لماذا فشلت الدعوة لانتفاضة فلسطينية ثالثة؟

ضغوط عديدة تحول دون انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة
undefined

عوض الرجوب-رام الله

لم تلق دعوات شبابية وحزبية لإطلاق انتفاضة جديدة صدى واسعا في الشارع الفلسطيني. ورغم الهبات الشعبية في القدس وعدد من المحافظات الأخرى، يقول محللون وسياسيون للجزيرة نت إن إطلاق الانتفاضة لا يحتاج إلى دعوات، موضحين أن مجموعة ظروف ساهمت في عدم التجاوب مع إطلاقها.

وأعلن "ائتلاف شباب الانتفاضة الفلسطيني" على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مطلع الأسبوع الجاري إطلاق فعاليات أسبوع القدس نصرة للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، بينها أيام غضب ضد الاحتلال والمستوطنين، إلا أن التجاوب كان محدودا.

ومن جهتها أطلقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الضفة الغربية حملة شعبية حملت عنوان "من حقي أن أصلي في الأقصى"، وأهابت بالشعب الفلسطيني أن ينتفض لحماية المسجد الأقصى من الانتهاكات الإسرائيلية ولم تتبين نتائجها حتى الآن.

هبات متراكمة
يقول القيادي في حركة حماس حسين أبو كويك -الذي أطلق مع قيادات أخرى في رام الله هذا الأسبوع حملة "من حقي أن أصلي في القدس"- إن انطلاق الانتفاضة لا يحتاج إلى دعوات أو إذن، مشيرا إلى جملة ضغوط يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

أبو كويك: الانتفاضة لا تحتاج إلى دعوات بل لظروف تفجرها(الجزيرة)
أبو كويك: الانتفاضة لا تحتاج إلى دعوات بل لظروف تفجرها(الجزيرة)

وأبدى أبو كويك تفهمه دعوات إطلاق الانتفاضة، لكنه قال إن الانتفاضات لا تأتي بقرار وتصريح "بل تُعبّر عن تكهنات وأحداث معينة تشكل نقطة انطلاق لها".

وكانت حركة حماس أعلنت أن حملتها تتضمن عدة فعاليات منها تنظيم مسيرة جماهيرية حاشدة يوم الجمعة القادم 4 أكتوبر/تشرين الأول من أمام مسجد البيرة الكبير "سيد قطب" بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة.

وطالبت في بيان لها السلطة "بإطلاق الحريات العامة وكف يد الأجهزة الأمنية عن الشباب المناصر للمسجد الأقصى وعدم الوقوف في وجه فعاليات الانتصار للأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية" مشددةً على ضرورة ألا تلاحق أجهزة أمن السلطة تلك الفعاليات والقائمين عليها.

واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل في أكثر من مناسبة بمحاولة جر الفلسطينيين لانتفاضة ثالثة من خلال القتل والتدمير، مؤكدة أنها تنشر قواتها على خطوط التماس مع قوات الاحتلال لمنع الاحتكاك والعنف. ولم تتمكن الجزيرة نت من الحصول على موقف السلطة من الدعوات الجديدة لانتفاضة ثالثة.

وأضاف أبو كويك أن الأحداث الأخيرة وسلسلة الهبات الشعبية تُراكم لهبة شعبية متواصلة ويمكن أن تتقدم لانتفاضة شعبية واسعة، مشيرا إلى أن الحملة تهدف لحشد أوسع حراك فصائلي وشعبي وأهلي "للدفاع عن الأقصى وحقنا في الصلاة فيه".

وخلص إلى أن الشعب الفلسطيني كان دائما يفاجئ جلاديه، متوقعا "كل شيء من الشعب في تصديه للاحتلال ومحاولاته الاستيطانية".

من جهته يقول الناشط في المقاومة الشعبية جمال جمعة إن الوضع الميداني محتقن نتيجة إجراءات الاحتلال غير المسبوقة من استيطان وتهويد، لكن جملة عوامل تحول دون اندلاع انتفاضة شعبية.
ومع ذلك يضيف أن "الشعب الفلسطيني يعاني حالة من الانفصام لعدة أسباب بينها توجه القيادة الفلسطينية للمفاوضات دون تحقق شرط وقف الاستيطان، مما أوقع صدمة في الشارع، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني المستمر منذ أكثر من ست سنوات".

ولفت جمعة في حديثه للجزيرة نت إلى ما سماه "غياب القيادة المعبرة عن واقع وطموح الشعب الفلسطيني" مشيرا إلى تساؤلات في الشارع عن من سيقطف ثمار أي انتفاضة جديدة إذا اندلعت، بعد أن آلت الانتفاضة الأولى لاتفاق أوسلو والثانية للانقسام بين الضفة وغزة.

عبد الستار قاسم: الذل والظلم لم يختمر بعد لانطلاق الانتفاضة(الجزيرة)
عبد الستار قاسم: الذل والظلم لم يختمر بعد لانطلاق الانتفاضة(الجزيرة)

ذل لم يختمر
من جهته يعتبر أستاذ الفكر السياسي الدكتور عبد الستار قاسم أنه "من السذاجة" الدعوة لانتفاضة جديدة، موضحا أن "الانتفاضة هبة تلقائية جماهيرية عامة لا تستأذن أحدا أو تنتظر دعوة من أحد".

وأشار إلى "غياب حركات شبابية خارج إطار التنظيمات ذات الحسابات الخاصة، معتبرا أن الناشطين الشباب في التنظيمات سلبت إرادتهم على حمل الهموم الفلسطينية".

وفي تعليله لعدم التجاوب مع دعوة الانتفاضة قال إن "الذل والظلم لم يختمر جيدا" في نفوس الفلسطينيين، معتبرا أن "مزيدا من الظلم والإذلال والضيق على الشعب الفلسطيني كفيل بإطلاق انتفاضة جديدة".

ويقول إن الدول الغربية والسلطة الفلسطينية ينسقان معا، وصنعا لدى الناس "عقلية استجدائية وأوقعوهم في كثير من الهموم المادية".

وتابع في حديثه للجزيرة نت أن "أي ظلم وذل يمكن أن ينشأ عن الاحتلال يتم تخفيفه بإلهاء الناس ماليا واستهلاكيا وبصناعة رخاء مزيف في الضفة الغربية لا يقوم على الإنتاج بل على الديون والتسول".

واتهم قاسم السلطة الفلسطينية بلعب دور في الهبات وفي إفشالها، مضيفا أنه كلما انطلقت دعوات للتحرك تنشط الأجهزة الأمنية لإفشالها.

المصدر : الجزيرة