هل يقود النظام الإريتري حملة تصفية؟

نائب رئيس جهاز الأمن الوطني الإرتيري
undefined

أحمد دعدوش-الدوحة

بعد أقل من أسبوعين على ما سمي في إريتريا "حركة 21 يناير/كانون الثاني" التي حاصرت فيها مجموعة من الضباط وزارة الإعلام للمطالبة بالإصلاح، تزايدت الشكوك بشأن عودة ظاهرة التصفية بحق شخصيات مناهضة للنظام الحاكم، حيث تلقت الجزيرة نت من مصادر في عائلة العقيد عبد الرحمن جاسر نائب رئيس جهاز الأمن الوطني ما يثير شكوكا حول ظروف وفاته الغامضة السبت الماضي.

وأكدت المصادر للجزيرة نت أن العقيد جاسر -ووظيفته المعلنة هي رئيس الإدارة المالية في جهاز الأمن الوطني- كان يتمتع بصحة جيدة قبل وفاته، حيث أجرى فحوصا طبية شاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل نحو شهرين، وتبين له عرضا أنه يعاني فقط من حصوة في الكلى قبل أن يسارع إلى استخراجها بعملية بسيطة.

وأضافت المصادر أن جاسر شارك في احتفالات المولد النبوي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث شوهد في الاحتفال الديني بصحة جيدة، وذلك قبل يومين من الحركة التي سيطرت فيها مجموعة من الضباط على وزارة الإعلام ثم انسحبت.

ووفقا لهذه المصادر، فإن صحة جاسر النفسية ساءت على الفور بعد تلك الأحداث، ثم سرعان ما بدأ يتوعك مما دفعه لمراجعة أحد الأطباء، وبالرغم من تحسن وضعه الصحي فإنه عاد للتدهور سريعا قبل أن يتوفى صباح السبت.

وقد طالبت أسرة العقيد بتشريح الجثة قبل دفنها، لكن السلطات تجاهلت الطلب وأصدرت تصريحا بدفنه في مقابر الشهداء، مما يزيد من شكوك عائلته وبعض المراقبين بشأن تعرضه لجريمة قتل مدبرة.

رسالة قيل إن النظام الإريتري أرسلها لسفارته بلندن لتشويه
رسالة قيل إن النظام الإريتري أرسلها لسفارته بلندن لتشويه "حركة 21 يناير"  (الجزيرة)

تشويه وتصفية
وفي هذا السياق، أشار الناشط والمحلل السياسي الإريتري عبد الرحمن السيد -في اتصال مع الجزيرة نت -إلى أن النظام في أسمرا يقود حركة تصفية واعتقالات ضد قيادات وشخصيات مسلمة، حيث اختفى مؤخرا كل من مسؤول الشؤون التنظيمية في الحزب الحاكم عبد الله جابر، وحاكم الإقليم الجنوبي مصطفى نور حسين.

وبالرغم من عدم تأكيد اعتقالهما، فإن اختفاء الرجلين -مع تعرض الأول لحالة تسمم غير قاتلة قبل أيام- يعيد إلى الأذهان قصصا مشابهة لحالات تصفية قام بها النظام الإريتري ضد معارضيه في عقد تسعينيات القرن الماضي، حسب الناشط المقيم في لندن.

وكشف السيد للجزيرة نت عن تسريب رسالة قيل إن النظام في أسمرا أرسلها إلى سفارته في لندن بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني الماضي باللغة التغرينية (اللغة الرسمية لإريتريا)، وهي تتضمن توجيهات للسفير تطالبه بإقناع الرأي العام بأن الحركة التي أعلنت التمرد مؤخرا ذات توجه إسلامي متطرف، وأنها حركة "ما دون وطنية"، ولم يتم التحقق بعد من صحة الرسالة.

‪السيد: حركة 21 يناير كانت وطنية ولم تسع لتحقيق مصالح عسكرية‬  (الجزيرة)
‪السيد: حركة 21 يناير كانت وطنية ولم تسع لتحقيق مصالح عسكرية‬  (الجزيرة)

تحريض طائفي
وأوضح الناشط في حقوق الإنسان أن هناك حالات اعتقال عديدة جرت مؤخرا بحق شخصيات مسلمة في بلد يتميز بتنوعه العرقي والديني، وبالتزامن مع حالة من التحريض الطائفي تهدف إلى تشويه صورة "حركة 21 يناير" لدى الرأي العام محليا ودوليا.

ورأى السيد أن الحركة كانت وطنية وبرعاية كاملة من الجيش الوطني، فبالرغم من الغموض الذي ما زال يلف هذه الأحداث، فإن خروج الضباط الذين يقدر عددهم بالمائة من مبنى وزارة الإعلام، وعودتهم إلى مقار أعمالهم -بعد تسوية سياسية مفترضة- دون تعرضهم للمحاكمة، يؤكد أنهم يحظون بحماية الجيش كله وليسوا مجموعة متمردة.

كما لفت السيد إلى أن المطالب التي قدمتها المجموعة -في بيان بثته عبر التلفزيون الرسمي أثناء سيطرتها عليه- تؤكد أنها لم تكن حركة انقلاب عسكري، لعدم تضمنها أي بند يتعلق بمصالح العسكريين، مرجحا كونها حركة وطنية لمطالبتها "بالإفراج عن السجناء السياسيين" وتطبيق الدستور الذي أقر في 1997، وينص على التعددية السياسية وإجراء انتخابات.

وقد أفادت تقديرات الأمم المتحدة العام الماضي بأن ما بين خمسة وعشرة آلاف سجين سياسي محتجزون في إريتريا. وتتهم جماعاتٌ معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان السلطاتِ في إريتريا بممارسة التعذيب والإعدام دون محاكمة.

وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن الرئيس أسياس أفورقي لا يزال يحكم هذا البلد ذا الأغلبية المسلمة بيد من حديد منذ إعلان استقلاله في عام 1993، بعد حرب استمرت 30 عاما ضد إثيوبيا.

المصدر : الجزيرة