"قبرص" على طاولة الحل التركي اليوناني

لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع نظيره اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس على هامش اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك في دورتها الـ 68
undefined
وسيمة بن صالح-أنقرة
 
في خطوة تاريخية هي الأولى من نوعها، سيتم بحث تسوية القضية القبرصية بإجراء محادثات متزامنة في الوطنين الأم لسكان الجزيرة، إذ سيزور ممثل الشطر اليوناني أنقرة لأول مرة، في ذات الوقت الذي يزور فيه ممثل الشطر التركي أثينا. ويتوقع أن تتم الزيارة المتزامنة هذه قبل نهاية العام الحالي.

ويأمل المراقبون للقضية القبرصية نتائج ملموسة لحل وضع الجزيرة بانطلاق هذا الحراك عقب لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو نظيره اليوناني إيفانجيلوس فينيزيلوس في نيويورك خلال مشاركتهما بأعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الـ68.  

وفي حديث خاص له مع الجزيرة نت أكد المتحدث باسم الخارجية التركية لاواند كومروكجو أن الأتراك كانوا دائما يسعون للتوصل لمثل هذا الاتفاق، وأن معايير الحل معروفة للطرفين فمباحثات عدة عقود، تجعلنا نعرف الحل بدون شك. لكن ما ينقص برأيه هو "الإرادة السياسية"، وخاصة من قبل اليونانيين.

واستشهد على هذا بخطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لتوحيد الجزيرة عام 2004 "حيث وافق عليها القبارصة الأتراك بنسبة 65% في حين رفضها القبارصة اليونانيون بنسبة 75% وحكم على المشروع  بالفشل" في حينه.

كومروكجو: المباحثات المقبلة ستكسر الحاجز بين أنقرة وأثينا(الجزيرة نت)
كومروكجو: المباحثات المقبلة ستكسر الحاجز بين أنقرة وأثينا(الجزيرة نت)
كسر الحاجز النفسي
وأشار المسؤول التركي إلى أن اليونانيين كانوا يتخوفون من هذه الخطوة حتى لا تصب سياسيا في صالح القبارصة الأتراك، واعتبارها اعترافا بشرعية الشطر التركي من الجزيرة. فهم ينظرون لتركيا على أنها "الدولة الكبيرة ذات القوة العسكرية الكبيرة والأطماع في الجزيرة".

وعزا كومروكجو "أوهام اليونانيين" إلى عدم انخراطهم في عمل مشترك مع تركيا من قبل. لكن تم بالفعل تجاوز هذه المخاوف، وستساهم المباحثات المقبلة في كسر هذا الجدار تماما.

لكنه شدد على أن القرار الأخير يعود للقائمين على الجزيرة من كلا الطرفين، والمباحثات في أنقرة وأثينا هي فقط لمساعدة أصحاب الشأن. "الطرفان يحتاجان لضمانة من قوتين خارجيتين، وهما في هذه الحالة الوطنان الأم تركيا واليونان". وهذه الرعاية من شأنها منح سكان الجزيرة شعورا  بالأمان والطمأنينة.

وأضاف المسؤول التركي سيزور الممثل الخاص لشمال قبرص التركية عثمان أرتوغ أثينا للقاء مسؤوليها في الخارجية، وسيزور في نفس الوقت الممثل الخاص لجنوب قبرص أندرياس مافرويانيس أنقرة. ووصف زيارة الممثل اليوناني بأنها الأهم "لأن من شأنها أن تساهم في رؤية اليونانيين مدى رغبة تركيا بالسلام".

وربط  كومروكجو موعد الزيارتين بنتائج اللقاءات التي يقوم بها المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ما بين المسؤولين في شطري الجزيرة لإجراء مباحثات بينهما، بعد أن انقطعت منذ عام تقريبا.

وأضاف أن مباحثات تركيا واليونان ستتم إما قبل هذه المباحثات أو بعدها "إما أن نقوم به قبل مباحثاتهم لإعطائهم شحنة إيجابية وضخ دماء جديدة فيها، وإما بعدها ليتمكنوا من تحضير إطار الحل الذي يرونه مناسبا، ونحن نعمل على أساسه". فالمسألة رهينة بالوقت -كما أشار- لكنه أكد أن لا عودة للوراء، وأن الطرفين متمسكان بهذه الخطوة.

وأكد أن الموارد الطبيعية المحيطة بالجزيرة، هي مصدر محتمل لاندلاع صراع، لكن إذا تم التوصل للحل، ستكون "مصدر تعاون وازدهار والمكاسب ستكون للجميع وليس لطرف دون آخر".

وتعتبر القضية القبرصية بين البلدين من أقدم القضايا والأزمات المطروحة على الأمم المتحدة. فقد قسمت الجزيرة المتوسطية عام 1974، حين أمر رئيس الوزراء التركي آنذاك نجم الدين أربكان قوات الجيش التركي بالتدخل عسكريا في قبرص، ردا على انقلاب قام به قوميون قبارصة يونانيون بدعم من أثينا بهدف ضمها إلى اليونان.

وتم الإعلان عن إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني لعام 1983، لكنها بقيت دون اعتراف إلا من تركيا، في حين تحظى قبرص اليونانية باعتراف المجتمع الدولي بأجمعه وهي عضو في الاتحاد الأوروبي.

المصدر : الجزيرة