الحوار الوطني بتونس يترنح

جانب من الاحتجاجات ضدّ الحكومة الحالية أمس بالعاصمة
undefined

خميس بن بريك-تونس

انطلق الحوار الوطني في تونس أمس الأربعاء بشكل متعثر بعدما انتقدت المعارضة تصريحات رئيس الحكومة علي العريض الذي اشترط استكمال المرحلة التأسيسية قبل تقديم استقالته، في وقت تشهد فيه البلاد توترا أمنيا واعتداءات مسلّحة.

ورجحت جبهة الإنقاذ -التي تضمّ فصائل متنوعة من المعارضة ونوابا منسحبين من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)- إمكانية الانسحاب من الحوار في حال لم يقدم رئيس الحكومة العريض تعهدا مكتوبا باستقالته بعد ثلاثة أسابيع من انطلاق الحوار وفق ما تنص عليه خارطة الطريق.

ويأتي هذا الموقف ردّا على ما اعتبرته المعارضة مناورة من رئيس الحكومة لكسب الوقت ومزيد من تعيين أنصار حزبه حركة النهضة في المناصب الإدارية، مؤكدة أنه لم يقدم تعهدا صريحا بالاستقالة خلال ثلاثة الأسابيع التي اقترحها رباعي الوساطة: اتحاد الشغل واتحاد أرباب الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان.

وكان العريض جدد في كلمة ألقاها مساء أمس -بعد تأخير دام ساعات بسبب الظروف الأمنية الاستثنائية إثر مقتل ستة أمنيين على يد مسلحين في سيدي بوزيد– استعداده للتخلي عن الحكم شريطة "تلازم المسار الدستوري الانتخابي" بمعنى إنهاء كتابة الدستور وإحداث الهيئة الانتخابية.

من جهة أخرى، وفي تثبيت لحسن نيته قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي -في كلمة متلفزة بعد تصريحات العريض- إن الأخير أبلغه بأن استقالة الحكومة "لا رجعة فيها" فور الانتهاء من مشروع الدستور وتعيين اللجنة المستقلة للانتخابات.

‪منجي الرحوي: المعارضة ستعاود الاحتجاج إذا رفضت الحكومة الالتزام بخارطة الطريق‬  (الجزيرة)
‪منجي الرحوي: المعارضة ستعاود الاحتجاج إذا رفضت الحكومة الالتزام بخارطة الطريق‬  (الجزيرة)

بناء الثقة
لكنّ النائب المنسحب منجي الرحوي قال للجزيرة نت إنّ تصريحات رئيس الحكومة، "لم ترتق إلى المستوى المأمول لإعادة بناء الثقة من أجل الانطلاق فعليا في الحوار الذي طالت جلساته الترتيبية بسبب عدم التوافق على انتخاب هيئة الانتخابات".

وأكد الرحوي أن النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي قرروا "عدم العودة" إلى المجلس إلا بعد تعهد رئيس الحكومة بشكل واضح الاستقالة خلال فترة ثلاثة أسابيع، مؤكدا أن الحوار هو "الحلّ الأمثل" لتسوية الأزمة وفسح المجال لحكومة كفاءات "قادرة" على التصدي لهجمات المسلحين المتزايدة.

ويقول الرحوي -وهو قيادي بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد- إنّ المعارضة "ستعود" إلى الاحتجاج بالساحات في حال رفض رئيس الحكومة الالتزام بخارطة الطريق التي وقعها حزبه حركة النهضة وشريكها في الحكم حزب التكتل وقاطعها حليفهما حزب المؤتمر.

وبالفعل فقد أعلنت جبهة الإنقاذ المعارضة عن بداية اعتصام أمام محيط رئاسة الحكومة بساحة القصبة عقب احتجاجات نظمتها أمس الأربعاء بالتزامن مع مرور عامين على أولى انتخابات شفافة بعد الثورة، لكن أعقبتها تجاذبات سياسية.

واحتشد أمس آلاف من المتظاهرين بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة قبل أن ينتقلوا إلى ساحة القصبة، مطالبين بإسقاط الحكومة الحالية والمجلس الوطني التأسيسي، وهو ما عابته حركة النهضة على المعارضة واعتبرته "محاولة لزعزعة الحوار".

‪عامر العريض: النهضة جادة في إنجاح الحوار‬ (الجزيرة)
‪عامر العريض: النهضة جادة في إنجاح الحوار‬ (الجزيرة)

النهضة تنتقد
وانتقد الأمين العام لحركة النهضة ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي بشدة دعوة المعارضة خلال الاحتجاجات لإسقاط الحكومة واتهام الحركة بالتورط في "الإرهاب"، معتبرا ذلك محاولة للتشويه وإرباك الحوار الوطني، وتساءل باستغراب عن تزامنها مع مقتل ستة أمنيين.

كما رفض الانتقادات التي وجهتها المعارضة لرئيس الحكومة، معتبرا أن تصريحاته تضمنت تعهدا صريحا باستقالة حكومته خلال ثلاثة أسابيع وفق خارطة الطريق المقترحة من رباعي الوساطة الراعي للحوار.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض إنّ تصريحات رئيس الحكومة فيها "تعهد واضح" باستقالته وفق ما تنص عليه خارطة الطريق، مضيفا أنّ "ذلك التعهد يقابله تعهد آخر بإقرار الدستور وإحداث هيئة الانتخابات وتحديد موعدها". وأكد للجزيرة نت أنّ حركة النهضة "جادة" في إنجاح الحوار لإيجاد تسوية للأزمة.

يذكر أنّ أنصار حركة النهضة قد احتشدوا ليلة البارحة أمام المسرح البلدي بالعاصمة للتعبير عن مساندتهم للحكومة، مستنكرين ما اعتبروه محاولة للانقلاب على الحكم من قبل أحزاب يسارية راديكالية "لا تملك شعبية"، حسب تعبير بعضهم.

المصدر : الجزيرة