العمايرة.. من رئيس تحرير لبائع هريسة

وليد التعمري صحفي فلسطيني ناقد وعاشق للحرية: كلما ابتعدت عن الكتابة الصحفية يكويني الحنين لها "
undefined
وديع عواودة-الخليل

وليد العمايرة صحفي يتحول من رئيس تحرير لبائع هريسة في كل مرة تغلق فيها السلطة الفلسطينية صحيفته "أخبار الخليل"، بسبب "إطالة اللسان" وتوجيه الانتقادات اللاذعة لها.

في نهاية الشهر الجاري يعتزم التعمري الاحتفال بابنته المدللة والمشاغبة "أخبار الخليل" بمناسبة عيد ميلادها الـ14 رغم أنها تسبب له الصداع دائما.

والعمايرة -الذي ينحدر من مدينة الخليل ويبلغ من العمر خمسين عاما- صحفي مشاكس في تصريحاته وكتاباته واعتاد دفع ثمن سباحته ضد التيار حيث أغلقت صحيفته واعتقل عشرات المرات.

وعلاوة على الروح النقدية، تمتاز صحيفة أخبار الخليل بمضامين اجتماعية متنوعة، ومن ضمن زواياها "يا ناس.. لا تنشروا كل بضاعتكم على الفيسبوك"، وأخرى بعنوان "حرب على السجائر" لمكافحة التدخين وتبيين مخاطره.

توظيف النكتة
يبدو العمايرة بشوشا في حديثه لكنه ساخط ومستاء ويوظف النكتة للتعبير عن رأيه وإيصال رسالته. ويقول التعمري -الذي أغلقت صحيفته ستين مرة وتم توقيفه نحو مائة مرة- إن الإغلاق لا يخضع للقانون إنما يتم بشكل تعسفي ودون أمر قضائي.

ابتداء من 2002 عمل التعمري أربع سنوات في بيع الهريسة بالسوق ثم عاد لاحقا لمنصب رئيس التحرير

ويتابع ساخرا "كلما كتبت مقالا سياسيا ناقدا خاصة فيما يتعلق بممارسات السلطة وفساد بعض أجهزتها تتم دعوتي لشرب القهوة لدى المخابرات والأجهزة الأمنية".

ويضيف أن "العملية تكررت حتى صرت أكره القهوة"، قائلا "لولا روح الدعابة عندي لأجهزوا علي".

ويكشف أن ضباط المخابرات يخاطبونه في كل توقيف بالقول "احترم السلطة الفلسطينية كما تحترمك".

لكن العمايرة يقول إنه ظل وفيا لمدرسته الصحفية الناقدة لأنه يجيد السباحة عكس التيار، حسب تعبيره. ولتبرير منهجه يتساءل: هل نبقى طيلة العمر غارقين بالنفاق والرياء، ومن الذي سيقوم بمهمة النقد: بائع الخيار أم الصحفي والمثقف؟

وينبه إلى أن قصته مع السلطة الفلسطينية قديمة، ويستذكر كيف دهم رجال الأمن مقر صحيفته وأغلقوه بعدما كتب في 2002 مقالا ناقدا ضد المبعوث الأميركي أنطوني زيني.

المصلحة الوطنية
بعد المداهمة توجه التعمري للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وأطلعه على ما جرى، لكن الأخير رد عليه بالقول "هذه المصلحة الوطنية يا وليد".

التعمري:
في مهنة بيع الهريسة اكتشفت وجود وحدة وطنية حقيقية، لأنه لا خلافات حول الطبيخ، بينما في الصحافة تكتب مقالا فتغضب فتح أو حماس

وعندما أبلغ العمايرة عرفات بأن من حق وواجب الصحيفة توجيه النقد  للمسؤولين وأن إغلاقها يقطع أرزاق موظفيها، رد عليه قائلا "لا أستطيع فتحها فالأميركيون هم من أغلقوها"، حسب روايته.

عندما تطول مدة إغلاق الصحيفة يتحول التعمري من رئيس تحرير لبائع هريسة، ليعود لاحقا لشغل منصبه الأول عندما يؤذن له في العودة للصحافة.

وابتداء من 2002 عمل العمايرة أربع سنوات في بيع الهريسة بالسوق ثم عاد لمنصبه الأول وكتب على صدر الصفحة الأولى تقريرا تحت عنوان "رئيس التحرير الذي تحوّل لبائع هريسة.. من بركات عملية السلام".

وردا على سؤال عن ما اكتشفه في المهنة البديلة قال إنه أدرك خلال بيع الهريسة وجود وحدة فلسطينية حقيقية، لأنه "لا خلافات حول الطبيخ بينما في الصحافة تكتب مقالا فتغضب حركة التحرير الوطني (فتح) أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس)".

ورغم مذاق الهريسة الحلو يظل التعمري مشدودا للصحافة، قائلا "يكويني الحنين للكلمة فالرسالة تطلبني وتناديني وأدفع فاتورتها دون ندم".

ويرى العمايرة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس مصدر التضييق على الصحافة إنما بعض الأجهزة الأمنية تعادي الحرية وتتصرف كبقية المخابرات العربية.

وإلى جانب تجربته الصحفية، يعتبر العمايرة مثقفا كبيرا ومطلعا على أحوال العالم، حيث زار 130 دولة في ثمانينيات القرن الماضي.

ويوجز العمايرة الرحلة الاستكشافية -التي تزوج خلاها في رومانيا- بالقول "العالم عبارة عن مسلسل مغامرات وهو مجنون ويحتاج لكثير من المستشفيات النفسية".

المصدر : الجزيرة