هل اقتربت معركة كيسمايو؟

حركة الشباب تستعرض أحد كتائبها داخل كيسمايو
undefined
عبد الرحمن سهل- كيسمايو

لم يتوقف زحف القوات الكينية والصومالية التابعة للحكومة الانتقالية نحو مدينة كيسمايو الإستراتيجية منذ إعلان نيروبي بدءا من منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي سيطرتها على مدن وبلدات إستراتيجية تقع في المناطق الجنوبية المجاورة لها، بينما تقود حركة الشباب المجاهدين هجمات مضادة لاهوادة فيها على قوات التحالف بغية عرقلة اقترابها نحو أهم معقل من معاقل الحركة في الصومال.

ورغم استخدام كينيا قواتها البرية والجوية والبحرية لشل قدرة الحركة أو تقويضها على الأقل، فأن الأخيرة لا تزال تشكل تهديدا عسكريا حقيقيا للجيش الكيني الذي لم يقصم حتى الآن ظهر الحركة المرتبطة إداريا بتنظيم القاعدة.

وتؤكد المؤشرات الميدانية اقتراب لحظة المواجهة العسكرية بين الجانبين حول مدينة كيسمايو، بدليل اندلاع المواجهات المسلحة بينهما في قرية ميدو الواقعة على بعد تسعين كلم غرب كيسمايو، غير أنه لا أحد يعرف ساعة دق طبول الحرب الأخيرة نحو المدينة.

وقد تحدث الخبير العسكري الصومالي بشير أحمد بشير عن طبيعة المنطقة الجغرافية الواقعة بين كيسمايو وأفمدو وأثرها على تحركات الجيش الكيني وعلى مجمل الأوضاع العسكرية عموما.

وقال بشير للجزيرة نت "تنتشر الغابات الكثيفة والممرات المائية والمنحنيات في قرية ميدو ومحيطها، وهو ما يسمح لقوات حركة الشباب بنصب كمائن محكمة في المنطقة ضد القوات الكينية، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات التحالف".

وتوقع بشير استخدام القوات الكينية السلاح الجوي والبحري والدبابات إضافة إلى الكثافة العددية مع فتح أكثر من جبهة، للتغلب على الصعوبات الميدانية الماثلة أمامها.

قنابل سامة
من جهة ثانية أكد مسؤول بارز من الحكومة الصومالية شروع القوات الكينية في استخدام أسلحة سامة ضد قوات الحركة المنتشرة في الخطوط الدفاعية، وعندما استفسرت الجزيرة نت، عن صحة هذه المعلومة، أكد المسؤول الذي امتنع عن ذكر اسمه، قصف الطيران الحربي الكيني بقنابل سامة قرى هربولي وبي بي المتاخمة لمدينة ميدو يوم أمس السبت.

ولم يصدر من المسؤولين الكينيين ما ينفي أو يثبت استخدام كينيا أسلحة سامة ضد خصومها الإسلاميين الصوماليين، إلا أن التصريحات الصادرة منهم في أوقات سابقة أكدت عزم نيروبي استئصالهم، ومحوهم من الوجود إن استطاعوا، وهو ما يثير تساؤلات عن إمكانية إلقاء الطيران الحربي الكيني قنابل سامة على المواقع المستهدفة، وفق رأي حسن محمد، المتابع لشؤون علاقات الصومال وكينيا.

بقايا صواريخ أطلقتها القوات الكينية في قصف سابق لكيسمايو (الجزيرة نت-أرشيف)
بقايا صواريخ أطلقتها القوات الكينية في قصف سابق لكيسمايو (الجزيرة نت-أرشيف)

ولم يستبعد محمد استخدام كينيا أسلحة محرمة دوليا ضد قوات حركة الشباب المجاهدين، بغية إلحاق خسائر كبيرة في صفوفها.

ويتزايد القلق من وقوع خسائر في صفوف المدنيين جراء الغارات الجوية أو المدفعية الثقيلة المطلقة من البحر والبر باتجاه البلدات والمدن الواقعة تحت سيطرة حركة الشباب المجاهدين.

حشود عسكرية
وقد دفعت حركة الشباب المجاهدين المئات من قواتها على طول الخطوط الأمامية المنتشرة في ولاية جوبا السفلى، تحسبا لمواجهة القوات الكينية والصومالية في ساحات المعركة.

وفي هذا السياق أكد شهود عيان حفر قوات الحركة خنادق عميقة بالقرب من قرية ميدو وبلدات أخرى، استعدادا لخوض معارك برية مباشرة مع القوات الكينية، وهو ما تتجنب الأخيرة خوضه تفاديا لوقوع خسائر كبيرة في صفوفها.

وحشدت حركة الشباب المجاهدين معظم كتائبها الخاصة في مناطق جوبا وجدو للدفاع عن مواقعها، ولمواجهة الاندفاع الكيني نحو معاقل الحركة التي كانت حتى وقت قريب حصنا منيعا من أي تهديد محلي، أو خارجي لولا تدخل كينيا فيه وهو ما ينذر بوقوع مزيد من الضحايا في صفوف الجانبين.

مستقبل مجهول
بدوره تحدث المحلل السياسي جامع حاشي علي عن ما وصفه بمستقبل مجهول ومضطرب إذا وقعت مدينة كيسمايو في قبضة القوات الكينية والصومالية المرافقة لها، بسبب غياب رؤية مشتركة بين كينيا والكيانات الصومالية المتحالفة معها، خاصة في المجالات الإستراتيجية والسياسية والإدارية.

ضحايا قصف بحري كيني سابق على كيسمايو (الجزيرة نت-أرشيف)
ضحايا قصف بحري كيني سابق على كيسمايو (الجزيرة نت-أرشيف)

وتوقع نتيجة لذلك اندلاع مواجهات مسلحة بين المجموعات الصومالية المرافقة للقوات الكينية بشأن إدارة الثروة المالية التي تتمتع بها مدينة كيسمايو الإستراتيجية، إضافة إلى إمكانية تجدد النزاع المسلح بين العشائر الصومالية المنحدرة من مدينة كيسمايو وضواحيها على ملكية الأراضي والمراعي والآبار.

وفي هذا السياق قال حاشي للجزيرة نت "يصعب على كينيا تحقيق أهدافها العسكرية حتى لو سيطرت على مدينة كيسمايو"، متوقعا مواصلة قوات الحركة استهدافها الكينيين وإن بأشكال مختلفة.

إلا أن الخبير الاقتصادي محمود حسن يرى وجهة نظر مغايرة لما ذهب إليه حاشي، وقال "لا أتوقع وقوع اضطرابات أمنية في كيسمايو، قد آن الأوان لإحلال السلام في الصومال، وإنهاء حالة الاحتراب المستمرة لمدة عقدين، أو تزيد".

المصدر : الجزيرة