أثينا تنشط في مواجهة اليمين المتطرف

الصورة الثانية لحافلة شرطة ترابط مقابل مركز الحزب بشكل دائم في إطار الإجراءات الحكومية الأخيرة الصورة الثالثة لمهاجر عربي من ضحايا العنصرية
undefined

شادي الأيوبي-أثينا

بدأت الحكومة اليونانية التحرك لمواجهة النازيين بعد أن امتد نشاطهم عبر حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف إلى جميع المدن اليونانية, حيث ضجت جمعيات حقوق الإنسان من التساهل الذي تبديه الحكومة حياله.

وفي مقابل انتقادات بالتساهل, صعّدت السلطات لهجتها تجاه الحزب، كما أنها تستعد لإصدار قانون جديد لمكافحة العنف العنصري.

وبينما كان المهاجرون الأجانب الضحية الأولى للعنف العنصري الذي طالهم في كل أنحاء اليونان، كان أعضاء المنظمات اليسارية هدفاً آخر. ومؤخراً اعتدى أعضاء الحزب على أفراد من الأقلية المسلمة في منطقة تراقيا شمال اليونان، وحاولوا مهاجمة مقرات لجمعيات تابعة لهم.

النازيون -الذين تظهر استطلاعات الرأي ارتفاع شعبيتهم مؤخراً- أرادوا أن يحلوا محل الدولة، فقد حاول أعضاء الحزب التدقيق في رخص البيع للباعة الأجانب في الأسواق الشعبية، وحطموا بضائعهم في حالات أخرى، مما استدعى تدخل الشرطة واعتقال بعضهم.

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلوبونيسوس سوتيريس روسوس للجزيرة نت إن اليونان تشهد -للمرة الأولى منذ الحرب الأهلية وعهد الدكتاتورية- وجود حزب سياسي يتبنى العنف علناً، ويجاهر بالتهديد به رسمياً، أي أنه يستخدم العنف وسيلة سياسية.

وقال روسوس إن اليونان لم تشهد عملية مثل ذهاب نواب الحزب إلى الأسواق وتعديهم على الأجانب منذ الحرب الأهلية (1945-1949)، وهذا يقلق الحكومة والنظام السياسي بحيث يشجع فئات أخرى على استعمال العنف، لتصبح الأحداث خارج السيطرة، وهو ما يذكّر بصدامات اليمين واليسار المتطرفين في إيطاليا خلال سنوات السبعينيات.

وشكك الأكاديمي اليوناني في أن عمليات مثل اعتقال أعضاء الحزب ونوابه ستؤدي بالضرورة إلى تراجع شعبيته أمام مناصريه، بل ربما تؤدي بالعكس من ذلك إلى جعل هؤلاء المعتقلين "أبطالاً" لدى فئات معينة من المجتمع، مضيفاً أنه على الحكومة التعامل بحذر مع هذا الملف كي لا تكون النتائج عكسية.
 
هدفان للحملة

‪رئيس منتدى المهاجرين باليونان: المشكلة في تطبيق القوانين وليس سنها‬ (الجزيرة نت)
‪رئيس منتدى المهاجرين باليونان: المشكلة في تطبيق القوانين وليس سنها‬ (الجزيرة نت)

وتهدف حملة الشرطة إلى أمرين -حسب الأكاديمي اليوناني- الأول هو إخافة عناصر الحزب وردعهم عن استعمال العنف، والثاني هو وقف الصورة السيئة لليونان لدى الهيئات الأوروبية التي تتحدث اليوم عن بلد تنمو فيه العنصرية والتطرف اليميني العنصري، "وهذا الأمر يزيد صورة البلد سوءاً، بينما هي في حالة مزرية أصلاً".

ويقول رئيس منتدى المهاجرين في اليونان معاوية أحمد إن شعبية الحزب بدأت في الصعود قبل الانتخابات الأخيرة، وكانت حملات الشرطة لاعتقال المهاجرين غير الشرعيين ووضعهم في معسكرات تمهيداً لترحيلهم -في جزء منها- محاولة لوقف امتداد شعبية الحزب، لكن هذه المحاولة لم تنجح ودخل الحزب مجلس النواب.

وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن وجود الحزب داخل البرلمان خلق قلقاً كبيراً لدى الأحزاب الكبرى، خاصة حزبيْ السلطة (باسوك والديمقراطية الجديدة)، وهو ما تمت مناقشته مطوّلا داخل الغرف المغلقة والدوائر الحكومية، ولم تكن لدى الحكومة تجارب سابقة للتعامل مع هذه الظاهرة، مما أدى إلى أخذ وقت كثير للتفكير واتخاذ القرار.

وتابع معاوية أحمد أنه "خلال هذه الفترة زاد النازيون نشاطاتهم ونوعوها، بحيث كادوا يحلون مكان الدولة، وهو الخيط الذي التقطته وزارة الداخلية وسمح لها حتى باعتقال نواب الحزب في حال قيامهم بهذه الخطوات". واعتبر أن إجراءات الحكومة قد تعطي جزءا من الحل لمشكلة الدولة اليونانية، لا الأجانب، مع النازيين.

وحول القانون الجديد الذي تنوي الحكومة سنه بشأن الكراهية العنصرية، قال إن "مشكلة اليونان هي في تطبيق القوانين لا سنّها"، مشيراً إلى أن القانون رقم 3304 الذي سنته اليونان عام 2005 بتوجيه أوروبي لم يطبق منه بند واحد حتى اليوم.

وحول نتائج إجراءات الحكومة، قال إنها لا تزال غير واضحة حتى الساعة، مضيفاً أن الهجمات العنصرية لم تتوقف، "بل امتدت لتشمل أطفال المهاجرين". ووصف الخطوات بالحذرة بسبب مخاوف من نتائج عكسية تضفي صفة البطولة على الحزب وأعضائه، وتزيد بالتالي شعبيتهم. واعتبر أن الحكومة لا تزال بعيدة تماماً عن مواجهة النازيين.

المصدر : الجزيرة