هل ينجح الحوار في إنهاء أزمة تونس؟

انطلاق الحوار الوطني في ظلّ تحفظات بعض الأطراف السياسية
undefined

خميس بن بريك-تونس

 

يعلّق السياسيون في تونس آمالا كبيرة على نجاح مبادرة الحوار الوطني للخروج من الأزمة التي تفجّرت منذ أكثر من شهرين عقب اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي رغم أن بعض الأطراف السياسية شككت في إمكانية التوصل إلى نتيجة حاسمة.
 
ولتحديد جدول أعمال الحوار، انطلقت اليوم الاثنين أول جلسة مغلقة بين الأحزاب الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) والتي وقعت على مبادرة المنظمات الراعية للحوار، وهي اتحاد الشغل واتحاد أرباب الأعمال والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وهيئة المحامين.
 
ووقعت أغلب هذه الأحزاب السبت الماضي على وثيقة المبادرة كقاعدة لانطلاق الحوار. ومن ضمن الموقعين حزب حركة النهضة وحزب التكتل من أجل العمل والحريات وهما شريكان في الائتلاف الحاكم إضافة إلى أحزاب المعارضة.
 
أحزاب رافضة
لكن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية – المشارك في الائتلاف- وحزب الإصلاح والتنمية وتيار المحبة رفضوا التوقيع على المبادرة شرطا مسبقا لانطلاق الحوار، في حين قاطعت حركة وفاء الحوار، الأمر الذي أثار تساؤلات عن نجاح المفاوضات.
 
وأصبح السؤال الأكثر تداولا هو هل ستنقذ المبادرة التي طرحها الرباعي الراعي للحوار تونس من أزمتها؟
 
وفي هذا السياق تقول رئيسة اتحاد أرباب الأعمال وداد بوشماوي "نحن متفائلون بنجاح الحوار وسنعمل بكل جهد وحياد لبلوغ ذلك".
 
‪بوشماوي أعربت عن أملها في التحاق الأحزاب الرافضة بالحوار‬ (الجزيرة)
‪بوشماوي أعربت عن أملها في التحاق الأحزاب الرافضة بالحوار‬ (الجزيرة)

واعتبرت في حديث للجزيرة نت أن المنظمات الراعية للحوار نجحت في إقناع أبرز الأحزاب بالتوقيع على المبادرة، معربة عن أملها بأن تلتحق بقية الأطراف بطاولة الحوار للاتفاق على بنود خريطة الطريق ووضع حدّ للأزمة التي أربكت الاقتصاد.

 
من جهته، قال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بالقاسم العياري إن المنظمات ستواصل محادثاتها مع الأحزاب المنسحبة لدعوتها للالتحاق بالحوار والتوقيع على المبادرة "كخطوة للخروج من المأزق السياسي بإجماع شامل".
 
لكنه أكد للجزيرة نت أن انسحاب بعض الأطراف "لن يعرقل" الحوار لأنّ أهم الأحزاب السياسية وقعت على المبادرة، مضيفا أن جلسة اليوم ستحدد جدول الأعمال قبل الشروع في التدقيق في نقاط المبادرة.
 
وتنص المبادرة على وجوب إنهاء مهام المجلس التأسيسي بعد إقرار الدستور وقانون الانتخابات وانتخاب أعضاء الهيئة الانتخابية وتحديد موعد الانتخابات في شهر، هذا إلى جانب استقالة الحكومة الحالية وتعويضها بأخرى غير حزبية في ثلاثة أسابيع.
 
وأعربت أحزاب المعارضة عن عزمها على تنفيذ خريطة الطريق هذه رغم أنها طالبت سابقا بحلّ المجلس التأسيسي.
 
بدوره رحب حزب حركة النهضة -صاحب أغلبية المقاعد النيابية- بالمبادرة لكنه ربط نجاحها باستكمال المهام التأسيسية قبل كل شيء.

الدستور والانتخابات
ويقول الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي "إذا طلب من الحكومة الاستقالة خلال ثلاثة أسابيع فلا بدّ في المقابل أن يكون هناك التزام وجوبي بإنهاء العمل التأسيسي وإقرار الدستور وتحديد موعد الانتخابات".

ويضيف في تصريح للجزيرة نت أن حركة النهضة عبرت بتوقيعها على وثيقة المبادرة عن حسن نيتها لإنجاح الحوار وإنهاء الأزمة السياسية واستكمال المرحلة التأسيسية في أقرب وقت، لإجراء انتخابات شفافة تشرف عليها حكومة غير حزبية.

‪الجبالي: توقيع النهضة على المبادرة يعكس رغبتها في إنجاح الحوار‬ (الجزيرة)
‪الجبالي: توقيع النهضة على المبادرة يعكس رغبتها في إنجاح الحوار‬ (الجزيرة)

وكان رئيس الحكومة والقيادي البارز في حركة النهضة علي العريض قال في افتتاح الحوار السبت الماضي إن الحكومة ستواصل القيام بدورها لحين استكمال المهام التأسيسية، مؤكدا على انفتاح الحكومة على نتائج الحوار.

غير أن قرار مجلس شورى حركة النهضة جاء مخالفا تماما للمبادرة، إذ رفض إنهاء مهام المجلس التأسيسي قبل انتخاب مجلس تشريعي جديد، وتمسك ببقاء الحكومة الحالية لحين استكمال المهام التأسيسية، التي يستبعد مراقبون إنهاءها في شهر واحد.

في السياق ذاته، يقول رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني -والذي رفض التوقيع على المبادرة- إنّ الأحزاب الموقعة تعتمد مغالطة لشعب ولبعضها بعضا، مؤكدا أن خريطة الطريق المطروحة "لن تكون محلّ توافق أو نجاح".

وحزب الإصلاح والتنمية هو حليف حركة النهضة في ائتلاف سياسي يضمّ 12 حزبا، لكنه وحزب المؤتمر رفضا التوقيع على المبادرة بدعوى أنها تضمنت "شرطا ابتزازيا للمعارضة وهو التوقيع المسبق على الوثيقة دون المشاركة في إعدادها".

وكشف القوماني في حديث للجزيرة نت عن تحفظات على المبادرة لعدم ربط استقالة الحكومة بإنهاء المرحلة التأسيسية وضبط عمل المجلس التأسيسي بمهام محدودة والتنصيص على تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات دون تحديد مدتها.

المصدر : الجزيرة