هل ستنجح كينيا في اختبار الرئاسيات؟

أثناء الاقتراع في الانتخابات التمهيدية الشهر الماضي.
undefined

مهدي حاشي-نيروبي

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي تعد الأهم في تاريخ كينيا، يتساءل الكثير من المواطنين والمهتمين بشأن هذا البلد من دول العالم والقوى الإقليمية، عما إذا كانت البلاد ستنجح في تجاوز هذا الاختبار الصعب، خاصة في ظل مخاوف من اندلاع أعمال عنف مثلما حدث في 2007.

فمن المقرر أن يتوجه في الرابع من مارس/آذار الجاري أكثر من 14 مليون ناخب كيني لاختيار رابع رئيس للبلاد منذ استقلالها عن الاستعمار الإنجليزي عام 1963، بالإضافة إلى أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ وحكام الأقاليم وممثلي المرأة والبلديات.

ويتنافس على المقعد الرئاسي ثمانية مرشحين، لكن فرص النجاح تنحصر بين أوهورو كينياتا رئيس تحالف "جبيلي" ورئيس الوزراء الحالي رائيلا أودينغا رئيس تحالف "كورد" .

حالة ترقب
وتعيش البلاد حالة من الترقب وشد الأعصاب مع بدء العد التنازلي "ليوم ولادة الجمهورية الثانية"، كما قال الرئيس الكيني مواي كيباكي، وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف رغم تطمينات الحكومة والمرشحين الذين تعهدوا بقبول النتيجة.

كلنزو مسيوكا، نائب رئيس الوزراء أثناء خطاب له أمام أنصاره (الجزيرة نت)
كلنزو مسيوكا، نائب رئيس الوزراء أثناء خطاب له أمام أنصاره (الجزيرة نت)

وتستعيد ذاكرة الكينيين ما حدث في انتخابات 2007 من أعمال عنف مرعبة بعد إعلان نتائج الانتخابات التي أعلن فيها فوز الرئيس المنصرف مواي كيباكي على منافسه رئييلا أودينغا.

وقد أسفرت المواجهات الدامية حينها عن مقتل أكثر من 1200 شخص وتهجير مئات الآلاف من قراهم، حيث اتخذ الصراع منحى عرقيا في بلد تعد القبيلة أهم سماته.

وتحسبا لأي طارئ، تحاول الغالبية الساحقة من الكينيين  قضاء فترة الانتخابات في مناطقهم الأصلية، كما غادر البلاد العديد من عائلات الأجانب، وأيضا عطلت المدارس والجامعات ومعظم المرافق الحكومية والخاصة لأسبوعين.

ومما يزيد المخاوف تراشق السياسيين وتبادلهم الاتهامات، فقد اتهم تحالف المرشح رائيلا أودينغا بعض المسؤولين في الدولة بالسعي لتزوير الانتخابات الأمر الذي نفاه المسؤولون.

ومن المعروف في كينيا أن المواطن يصوت بناء على التحالفات القبلية لذا فإن الحديث عن فرص هذا المرشح أو ذاك يعتمد بالدرجة الأولى على وزن عشيرته والقبائل المتحالفة معها بعيدا عن أي اعتبارات أخرى من قبيل النزاهة والوطنية وغيرها.

ويقول الباحث والصحفي عمر محمود للجزيرة نت إن الجميع يرغب في ترجيح كفة مرشحي عشائرهم في مناطقهم الأصلية.

آمال ودعوات
ورغم التوتر والهواجس التي تخيم هناك آمال كبيرة بأن تتمكن البلاد من اجتياز هذا الاختبار الصعب الذي سيحول كينيا -في حال النجاح- إلى واحة للديمقراطية والاستقرار، كما يقول المراقبون، وذلك بفضل الدستور الجديد الذي أقر عام 2010 والذي عالج الكثير من نقاط الضعف في النظام الكيني خاصة ما يتعلق بفصل السلطات وتوزيع الثروات.

وقد استبعد الكثير من المواطنين الذين استطلعت الجزيرة نت آراءهم تكرار تجربة 2007 المريرة -في حال تم الحسم من الجولة الأولى- شأنهم في ذلك شأن العديد من المسؤولين الحكوميين والمرشحين الذين أكدوا في تصريحاتهم بأن العنف بالنسبة لكينيا أصبح شيئا من الماضي.

ويرى الباحث عمر محمود في حديثه للجزيرة نت أن نسبة حدوث عنف في الانتخابات الحالية ضئيلة، لأن كينيا استخلصت الدروس من تجربة 2007 المريرة، بالإضافة إلى ذلك "فإن هناك شفافية غير مسبوقة في العملية الانتخابية الحالية".

الإمام الشيخ محمد صالح (يسار) حث المسلمين لأن يكونوا قدوة لغيرهم (الجزيرة نت)
الإمام الشيخ محمد صالح (يسار) حث المسلمين لأن يكونوا قدوة لغيرهم (الجزيرة نت)

وكان رئيس لجنة الانتخابات المستقلة إسحاق حسن قد طمأن المواطنين الكينيين والعالم بأن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة. وحسب حسن فإن هناك 2600 مراقب أجنبي بالإضافة إلى 20 ألف مراقب محلي و5000 صحفي يتابعون العملية الانتخابية. 

ويضيف عمر محمود أن الحكومة الكينية استعدت للانتخابات بشكل جيد وأن العالم يراقب عن كثب ما يجري في البلاد مما يقلل من احتمالية حدوث تلاعب أو عنف.

من جهته ناشد الرئيس المنتهية ولايته مواي كيباكي أمس الكينيين الالتزام بالهدوء أثناء التصويت، وقال كيباكي "يجب أن نحافظ على بلدنا ووحدتنا الوطنية".

وفي السياق نفسه شدد الشيخ محمد صالح إمام المسجد الجامع في نيروبي أهمية المحافظة على السلم أثناء الانتخابات داعيا الكينيين إلى العيش بوئام، وحث صالح المسلمين -أثناء خطابه لمجلس الأئمة في نيروبي هذا الأسبوع- على أن يكونوا قدوة لغيرهم.

جولة إعادة
ورغم ادعاء أبرز المرشحين تحقيق الفوز في الجولة الأولى فإن معظم استطلاعات الرأي التي أجريت في الأسابيع الماضية أكدت احتمال إجراء جولة إعادة بين أوهور كينياتا ورائييلا أودينغا مما يزيد من حدة التنافس والاحتقان.

وتعني جولة الإعادة -حسب ما أكد العديد من المواطنين للجزيرة نت- المزيد من الضغط وزيادة درجة التوتر، كما أن الجولة الثانية ستكلف خزينة الدولة ستة مليارات شلن كيني.

وقد بدأ بعض المرشحين يحث الناخبين على التصويت لهم بكثافة لتفادي إجراء جولة إعادة كي ينفقوا هذه الأموال على المجالات الحيوية. ومن المقرر أن تجري جولة الإعادة في العاشر من أبريل/نيسان القادم.

المصدر : الجزيرة