أرامل الصومال.. عنوان معاناة مزدوجة

توفي زوجها قي قرية عيل بردي بجنوب الصومال
undefined

عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو

حليمة أرملة صومالية وأم لثلاثة أولاد تكابد كغيرها من أرامل الصومال مشقة الحياة وحدها دون معيل يساعدها في توفير مستلزمات أطفالها الصغار. في الصومال لا فرق بين رجل وامرأة، الكل  يواجه ظروف حياة بائسة بسبب دوامة العنف المستمرة بالبلاد منذ أكثر من عقدين.

ولكن الأرملة في الصومال تواجه معاناة مزدوجة لأنها تصبح الأم والأب للأسرة أي مصدر المال والحنان، وهذه معادلة صعب تحقيقها في بلد لا يتجاوز فيه مدخول الفرد اليومي "المحظوظ" بضعة دولارات.

صباح كل يوم تخرج حليمة من مسكنها في أحد مخيمات النازحين بمدينة بوصاصو الساحلية لتبيع الشاي في سوق المدينة.

وتجولت الجزيرة نت في السوق لتجد العشرات من الأرامل الصوماليات اللاتي يعملن في السوق بمهن تجارية مختلفة لتأمين لقمة العيش لأطفالهن.

حليمة التي بدأت فصولها المؤلمة بعد وفاة زوجها، تقول للجزيرة نت إنها حاولت العيش في قريتها "عيل بردي" بجنوب الصومال، لكنها لم تستطع الصمود بسبب عدم وجود مهن للمرأة تساعدها في اكتساب قوت يومها.

"بعدها قررتُ السفر إلى بوصاصو، اعتقدتُ أن هذه المدينة أفضل حالاً من قريتي، لكنني رأيت واقعاً مغايراً وصعباً للغاية" تتابع حليمة.

‪عدد الأرامل الصوماليات اللاتي يعملن بسوق بوصاصو وحده بألفي أرملة‬ يُقدر (الجزيرة)
‪عدد الأرامل الصوماليات اللاتي يعملن بسوق بوصاصو وحده بألفي أرملة‬ يُقدر (الجزيرة)

دولاران يوميا
ولم تجد حليمة وظيفة لائقة لإعالة وتعليم أطفالها، تشرح -وقد ترك البؤس والفقر أثارا على محياها- أنها عملت في البداية خادمة، لكن "العمل في المنازل مرهق جداً ويتطلب غيابا طويلا عن الأطفال إضافة إلى أن عائد العمل المادي لا يكفي مصاريف الأطفال اليومية".

وتضيف "قررتُ بيع الشاي داخل سوق بوصاصو، أحصل في اليوم على ما يقارب 40 ألف شلن صومالي (دولاران) وهذا المبلغ غير كاف لمعيشة الأولاد اليومية ناهيك عن دفع رسومهم الدراسية".

ورغم هذه المعاناة أبدت هذه الأرملة إصرارا على تعليم أطفالها فسجلتهم في حلقات حفظ القرآن القريبة لمكان سكنهم في المخيم، و"هي ضمن إمكانياتي المادية على عكس تكاليف المدرسة".

معاناة متزايدة
وتحتضن مدينة بوصاصو الساحلية بشرق الصومال نحو 50 ألف نازح فروا من مناطق جنوب الصومال بسبب الحروب والاقتتال الداخلي، ويعيش هؤلاء النازحون ظروفاً إنسانية بالغة التعقيد.

وحسب آخر الإحصائيات التي أوردتها المنظمات الإنسانية العاملة في بوصاصو، فإن نسبة الأرامل الصوماليات داخل مخيمات النزوح في المدينة تُقدر بـ65% من مجموع النازحين في مخيمات بوصاصو.

جامع: المرأة الصومالية واجهت في السنوات العشرين الماضية الكثير من العقبات والتحديات (الجزيرة)
جامع: المرأة الصومالية واجهت في السنوات العشرين الماضية الكثير من العقبات والتحديات (الجزيرة)

غير أن رئيسة منظمة "نحن ناشطات المرأة الصومالية" حواء علي جامع تقول إن منظمتها تدرب خمسة آلاف أرملة في مناطق بونتلاند الصومالية على مهن يدوية كالخياطة والتطريز والمهن التجارية البسيطة لتساعد الأرامل على كسب قوت يوم أطفالهن.

وأشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أن المرأة الصومالية واجهت خلال السنوات العشرين الماضية الكثير من العقبات والتحديات في سبيل رعاية أطفالها والحصول على لقمة عيش شريفة لأبنائها.

مهن شاقة
وعن العوائق التي تواجهها الأرملة العاملة في تربية أبنائهن، تقول جامع "إن الأرملة تخرج من منزلها في الصباح الباكر ولا ترجع إليه إلا مع غروب الشمس، والخاسر هو الطفل الصغير الذي لا يحظى بالرعاية والتربية الضرورية".

بدورها تقول الناشطة في قضايا حقوق المرأة بالصومال فاطمة عبد القادر إن عدد الأرامل الصوماليات اللاتي يعملن في سوق بوصاصو وحده يُقدر بألفي أرملة صومالية، يعملن في تجارة بيع الخضروات واللحوم، والمنسوجات والألبسة، والبخور والعطور، وغيرها من المهن التجارية البسيطة.

وأضافت أن  الأرامل النازحات يعملن خادمات في البيوت وفي جمْع القمامة وغيرها من المهن الشاقة، ويعزفن دائماً عن اكتساب مهارات تجارية، وهو ما يزيد من معاناتهن.

المصدر : الجزيرة