خيارات صعبة أمام قادة الحراك الجنوبي

مسيرة لأنصار الحراك تحمل أعلام دولة جنوب اليمن السابقة الجزيرة نت
undefined

ياسر حسن-لحج

يقف قادة الحراك الجنوبي في اليمن أمام خيارات صعبة في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد بشكل عام وما يعانيه الجنوب بشكل خاص. وتعد قضية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أهم تلك الخيارات، ذلك لأن هؤلاء القادة مطالبون بالتفكير جيداً قبل حسم أمرهم بالمشاركة أو المقاطعة.

وأعلن عدد من القادة مواقف واضحة فيما لم يحدد آخرون مواقفهم بعد، فالقيادي محمد علي أحمد أعلن في مؤتمر شعب الجنوب -الذي تزعمه الشهر الماضي- أنه سيشارك في الحوار وإن كان اشترط الحوار بين دولتين، كذلك كان موقف وزير الخارجية اليمني الأسبق ورئيس كتلة المستقلين الجنوبيين عبد الله الأصنج الذي رحب بالحوار وأرسل أحد قادة تكتله للمشاركة في اللجنة الفنية له.

وفي الاتجاه الآخر كان موقف علي سالم البيض نائب الرئيس اليمني الأسبق واضحاً بأنه لن يشارك في الحوار كونه لا يعنيه بشيء، ومثله كان موقف رئيس المجلس الأعلى للحراك حسن باعوم.

غير أن طرفاً ثالثاً لم يحدد موقفه الواضح بعد كالرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر العطاس، مع وجود أنباء عن ليونة في موقف الأخير بعد تعرضه لضغوط من دول شقيقة.

ويتفق قادة جنوبيون ومحللون سياسيون على أن الحوار الوطني هو أهم التحديات أمام قادة الجنوب، فيما قلل آخرون من ذلك لأن الحوار لا يعني الجنوبيين بشيء.

توحيد الصف
ويرى عضو اللجنة الفنية للحوار لطفي شطارة أن أهم التحديات أمام القادة الجنوبيين اليوم هي عملية توحيد الصف وتوحيد الرؤى، واعتبر أن الحوار الوطني سيحدد مستقبل الجنوب وطبيعة علاقته بالشمال من خلال ما سيقدمه المتحاورون في المؤتمر.

منصة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب الذي أقر المشاركة بالحوار (الجزيرة نت)
منصة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب الذي أقر المشاركة بالحوار (الجزيرة نت)

وأشار شطارة -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المشاركة في مؤتمر الحوار تعد فرصة تاريخية قد لا تعوّض وأنها ستحقق الكثير للجنوب، وأن ذلك لايعني التخلي عن القضية الجنوبية، "بل إننا سندخل لنوضح للمجتمع الدولي أننا أصحاب قضية عادلة ولدينا رؤى ومشروع سياسي لحلها، وإن لم يتم قبول مشروعنا السياسي فيمكننا أن ننسحب".

واعتبر شطارة أن رفض الأطراف الأخرى في الحوار لما سيطرحه قادة الحراك من مشاريع ورؤى سياسية "سيفضحهم" أمام المجتمع الدولي ويبين أنهم هم من يعيق التسوية.

ودعا قادة الحراك المشاركين بالحوار إلى أن يكونوا هم "ضمير ونبض الشارع الجنوبي داخل الحوار"، كما دعا القادة المقاطعين إلى ضرورة المشاركة وطرح كل ما يريدونه على طاولة الحوار، وأن المشاركة لا تعني القبول المسبق بنتائج الحوار.

ورغم محاولة السلطة اليمنية إعطاء الكثير من الضمانات للقادة الجنوبيين للمشاركة في الحوار كقرارات هيكلة الجيش وإعادة المسرحين والمبعدين الجنوبيين، وبتشكيل لجان لمعالجة قضايا الأراضي والمبعدين بالمحافظات الجنوبية منذ قيام الوحدة، إلا أن قادة جنوبيين ما زالوا يرفضون المشاركة.

فخ سياسي
وقال أمين عام المجلس الأعلى للحراك قاسم عسكر جبران إن "اختيار عدم المشاركة في الحوار ليس خيارنا كقيادات جنوبية بل هو خيار غالبية أبناء الجنوب الذي يرفضون أي حوار ويطالبون باستعادة الدولة والتحرير والاستقلال".

جبران: دعوة الجنوبيين للحوار فخ سياسي يراد منه دفن القضية الجنوبية (الجزيرة نت)
جبران: دعوة الجنوبيين للحوار فخ سياسي يراد منه دفن القضية الجنوبية (الجزيرة نت)

وأشار جبران -في تصريح للجزيرة نت- إلى أنه لا توجد مصلحة للجنوب في المشاركة بالحوار، وأن المستفيد منه هو "القوى المتنازعة في الشمال وكل من لا يريد عودة دولة الجنوب إلى وضعها الطبيعي"، مشيراً إلى أن "من سيشرف على الحوار ويديره هم زعماء السلطة في صنعاء، فلا يمكن أن يكون الجلاد هو الحاكم والمدعي في آن واحد".

وعن تخصيص 50% من مقاعد المشاركين  بالحوار للجنوب مقابل مثلها للشمال قال جبران إن ذلك ليس إلا "ذرا للرماد بالعيون"، واعتبر جبران دعوة الجنوبيين للحوار فخاً سياسياً يراد من خلاله دفن القضية الجنوبية.

ودعا القادة الجنوبيين المشاركين بالحوار إلى أن لا يضعوا أنفسهم في موقف يخلق للجنوب مزيداً من التعقيد في المستقبل.

ضمانات حقيقية
بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد علي محسن أن أهم التحديات أمام القادة الجنوبيين هي مؤتمر الحوار وطبيعة الدولة اليمنية التي ستعقب الحوار، وعلى أي شاكلة ستكون.

ودعا محسن -في تصريح للجزيرة نت- إلى المشاركة في الحوار باعتباره أسلوبا حضاريا لحل المشكلات، مشيراً إلى ضرورة وجود ضمانات حقيقية للقادة الجنوبيين أو رسائل طمأنة حتى يقبلوا المشاركة.

واعتبر محسن أن غالبية شعب الجنوب لا يرفض الحوار، وأن الشارع الجنوبي محبط من القادة الجنوبيين ومواقفهم المتذبذبة من جانب، ومن رعاة الحوار من جانب آخر.

ونوه بأن تأثير الحوار على القضية الجنوبية وعلى القادة الجنوبيين المشاركين فيه سيتم تحديده من خلال نتائج الحوار، فإذا أظهرت النتائج أموراً إيجابية لمعالجة القضية الجنوبية فإن ذلك سيعطي القادة المشاركين مكاسب كبيرة وشعبية واسعة وسيسحبون البساط من القادة المقاطعين للحوار، والعكس صحيح.

المصدر : الجزيرة