في مصر.. الحناجر تواجه العساكر
"وري ابتسامتك للي فكرينك .. لما اتسجنتي هينحني جبينك"، بهذه الكلمات عبرت أغنية "زي الحمام" للفنان الشاب أحمد شطا عن "فخر" شباب مصر بفتيات الإسكندرية اللواتي صدرت بحقهن أحكام بالسجن 11 سنة بتهمة رفع شعار رابعة العدوية، قبل تخفيضها في الاستئناف إلى سنة مع وقف التنفيذ.
و"زي الحمام" واحدة من عشرات الأغاني الشبابية التي ترفض الانقلاب العسكري وتعج بها مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما يطغى الحماس على بعض الأغاني الرافضة للانقلاب، تخلد أخرى ضحايا المجازر وتعبر عن مدن وفئات معينة كطلاب الجامعات أو قرى دلجا وكرداسة.
مظاهرات ووقفات
وساهم تشغيل المتظاهرين لهذه الأغاني في المظاهرات والوقفات عبر مكبرات الصوت في ارتفاع وتيرة الإنتاج الفني والغنائي الرافض للانقلاب في مصر.
ويؤكد أصحاب هذه الأغاني أنهم يخوضون حربا خارج الساحات والميادين لتوعية الرأي العام بأن الكلمة قد تكون أبلغ من الحشود، وأن دبابات الجيش لن تفلح في هزيمة أصواتهم.
ويقول محمد الصنهاوي -وهو أحد الفنانين المعارضين للانقلاب العسكري- إنه لم يكن يخشى من الاعتقال عندما فكر في الغناء ضد بطش العسكر، إلا أنه اختار أن يعيش مطاردا بعد أن اقتحمت قوات الأمن منزله وروّعت عائلته.
وأضاف الصنهاوي أنه قدّم عملين غنائيين هما "حلال على ترابك" الذي تحدث عن فلسفة الثورة من حيث إنها فعل مستمر يواصل تحقيق أهدافه، و"حورية وطن" بمناسبة فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث تناول المرأة باعتبارها "وطنا وحرما لا يجوز هتكه".
ويقول إن الغناء وسيلته الرئيسية في مواجهة ما سماه الظلم والتضليل الإعلامي الذي يعبث بعقول الناس، مضيفا: "حناجرنا أقوى من دباباتهم ولن نتوقف أبدا عن المقاومة لأننا أصحاب قضية".
مولوتوف TV
وإلى جانب الأعمال الفردية تميزت فرقة "مولوتوف TV" بغزارة الإنتاج ومناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، في طابع كوميدي يمزج بين الغناء والتمثيل.
ويقول عضو الفرقة وائل النجار إنهم يهتمون بالتعبير عن نبض الشارع المصري، وأنتجوا في هذا الإطار ثلاثة أعمال غنائية حول أزمة أسطوانات الغاز، وأغانيَ لتمجيد صمود الصعيد في دعم الشرعية ورفض الانقلاب، وأغنية أخرى للتهكم على الدستور الجديد.
ويعتبر أن الأعمال الفنية وسيلة وواجب وطني لمواجهة الانقلاب العسكري، قائلا: لا يمكن أن نتخلى عن الغناء على الرغم من قصور الإمكانيات المادية والفنية.
وبحسب النجار، فإن أعضاء فرقة "مولوتوف TV" يواجهون أخطارا على سلامتهم وأمنهم، بعد أن هددت السلطات الحالية باعتقالهم.
ويقول الخبير الاجتماعي والتربوي معتز شاهين إن هذه الأعمال الغنائية تعبر عما يجيش في صدور الشباب من غضب تجاه الانقلاب العسكري، وإنها بوصلة لقياس الحالة الثورية التي وصل لها الشارع.
ويضيف -للجزيرة نت- أن الأغاني وسيلة مهمة لإيصال أشد وأعمق القضايا المتعلقة بالثورة على الظلم بشكل بسيط وسلس للمواطن البسيط.
لكن شاهين انتقد ما سماه سطحية الكثير من هذه الأغاني وافتقارها لرؤية إستراتيجية تخدم الهدف، داعيا أصحابها لتطوير منتجاتهم وانتهاج أساليب خاصة للتواصل مع المواطنين في ظل تجاهل الإعلام لهم.