انتخابات الأردن تعيد طرح الأسئلة الكبرى

مواطن يدلي بصوته في اربد شمال الاردن
undefined

محمد النجار-عمان

طغت مشاهد العنف الذي شهدته مدن أردنية في اليومين الماضيين احتجاجا على نتائج الانتخابات البرلمانية على المشهد الأردني، ولم تنعكس حالة الاحتفال الرسمية بالانتخابات على الشارع الذي أعاد مشاهد الاحتجاج واتهامات التزوير التي تبعت انتخابات العامين 2007 و2010.

وفيما كانت السلطة الرسمية تأمل من الانتخابات أن تشكل بداية انطلاقة جديدة بعد عامين من الاحتجاجات على وقع الربيع العربي والتي استهلكت كثيرا من شعبية النظام، أعادت الانتخابات حسب مراقبين طرح الأسئلة الأولى للربيع الأردني.

وسجلت مصادر أمنية تحدثت للجزيرة نت نحو 23 نقطة شغب في المملكة مساء أمس الجمعة، عوضا عن عشرات مواقع الاحتجاج السلمي، وشهدت بعضها حوادث إطلاق نار وقطع للطرق وحرق مؤسسات عامة، وحاولت إحداها الوصول لمنزل رئيس الوزراء عبد الله النسور في السلط من قبل أنصار مرشحين قاموا بأعمال شغب عنيفة.

وكان لافتا لانتباه سياسيين ومراقبين هتاف محتجين في مدينتي معان جنوب المملكة وسحاب شرق عمان بحياة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور الذي قاطع حزبه الذي يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الانتخابات وشكك بنزاهتها ونسب المشاركة فيها.

وفسر مراقبون الهتاف بحياة منصور بأنه نوع من النكاية السياسية -من قبل أنصار مرشحين خسروا الانتخابات- بالمسؤولين الرسميين، فيما رأى آخرون أن المشهد جاء ردا على هتافات ظهرت على مدى "الربيع الأردني" نالت من منصور وجماعته من قبل موالين للنظام، وهم الغالبية التي شاركت بانتخابات الأربعاء الماضي.

وتركت الجهات الرسمية قوات الأمن والدرك وحيدة تواجه المتظاهرين الغاضبين، وغاب المسؤولون الحكوميون الذين تستعد حكومتهم للاستقالة، ولم يظهر في المشهد سوى الملك عبد الله الثاني الذي بشر مرة من عمان وأخرى من دافوس بسويسرا بمرحلة جديدة في الأردن تتمثل بتكليف حكومات برلمانية لإدارة البلاد قريبا.

القوائم العامة
وفيما كانت أغلب الاحتجاجات على نتائج المقاعد الفردية وتأخر إعلانها مرة والتضارب في النتائج مرة أخرى وظهور محاضر للفرز متناقضة تداولها الشارع ووسائل الإعلام على نطاق واسع، هيمنت نتائج القوائم العامة على المشهد الانتخابي.

عملية فرز الأصوات لم تسلم من الانتقادات (الجزيرة نت)
عملية فرز الأصوات لم تسلم من الانتقادات (الجزيرة نت)

فالقوائم التي تنافس فيها 819 مرشحا ضمن 61 قائمة على 27 من أصل 150 مقعدا فاز بها مرشحون ضمن 22 قائمة.

واللافت أن معدل الفوز في القوائم تراوح من 14 ألف صوت كما حصل مع الفائز على قائمة المواطنة، و37500 صوت كما حصل مع مرشحي الوسط الإسلامي، وصولا إلى 49 ألف صوت كما حصل مع مرشحي قائمة الأردن أقوى، وهو ما شجع المرشحين الفائزين أو الخاسرين على التشكيك بالنتائج واتهام العديد منهم السلطات بالتدخل في زيادة وإنقاص أعداد الأصوات، وهو ما نفته الهيئة المستقلة للانتخابات بشدة.

وبدت الصورة أكثر تعقيدا عندما أظهرت النتائج تقدم قائمة المواطنة على النهوض الديمقراطي التي ترشح فيها ممثلون لخمسة أحزاب يسارية وقومية بواقع 10 أصوات فقط، مما دعا القائمة الأخيرة لاتهام جهات ما بالتدخل ضدها، فيما قررت الهيئة إعادة عد الأصوات وجمعها اليوم السبت أمام مراقبين وممثلين للقائمتين.

حضور المقاطعين
وفضلت المعارضة التي قاطعت الانتخابات الغياب عن المشهد، حيث ألغت مسيرة كانت دعت لها أمس الجمعة تحت شعار إسقاط مجلس النواب، وهو ما فسره قيادي إسلامي بارز بأنها رغبة بترك المشهد الانتخابي يتحدث عن نفسه دون تدخل منهم.

وبرأي المحلل السياسي والباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان نجحت الانتخابات في امتحان النزاهة الإدارية والإجرائية، لكنها فشلت في امتحان النزاهة السياسية.

وقال للجزيرة نت "مشهد الاحتجاجات لا يعبر عن ثقافة مجتمع كما يحاول البعض تصويره، لأن هذا المجتمع نفسه هو الذي اختار مجلس عام 1989 الذي كان سياسيا بامتياز، بل يعبر عن أزمة قانون الانتخاب الذي أعاد الناس للولاءات الضيقة والأولى ورسخ الانقسام في المشهد العام بشكل يلخص عدم القبول بأي نتائج للصناديق".

وبرأي أبو رمان لن تنتهي الأزمة السياسية في الأردن إلا بانتهاء قانون الانتخاب الحالي والتوافق على قانون انتخاب ديمقراطي يسمح للناس بالتنافس على أسس سياسية لا جغرافية ومناطقية.

وفيما تراهن الدولة على نجاح البرلمان في تخطي المرحلة الحالية نحو مستقبل أردني جديد يؤكد فشل المعارضة التي قاطعت الانتخابات، تراهن المعارضة على فشل رهانات الدولة، وسط تخوفات مراقبين من رهان كل من الطرفين على فشل الآخر مما يعيد سؤال اختبار نجاح البلاد في عبور حاجز الربيع العربي دون كلف باهظة.

المصدر : الجزيرة