جامعيون فلسطينيون في طرق الموت

لا توجد موانع أمنية تحول دون منح محمد تصريحا للتوجه إلى عمله بإسرائيل من خلال المعابر، لكنه يقول إن الاحتلال لا يمنح التصاريح لغير المتزوجين أو لمن ليس لديهم أطفال، مما يضطره كآلاف آخرين لسلوك دروب التسلل المعروفة بين العمال بطرق الموت والتي تقتضي الغياب عن الأهل لشهرين أو أكثر تجنبا للمخاطر.

"نحمل أرواحنا على أكفنا" بهذه العبارة يصف محمد رحلة الذهاب إلى ورشات العمل والعودة منها عبر فتحات في الجدار الإسرائيلي العازل أو الطرق النائية التي تتجاوزه ويستخدمها العمال غير الحاصلين على تصاريح دخول إلى إسرائيل.
ويؤكد أن عددا من حملة الشهادات الجامعية يعملون معه. ويضطر العمال المتسللون -والمقدر عددهم بنحو ثلاثين ألفا داخل إسرائيل وفي المستوطنات- لاستخدام سيارات رباعية الدفع يقودها مغامرون وبسرعات جنونية لتجاوز المناطق الوعرة ودوريات المراقبة وصولا إلى نقاط العبور، بينما تنتظرهم في الجانب الآخر سيارات مماثلة تجمع بينها المخاطرة وتجاهل قوانين وأنظمة السير.
وبالأمس الأول كان رزيقات وسبعة من زملائه العمال يخاطرون بأرواحهم عبر فتحة في مقطع من الأسلاك الشائكة بمنطقة الرماضين أقصى جنوب الضفة، ولدى تحركهم في سيارة كانت تنتظرهم صدمتهم سيارة عسكرية عمدا، على حد قوله.
ورغم فظاعة الحادث وإصابة جميع العمال بجراح متوسطة وطفيفة، يؤكد رزيقات أن الجنود صوبوا بنادقهم تجاه العمال وأبقوهم داخل السيارة المحطمة لمدة عشر دقائق، ثم أنزلوهم تحت تهديد السلاح وأجبروهم على الانبطاح أرضا على بطونهم ومنعوهم من الحركة لأكثر من أربعين دقيقة.
ولتفادي المحاسبة والتحقيق -وفق العامل الفلسطيني- رفض الجيش نقل المصابين إلى مستشفى إسرائيلي رغم وقوع الحادث داخل الخط الأخضر، ودفعوهم إلى خارج الجدار لينقلوا إلى مستشفيات محلية.
شهداء وجرحى
وقبل ذلك بيوم أصيب عاملان خلال ملاحقتهما من قبل قوات الاحتلال، واستشهد آخرون خلال محاولتهم اجتياز الجدار بحثا عن فرصة عمل داخل إسرائيل.

وقبيل العيد قرر رزيقات أن يحضر المناسبة مع ذويه ويشتري هدية لخطيبته التي طال انتظارها له، لكنه وجد نفسه وعددا من زملائه فريسة "كبسية" في إشارة لاقتحام ورش العمل بحثا عن العمال غير القانونيين، حيث أوقفتهم شرطة الاحتلال في ورشة بمدينة تل أبيب وانهالت عليهم بالضرب المبرح قبل نقلهم إلى معبر سيرا غرب رام الله.
ووفق الوكيل المساعد بوزارة العمل آصف سعيد، ينضم سنويا قرابة 45 ألف فلسطيني من خريجي الجامعات وغيرهم لطابور الباحثين عن العمل، بينما سوق العمل الفلسطينية تستوعب خمسة آلاف فقط.
وفي حديث للجزيرة نت، قال سعيد إن الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية حالت دون استيعاب الباحثين عن فرص العمل إلا بعض الاستثناءات، مشيرا إلى بعض البرامج المحدودة للغاية والتي تتبناها وزارة العمل لمساعدة الباحثين عن الوظائف.
ويضيف أن قرابة أربعين ألف فلسطيني يعملون داخل إسرائيل وفي المستوطنات بشكل قانوني، مقدرا عدد الذين يعملون دون تصاريح بأضعاف هذا العدد.