دروز فلسطين يرفضون التجنيد الإسرائيلي

عمر وسط كوادر الشبيبة الشيوعية التي رافقته قبيل دخوله للسجن
undefined
 محمد محسن وتد-أم الفحم
 
فضّل الشاب الفلسطيني عمر زهر الدين السجن على الانخراط في صفوف جيش الاحتلال وإشهار السلاح في وجه أشقائه، ولم يتردد في الاحتجاج قبالة مكتب التجنيد الإسرائيلي في طبريا لإسقاط قانون "التجنيد الإجباري" المفروض على شباب الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها.
 
وفي المظاهرة التي نظمتها "الشبيبة الشيوعية" وشارك فيها العديد من المشايخ ونشطاء سياسيون وأعضاء لجنة المبادرة العربية الدرزية المناهضة للخدمة العسكرية، تسلح زهر الدين وأشقاؤه الثلاثة "بآلات موسيقية" وعزفوا ألحانا مناهضة للحرب.

وقرأ زهر الدين على المحتجين الرسالة التي بعث بها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه آنذاك إيهود باراك، ردا على تسلمه أول استدعاء للتجنيد، وقال فيها "أعارض قانون التجنيد المفروض على الدروز، وأرفض الانخراط في الجيش الإسرائيلي لقناعاتي الوطنية والقومية ولدوافع ضميرية وإنسانية"، مضيفا "أنا موسيقي أعزف للسلم الإنساني وحرية الشعوب واستقلال فلسطين وعودة اللاجئين.. سلاحي الموسيقى ولن أحمل غيره".

‪عمر زهر الدين يعزف على الكمان‬ (الجزيرة نت)
‪عمر زهر الدين يعزف على الكمان‬ (الجزيرة نت)

عار التجنيد
وتساءل زهر الدين في رسالته "أنحدر من طائفة ظُلمت بقانون جائر، فكيف لي أن أشهر السلاح بوجه أبناء شعبي الفلسطيني؟ وكيف يمكن أن نخوض المعارك والحروب ضد أهلنا وإخواننا في لبنان وسوريا وفلسطين؟".

كما تساءل "كيف لي أن أكون جنديا على الحواجز وأحرس جدار الفصل العنصري لمنع أبناء شعبي من التواصل مع القدس؟.. لا أتخيل نفسي مرتديا البزة العسكرية الإسرائيلية لأكون سجانا لأبناء شعبي وغالبيتهم من الأسرى والمحاصرين".
 
ولوح زهر الدين بإشارة النصر فأدخل السجن ليلحق بوالده زهر الدين سعد (50 عاما) الحاصل على ماجستير في الفلسفة، والذي رفض الخدمة العسكرية قائلا "وصلت إلى قناعة في حينه بأنني لن أخدم بالجيش الإسرائيلي، وفضلتُ من دوافع وطنية وقومية الحصول على شهادة طبية من أخصائي نفسي تفيد بأنني أعاني أمراضا نفسية وعصبية على أن أنخرط بالجيش، وهذا الأسلوب كان دارجا بين الشباب الدروز".

‪زهر الدين سعد يتحدث للمحتجين‬ (الجزيرة نت)
‪زهر الدين سعد يتحدث للمحتجين‬ (الجزيرة نت)

موقف مبدئي
يقول سعد للجزيرة نت "على مدار خمسة عقود تجندت مجموعات واسعة من الشباب الدروز في الجيش الإسرائيلي بحكم القانون القسري الذي استهدف إبعادنا عن شعبنا وسلخنا عن امتدادنا مع العالم العربي".

وأمام ما تعانيه طائفته من تمييز، تساءل قائلا "ما هو واقع قرانا ومجتمعنا وشبابنا؟ وعلى ماذا حصلنا؟.. إجحاف وتمييز وتخلف بجميع قطاعات الحياة.. صودرت 83% من أراضينا ونعاني الفقر بغياب مناطق صناعية وتدني مستوى الخدمات وتراجع التعليم".
 
من جهته قال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية غالب سيف إن أبناء الطائفة "البالغ تعدادها نحو مائة ألف، رفضوا قانون التجنيد الإجباري الذي فرض عام 1956، حيث وقع حينذاك نحو 1241 شخصا على وثيقة ترفض الخدمة العسكرية مقابل 16 فردا دعموا القانون الذي أصرت إسرائيل على فرضه لأسباب سياسية".

وأكد أن الرفض مبدئي وليس عرضيا، ويصب في صلب العمل السياسي لمختلف قطاعات الداخل الفلسطيني.

في المقابل، وظفت إسرائيل -حسب سيف- العقوبات الجائرة وساومت الناس على لقمة العيش مقابل الانخراط في الجيش، "واليوم ورغم كل المضايقات نشهد تيارا جارفا يرفض ظلم التجنيد، وتتعاظم ظاهرة رفض الخدمة العسكرية حتى باعتراف مراكز الأبحاث الإسرائيلية".
 
تضامن
أما السكرتير العام لمنظمة "الشبيبة الشيوعية" أمجد شبيطة فأكد تصاعد وتيرة الحراك الشعبي التضامني مع الشباب الدروز الرافضين للخدمة العسكرية، معتبرا أن حالة عمر زهر الدين تشكل نموذجا لظاهرة تتعلق بمئات الشباب الذين يتصدون بطرق مختلفة لأوامر الاستدعاء إلى مكاتب التجنيد، ويبحث الغالبية منهم عن الثغرات القانونية للتخلص من الواجب.

وشدد شبيطة على أهمية دعم رافضي التجنيد "لتعزيز معنوياتهم في أوساط الشباب ليسيروا على دربهم، إذ نلحظ مؤخرا تكتل مجموعات تختار الطريق الأصعب لتعبر عن موقف سياسي برفض التجنيد"، مؤكدا عزم زملائه على النضال لإسقاط القانون الجائر، وقال "نربي ونثقف الأجيال الناشئة على رفض الخدمة العسكرية والتصدي لكافة أشكال التجنيد".

المصدر : الجزيرة