ملاحقات قضائية لأشقاء قيادات بحزب الله

رغم رفع الحزب الغطاء عن المطلوبين للقضاء من أنصاره إلا أن الشارع حمله المسؤولية الإخلاقية عنهم
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

 ما يزال الجدل محتدما في لبنان حول مسؤولية حزب الله "الأخلاقية والأدبية والسياسية" عما جرى كشفه مؤخرا من تهم فساد كبيرة طالت أشقاء وزراء ونواب تابعين له، واستغلال هؤلاء مواقع أشقائهم القيادية لتجاوز هيبة الدولة وكسر القانون.

فمنذ الإعلان عن اتهام شقيق وزير الشؤون الإدارية محمد فنيش -القيادي في الحزب- بالتورط بملف إدخال أدوية فاسدة، وكذا اتهام شقيق النائب في البرلمان عن الحزب أيضا حسين الموسوي بتشكيل عصابة لسرقة السيارات وتصنيع حبوب مخدرة؛ والأسئلة تدور حول موقف الحزب ومدى مسؤوليته المباشرة.

وكان النائب العام التمييزي اللبناني القاضي حاتم ماضي، أصدر مذكرة بحث وتحرٍ بحق شخصين أحدهما شقيق الوزير فنيش على خلفية ملف تزوير توقيع وزير الصحة وإدخال أدوية فاسدة وتوزيعها في البلاد.

أدوية فاسدة
وكشفت التحقيقات أن الأدوية الفاسدة والمزورة التي جرى إدخالها، دخلت لبنان أواخر شهر أغسطس/آب عبر تزوير توقيع وزير الصحة ونقيب الصيادلة، لكن أمرها لم ينكشف إلا أواخر أكتوبر/تشرين الأول، مما يعني أنها بيعت وجرى تناولها من قبل المرضى لمدة شهرين قبل افتضاح أمرها.

وفتح خصوم الحزب -وتحديدا من تيار المستقبل– نار الانتقادات بحقه على خلفية القضية، رافضين التبريرات التي دفع بها، من أن أشقاء النواب والوزراء يتحملون بشخوصهم مسؤولية أفعالهم دون امتدادها لأشقائهم. وقالوا إن غالبية الأنشطة المحظورة كانت تتم على مرأى ومسمع من الحزب ذاته وداخل مناطقه.

ويضيف هؤلاء بأن تنامي سلطة الحزب وتوسع نفوذه السياسي والأمني، أتاح لبعض مناصريه والمحسوبين عليه فرص التأثير والتدخل والانتفاع المشروع وغير المشروع. وحمّلوا الحزب المسؤولية الأخلاقية الكاملة، بالنظر لقدرته على لجم هذه الظاهرة وكشفها ومحاسبة القائمين عليها بكل يسر وسهولة.

‪مطالبات الشارع اللبناني للحزب تركزت على عدم تسخير سلاح المقاومة لحماية المطلوبين على ذمة قضايا فساد‬ (الجزيرة)
‪مطالبات الشارع اللبناني للحزب تركزت على عدم تسخير سلاح المقاومة لحماية المطلوبين على ذمة قضايا فساد‬ (الجزيرة)

سوء إدارة
ويرى مراقبون أن حزب الله لم يحسن إدارة أزمته أو إيجاد الحلول الخلاقة للفكاك منها، فهو لم يقم بأي خطوة شجاعة مقنعة تجاه الرأي العام، وتحديدا في رفع الغطاء الكلي عن المتهمين، أو تسليمهم حتى لو كانوا أشقاء لقياداته، حيث اكتفى جهازه الأمني بتسليم بعض المتورطين الصغار للأجهزة المختصة.

في المقابل قال النائب عن الحزب حسين الموسوي "إذا كان الهدف النيل مني ومن انتمائي، فإني أنصح المفترين على الحقّ والمزوّرين للحقيقة، أن يفهموا أنّهم لن ينالوا شيئاً".

وأضاف "كنا دائماً تحت راية الحقّ والقيم والأخلاق، ونطالب بالالتزام بالقانون والقضاء العادل والمحافظة على مصلحة الوطن من طرف كلّ المواطنين، دون تمييز بين قريب وبعيد أو أخ وغريب"، داعيا إلى "محاسبة كلّ مرتكب على جريمته".

كما أصدر الوزير فنيش بدوره بيانا بعد شيوع تورط شقيقه بفضيحة الأدوية الفاسدة أكد فيه أن الأمر "منوط بالإدارة المعنية والقضاء، لاتخاذ كل التدابير الإدارية والقضائية في حال ثبوت التهمة، وإنني لم أغطّ ولن أغطّي ولا أغطي أيًا ممن يثبت تورّطه في هذا الأمر".

بدورهما، أكد وزير الصحة علي حسن خليل المنتمي لحركة أمل، ووزير العدل شكيب قرطباوي المنتمي لتيار ميشال عون حليف حزب الله أنهما سيمضيان بحزم في ملف محاسبة المتورطين قضائيا أيا كانوا.

تسييس واستغلال
ونقلت صحف لبنانية عن نواب في حزب الله تحذيرهم من تسييس القضية أو استغلالها للنيل من سمعة الحزب وموقفه من قضايا الفساد، محذرة من مغبة خلط الأمور ببعضها أو تحويلها لقضية تجاذب سياسي، داعية لإبقائها ضمن نطاق الجرم الجنائي الذي هو من اختصاص القضاء والقانون.

من جهته قال المحلل السياسي فادي شامية إن المتهمين في القضايا المذكورة "موجودون في لبنان وفي مناطق معلومة، لكن لا يجرؤ أحد على التوجه إليهم واعتقالهم لكونهم موجودين ضمن مناطق الحزب، فضلا عن حملهم السلاح الذي يمنع توقيفهم".

واستبعد شامية اعتقال المتهمين مشيرا إلى أن القضية "ستطوى وتغلق وتنسى مثلها كمثل عشرات القضايا التي تورط فيها أشخاص ما زالوا يحتمون بمناطق الحزب".

المصدر : الجزيرة