارد الأساسية بالدولة، بفعل سياسات التمييز المطبقة بحقهم منذ حرب عام 1948 والمعروفة بالنكبة ليعانوا الإجحاف في الميزانيات المخصصة لهم مقارنة مع ما يحصل عليه اليهود.
وجاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ليعمق من الأزمة الاقتصادية، وزادت الحملة التي عرفت بـ"عامود السحاب" من الضبابية على المشهد الاقتصادي العام، وتركت آثارها على الموازنة العامة التي تعاني من عجز وصل نحو 12 مليار دولار، مما يضع الحكومة الإسرائيلية في مواجهة تحديات لمواجهة التقشف وتقليص الخدمات الاقتصادية والاجتماعية.
وقدمت وزارة المالية الإسرائيلية مشروع قانون تقليص وتقشف بالميزانية العامة للدولة لعامي 2013 و2014، الذي يستهدف بالأساس الداخل الفلسطيني بسكانه ومؤسساته وتجمعاته السكنية وكذلك الطبقات الاجتماعية الضعيفة.
ويقضي القانون المقترح بتقليص يصل نحو عشرة مليارات دولار بمختلف الوزارات الحكومية، وتقليص ميزانية وزارة الدفاع بملياري دولار، إلى جانب خفض خدمات الصحة والتعليم والإسكان والرفاه، وميزانيات الدعم الحكومي للشرائح الضعيفة، وإلغاء الهبات الممنوحة للحكم المحلي، مقابل فرض المزيد من الضرائب على الأجور والأملاك والأراضي.
فقر وبطالة
واستعرض مدير عام المركز العربي اليهودي للتطوير الاقتصادي حلمي كتانة الواقع الاقتصادي الاجتماعي المزري لفلسطينيي 48، متهما الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتحمل كامل المسؤولية عن الفقر المنتشر بأوساطهم، في ظل غياب مناطق صناعية وتجارية، وانعدام البنى التحتية للنمو والازدهار الاقتصادي، وغياب مشاريع الاستثمار.
وأبدى كتانة -في حديثه للجزيرة نت- مخاوفه من أن يكون المواطنون الفلسطينيون الضحية الرئيسية لسياسة التقشف والتقليص التي سيتم اعتمادها، باعتبار أنهم الحلقة الأضعف سياسيا واجتماعيا، وعانوا منذ النكبة من سياسات تمييز ممنهجة بكافة المجالات.
ونبه -في هذا الخصوص- إلى أن الطبقات والشرائح الضعيفة بالمجتمع الإسرائيلي تجد من يدافع عنها ويساندها، وهو ما أدى إلى إعطاء الكنيست الحكومة الجديدة الغطاء القانوني بتأجيل النظر في مشروع الميزانية لفترة 85 يوما إضافيا إلى حين التوصل لاتفاق بين مختلف أقطاب الائتلاف الحكومي بشان التقليص.
وبين كتانة أن المركز الذي يترأسه كان قد بادر -قبيل الانتخابات- إلى تقديم وثيقة تلتزم من خلالها الأحزاب في إسرائيل بتطبيق العدالة والمساواة، وتقليص الفوارق والفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين العرب واليهود.
لكنه شكك في استجابة الحكومة والتزامها بهذه الوثيقة، خصوصا وأن وزارة المالية الجديدة رصدت ميزانية أولية بقيمة 15 مليون دولار للناجين من المحرقة، مقابل تقليص نحو 45 مليون دولار ميزانيات مستقبلية حددت بالسابق لفلسطينيي 48 الذين كانوا دائما يتحملون عبء سياسات التقشف، وكبش الفداء لسد عجز الموازنة.
وأوضح النائب بالكنيست عن حزب التجمع الدكتور باسل غطاس أن الحكومة الجديدة ستكون رهينة للسياسات الاقتصادية التقليدية التي تحددها وتفرضها النخب الاقتصادية المنتفعة والمتنفذة والمسيطرة على الاقتصاد، داعيا وزير المالية الجديد يائيير لابيد إلى عدم الانجرار وعدم الرضوخ لإملاءات النخب المهيمنة على الاقتصاد الإسرائيلي.
وذكر -للجزيرة نت- أن النخب الاقتصادية ستسعى لاستغلال نفوذها والتلويح بالأزمة الاقتصادية والعجز بالموازنة، في محاولة لإقناع وزير المالية بفرض تقليص وتقشف بالميزانيات المخصصة للوزارات الحكومية وجميع القطاعات والطبقات المسحوقة والضعيفة، ومن ضمنهم -بالطبع- الأقلية الفلسطينية، وكل ذلك لتفادي المساس بهذه النخب التي تحظى بالإعفاءات الضريبية والتسهيلات والقروض والهبات الحكومية.
واستبعد غطاس إمكانية الخروج من الأزمة الاقتصادية ما لم تنحسر سياسة التقشف وتقليص ميزانيات الطبقات الضعيفة، مطالبا بإجراء تخفيض جوهري في ميزانية الأمن والاستيطان، مع فرض الضرائب على سوق المال والبورصة، وإلغاء التسهيلات والإعفاءات الضريبة والقروض التي تمنح للشركات الكبرى، إضافة لتغيير سلم الأولويات برصد الميزانيات والاستثمار بالقطاع الاجتماعي والتجاري والصناعي للشرائح الاجتماعية الضعيفة والفقيرة، بغية الوصول إلى نمو وازدهار اقتصادي.