المؤتمر الوطني والمستنقع الليبي

Members of the National Congress of the year during the performance of the constitutional right during the transfer of authority ceremony in tripoli on August 8, 2012. Libya's National Transitional Council on Wednesday handed power to
undefined

خالد المهير-طرابلس

يباشر المؤتمر الوطني العام بليبيا اليوم أعماله بعد الاحتفاء بأول حدث تاريخي غاب عن البلاد عدة عقود، تمثل في تسلمه للسلطة الشرعية ليلة البارحة من يد المجلس الوطني الانتقالي الذي أدار شؤون ليبيا منذ اندلاع الثورة في فبراير/شباط 2011 حتى البارحة.

لكن الليبيين شاهدوا الشاشات بعين واحدة، دون مشاهدتهم لحجم واقعهم السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي ينتظر أعلى سلطة تشريعية.

وبدأت من خطاب التسليم عبارات التفاؤل على أمل الانتقال إلى مرحلة بناء الدولة الدستورية الجديدة، رغم اعتراف رئيس المجلس الوطني الانتقالي المنتهية ولايته المستشار مصطفى عبد الجليل بالفشل في حل أزمات الانفلات الأمني ونزع السلاح، وهو ما يعني ترحيل الملف إلى المؤتمر المنتخب.

مخاوف التقسيم
وتنتشر في ليبيا الآن ما يقارب من 1.5 مليون قطعة سلاح، وفق التقديرات الرسمية، وتتكدس الثقيلة منها في مدن مصراتة والزنتان وبنغازي.

بعض الآراء تقول إن اختيار الرئيس على أساس جهوي يعزز مخاوف التقسيم إلى مناطق وجهات

ولمواجهة خطر الانفصال، من المتوقع أن يصوت أعضاء المؤتمر اليوم بطريقة سرية لانتخاب الرئيس محمد المقريف، وهو من أشد المعارضين لنظام القذافي بالسابق، وترجع أصوله إلى الشرق، على حد تعبير رئيس حزب الحكمة إدريس السنوسي خلال حديثه للجزيرة نت.

وقال السنوسي صراحة إن اتفاقهم حتى ساعة متأخرة من الليل على المقريف جاء لوأد الفدرالية في الشرق الليبي، مشيرا إلى توافق كبير على المقريف بين التكتلات السياسية والأفراد المستقلين.

لكن بعض الآراء تقول إن اختيار الرئيس على أساس جهوي يعزز مخاوف التقسيم إلى مناطق وجهات "إذا طالب الغرب بحصته في السلطة، والجنوب أيضا".

ويستغرب خبراء بالقانون الدستوري التزام الأعضاء الجدد عند أداء اليمين أمام رؤساء هيئة القضاء والمحكمة العليا بالإعلان الدستوري الصادر في أغسطس/آب 2011، وهو إعلان غير شرعي، على حد تعبيرهم.

وقبيل مراسيم أمس تحدث مسؤول السياسات بالانتقالي فتحي البعجة عن فساد كبير تمثل في تقديم أكثر من سبعة آلاف طلب لأقارب المسؤولين الجدد للعمل بالسفارات بالخارج، وظهور أسماء أبناء وزيري التعليم والثقافة في قوائم الدارسين على حساب المجتمع بالخارج، وهو ما يعني استمرار سياسات نظام القذافي "الفاسدة".

لكن التوقع الأخطر هو الحديث عن توجيه طائرات غربية لضربات من الجو لمعسكرات المتشددين بليبيا، الأمر الذي قد يفاقم أزمة الملف الليبي.

التوقع الأخطر هو الحديث عن توجيه طائرات غربية لضربات من الجو لمعسكرات المتشددين في ليبيا

نزاعات جهوية
وعبرت شخصيات وطنية عن فرحة غامرة بالحدث، وقالت إنه تاريخي، لكنها رأت أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى توافق وطني لتجنيب البلاد النزاعات الجهوية والقبلية والمناطقية، ومن بين هذه الشخصيات المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بشير الكبتي، والسياسي فتحي الفاضلي.

ويعلق رئيس تجمع "ليبيا الديمقراطية" يونس فنوش بحديثه للجزيرة نت الآمال على المنتخبين بالمؤتمر الوطني، راجيا أن يكونوا على مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم، وهي وضع الأسس التي سوف يبنى عليها كيان دولة ليبيا الجديدة.

وتساءل السياسي محمد بويصير المحسوب على الفدراليين عن مدى قدرة المؤتمر الوطني على تجميع الليبيين بمختلف مشاربهم السياسية والثقافية والعرقية والجهوية في سبيل إدارة حوار وطني للحفاظ على وحدة ليبيا.

وذكر بتصريح للجزيرة نت أنه "إذا اعتبر نفسه الممثل الوحيد للشعب الليبي سوف يصيب الشعب بخيبة أمل كبيرة" مشيرا إلى تقرير مركز كارتر الصادر حول الانتخابات الليبية والذي نصح في المرات المقبلة بإجراء الانتخابات في ظل توافق وطني.

كما تساءل بويصير "هل ما قام به الليبيون تغيير نظام الحكم أم ثورة؟ مؤكدا أن الثورة في العادة ضد سياسات وسلوكيات "فاسدة" أما تغيير نظام الحكم فيعني تغيير أشخاص "وإلى الآن لم يُر تغيير في السياسات، مع استمرار الوساطة والمحسوبية".

أخطاء المجلس
وكان السياسي جمال الحاجي يتمنى في هذه المناسبة الإشادة بدور المرأة والشرفاء "بدلا من تبرير المواقف زورا " في إشارة إلى حديث عبد الجليل عن الفساد في سلك القضاء.

كما يتمنى الباحث الأكاديمي بمركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية علي حمودة حسن بتصريح للجزيرة نت استفادة أعضاء المؤتمر من أخطاء المجلس، وأن تكون قراراتهم مبنية على خطط ودراسات واستشارات "لا على كلام عاطفي" وأن يدركوا أولوياتهم التي يجمع الشعب الليبي على أنها بناء الجيش والشرطة وتفعيل القضاء.

المصدر : الجزيرة