لشدة البرد والجوع.. الموت يحدق بريف اللاذقية

الثلوج تغطي المنازل باللاذقية
undefined
عمر أبو خليل- ريف اللاذقية
 
أم سعود أرملة قتل زوجها في أحداث الثورة.. تسكن مع طفليها في قرية مرتفعة بجبال اللاذقية، وظلت لفترة تعيل أسرتها من حليب بقرة هي كل ما تملك.
 
لكن مشكلة أم سعود تجاوزت الترمل والعوز بعد أن عزل الثلج بيتها عن العالم وغطى الأعشابَ والبساتين التي كانت تطعم منها البقرة فجف ضرعها وتوقف مصدر الدخل الوحيد.

تدرك أم سعود أن الثلج لن يذوب قبل عشرة أيام حتى لو توقف سقوطه الآن، مما يعني أنها لن تتمكن من بيع الحليب وتوظيف ثمنه في شراء الطعام للأطفال.

وأمام هذه الحيرة وقلة الحيلة تساءلت أم سعود: بماذا سأطعم أولادي؟

وبما أن الظروف لم تسعفها في الإجابة على هذا السؤال، لم تجد الأرملة والأم المعدمة بدا من أن تغرق في نوبة من البكاء تعبيرا عن حزنها على فلذات كبدها.

الغذاء والوقود
لليوم الرابع على التوالي يستمر تساقط الثلج على ريف اللاذقية ويتسبب في إغلاق الطرقات، ومنع وصول المواد الغذائية والوقود بعد أن وصل ارتفاعه إلى متر ونصف في القرى الأكثر تضررا.

تساقط الثلج على ريف اللاذقية تسبب في إغلاق الطرقات ومنع وصول المواد الغذائية والوقود

السكان الذين كانوا في الأساس يعانون من نقص الغذاء لم يعد لديهم ما يقتانون به وباتوا يعتمدون على شراء الخبز من الباعة المتجولين بسياراتهم، أو على ما يوزعه الفرن المجاني الوحيد في المنطقة.

هذه الحال ألجأت الأهالي لطحن الشعير الذي كانوا يحتفظون به علفا لحيواناتهم وخبزه لأطفالهم.

لكن الكثير من الأسر لا تملك شعيرا ولا أي نوع من الحبوب التي يمكن طحنها وخبزها، مما يجعلها فريسة سهلة لثنائي البرد والجوع.

أما التسعيني أبو شعبان، فتحدث للجزيرة نت عن معاناته بعد انقطاع الخبز -الذي كان قوام طعامه- لمدة ثلاثة أيام.

أبو شعبان الذي يشكو من عدم وجود من يعتني به، قال إنه بدأ يشعر بألم في معدته ويخشى من المرض.

تهديد الحياة
وتشير نشرات الطقس إلى احتمال استمرار العاصفة لأيام عدة، مما يعني ازدياد سماكة الثلج وإغلاق الطرقات.

ذوو المرضى يعيشون معاناة مضاعفة لخوفهم من احتمال وفاتهم بسبب البرد وانقطاع الأدوية

ومن شأن استمرار هذا الوضع لأيام أن يهدد حياة جميع السكان تقريبا في ظل افتقارهم لوسائل مقاومة الشتاء نظرا لارتفاع الأسعار وتوقف مصادر الدخل "بعد احتراق البساتين إثر قصف النظام لها".

ويعيش ذوو المرضى معاناة مضاعفة حيث يخشون من تفاقم وضعهم الصحي واحتمال وفاتهم بسبب البرد وانقطاع الأدوية التي تستعمل باستمرار.

ويقول الشاب مصطفى إنه قطع مسافة 12 كيلومترا سيرا على قدميه لجلب دواء لوالده الذي أصابته نوبة ربو، لكنه عاد خالي الوفاض لنفاد الدواء من الصيدلية.

لكن مصطفى -الذي كاد يتجمد في الطريق- قال إنه لجأ في النهاية إلى قرية أخرى وأخذ جرعة من أحد مرضى الربو ليضيف: أنا مدين له ما حييت.

وتبدو مشاهد الألم والمعاناة في كل زاوية وتحت كل سقف وعلى وجوه الجميع الذين يتمنون زوال الثلج بعد أن كان نعمة يرجوها الناس.

المصدر : الجزيرة