أعمال تطوعية لنجدة فقراء حلب

فارس الجهيم يوزع المواد الإغاثية في حلب
undefined

بدون مساعدة خارجية وبقليل من المال الذي يجمعونه، ينظم عدد قليل من المتطوعين في أحد أحياء حلب توزيع مواد غذائية لعائلات يمنعها الفقر من مغادرة المدينة الواقعة شمالي سوريا والتي تشهد معارك بين الجيش السوري الحر والجيش النظامي منذ ثمانية أسابيع.

ويقول أبو أحمد -وهو موظف سوري في الثامنة والعشرين من عمره، لم يشأ كشف اسمه الكامل- بابتسامة حزينة، "لدي فقط القليل من المواد الغذائية لألفي أسرة". في وقت تضم لوائح أبو أحمد خمسة آلاف عائلة.

ويروي الشاب المتقد النظرات والحركة قائلا إن "الجيش السوري الحر (المؤلف من منشقين ومدنيين حملوا السلاح ضد النظام) يرافقنا أثناء عمليات التوزيع لضمان الأمن، لكنه لا يقدم المواد الغذائية".

وأضاف "بالنسبة للنظام نحن إرهابيون لأننا نساعد سكان المناطق المتمردة".

التمويل
وفي أكياس بلاستيكية شفافة توضع زجاجات زيت الزيتون وزيت الطبخ وأكياس الأرز والمعكرونة والشاي والسكر. ويشتري أبو أحمد هذه المنتجات الأساسية بالأموال التي تأتي من أفراد عائلات ثرية من حلب وغيرها.

ويوضح أبو أحمد "نحن لا نتلقى شيئا من أي منظمة غير حكومية، سورية أو أجنبية". وأضاف قائلا "إن سعوديا جاء لرؤيتنا قبل أسبوعين. ووعد بمساعدتنا وإرسال المال لنا. ونحن ننتظر".

وحتى وإن كانت المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في حلب لا تزال تتلقى التموين خصوصا عبر الطريق المؤدية إلى مدينة الباب المجاورة، فإن أسعار السلع ارتفعت بشكل كبير لتصبح عصية على الفقراء.

حجم الدمار بعد المعارك الأخيرة في عدد من أحياء حلب(الجزيرة)
حجم الدمار بعد المعارك الأخيرة في عدد من أحياء حلب(الجزيرة)

معاناة
وعلى باب أبو أحمد تقرع امرأة محجبة بشكل خجول. وتبدو فاطمة -وهي في السابعة والثلاثين- أكبر بعشرين سنة بوجهها المنقبض. وقالت "أبحث عن حليب لطفلي، لكن لم أجده في أي مكان"، مضيفة "إن ابني عمره ثلاثة أشهر وليس لدي سوى الشاي لإطعامه مع كسرات من البسكويت المبلول…".

ولم يستطع أبو أحمد وأصدقاؤه الحصول على حليب الأطفال ولا يعلمون أين يجدونه. وقالت فاطمة "إني بحاجة أيضا لكرسي نقال لوالدتي، فقد طلبناه وربما يصل الأسبوع المقبل".

في الأثناء كانت نساء أخريات  يتوافدن في جماعات على المكان، بينما يطلب منهن أبو أحمد قائلا: يجب تسجيل أسمائكن أولا، ولذلك عليكن الانتظار حتى يأتي أحد إلى منازلكن".

وأعاد أبو أحمد إحصاء الأسر الأكثر فقرا في الحي لتبدأ جولة توزيع المساعدات. لذلك تم تحميل الأكياس بشاحنة فيما فتح مسلحان معارضان الطريق.

وفي أحد الأزقة -وفي غياب ترقيم للمنازل- يسأل المتطوعون لمعرفة مكان سكن الذين ترد أسماؤهم على اللوائح لتلقي المساعدة. ويقرع الشاب بقلمه على الأبواب المعدنية التي تنفتح قليلا أمامه، حيث ينظر الأطفال بذهول.

في الأثناء يطرق أبو احمد على باب آخر لتفتحه سيدة. وفي غضون ثوان ارتفع صوتها لتقول "لا أريد غذاءكم". وتصرخ وهي تشير إلى السماء "إنه خطؤكم. فلعنة الله عليكم". وحاول أبو أحمد إعطاءها الرزمة، لكنها أدارت ظهرها، بينما شدها ابنها إلى الداخل.

أما أبو عبده (33 عاما) -الذي كان عاملا قبل بدء المعارك في حلب، وكان يكسب ما يوازي ستة يوروهات في اليوم- فيقول "لا أعمل منذ شهرين، ولا نأكل سوى الخبز والشاي". ولا يخفي أبو عبده ابتسامته وهو يتلقى كيسا بلاستيكيا، الأول الذي يتلقونه منذ بدء الاشتباكات في حلب في 20 يوليو/تموز.

في غضون ذلك كانت الطائرات المطاردة تحلق في السماء وهي تلقي قنابلها على المدينة فيما نيران رشاشات المروحيات القتالية تدوي في مكان بعيد.

وفي هذا الحي الفقير، خلافا لأحياء أخرى ميسورة، ما زالت الأسر موجودة في منازلها الموصدة. فهي لا تملك سيارة ولا مالا للهرب من القنابل والرصاص في الشمال في المنطقة القريبة من الحدود التركية والتي يسيطر عليها الجيش السوري الحر.

المصدر : الفرنسية