الأسد ليس وحده يحكم سوريا

آل الأسد ومخلوف - نظام يستند على المصالح والولاءات العائلية
undefined
على الرغم من أن بشار الأسد هو الرئيس في سوريافإنه ليس الشخصية الحاكمة الوحيدة، فنظامه يستند على شخصيات أخرى تسيطر على الأجهزة الأمنية والعسكرية والقطاعات الاقتصادية. وتربط بين هذه الشخصيات مصالح مشتركة وعلاقات قرابة ومصاهرة.

وعندما تتعرض مناطق سكنية في سوريا للقصف وعندما تحلق طائرات عسكرية وتقاتل من أجل السيطرة على حلب، فهذا لا يعني أن تلك الإجراءات أخذت مباشرة من طرف دكتاتور قوي متسلط، وإنما عن طريق فريق قيادة يعتمد عليه بشار الأسد.

قنبلة حطمت الوهم
وكان يُعتقد حتى منتصف يوليو/تموز المنصرم أن هذا الفريق، الذي يتكون من أقارب الأسد ورؤساء أجهزة المخابرات وعسكريين كبار، في مأمن عن كل تهديد. ولكن سرعان ما حطمت قنبلة، وبالتحديد في 18 يوليو/تموز هذا الوهم.

في ذلك الهجوم -الذي تعرض له مقر الأمن القومي في دمشق– قتل أربعة من كبار معاوني الأسد، من بينهم صهره آصف شوكت، الذي تعتبر وفاته بمثابة ضربة قاسية لعائلة الأسد، ذلك أنه كان يسيطر، مع شقيق بشار الأسد الأصغر ماهر الأسد، ولسنوات طويلة على الأجهزة الأمنية.

وبعد وفاة شوكت لم يبق لبشار من بديل سوى الاعتماد بنسبة 100% على شقيقه ماهر.

ويقود ماهر الأسد الفرقة الرابعة للجيش السوري، التي تتولى قمع الاحتجاجات الشعبية في مناطق واسعة من سوريا. كما يتولى قيادة الحرس الجمهوري الذي تكمن مهمته في حماية آل الأسد. وتعتبر كل من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري من أكثر الوحدات العسكرية تسلحا وموالاة للنظام.

ماهر قوي ودموي
ويتردد عن ماهر -الذي يُقال إنه الذراع الأيمن للرئيس السوري- أنه رجل قوي ودموي. وخلال الأزمة الحالية يتحمل ماهر المسؤولية الرئيسية عن أعمال العنف التي تطال المتظاهرين وقصف المناطق والأحياء السكنية التي تحسب على المعارضة.

واستُبعد ماهر الأسد عن خلافة والده حافظ الأسد بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل الأسد عام 1994 بسبب مزاجه الحاد وطبيعته العنيفة، إذ يتردد عنه أنه عمد عام 1999 إلى إطلاق النار على آصف شوكت أثناء شجار دار بينهما.

وبعد هذه الحادثة، التي نجا منها شوكت بأعجوبة، أصبح كلاهما يشكلان فريقا أمنيا إستراتيجيا وذلك لدعم سلطة عائلة الأسد في سوريا.

وعلى الرغم من أن شوكت قد أصبح الآن جزءا من الماضي، فإنه من المفيد تسليط الضوء على علاقته بأسرة الأسد، لفهم مختلف الروابط والتوازنات داخل العائلة.

آصف شوكت
كان شوكت -الذي توفي عن عمر ناهز 62 عاما- متزوجا ببشرى، الشقيقة الكبرى لأربعة إخوة من عائلة حافظ الأسد وهم: باسل، الذي توفي إثر حادث عام 1994، ومجد، الذي توفي بعد صراع طويل مع المرض عام 2009، بالإضافة إلى الرئيس السوري بشار وشقيقه ماهر.

وكان شوكت -الذي ينتمي أيضا للطائفة العلوية- قد تعرف في منتصف الثمانينيات، عندما كان مجرد ضابط في الجيش السوري، على بشرى، ابنة حافظ الأسد الوحيدة، التي كانت وقتها تدرس الصيدلة في جامعة دمشق.

وفي عام 1995، أي بعد عام من وفاة باسل، تزوجت بشرى شوكت، الذي كان يكبرها آنذاك بعشر سنوات. وقرر حافظ الأسد احتواء الصهر الجديد رسميا في العائلة.

وارتبط شوكت بعد ذلك بعلاقة صداقة مع بشار الذي أصبح يعتمد عليه أكثر فأكثر فيما يتعلق بالمسائل الأمنية. ومع تقدم حافظ الأسد في السن واقتناعه بإمكانيات شوكت، أمره "بألا يتحرك أبدا قيد أنملة عن الأسد".

أنيسة مخلوف
وتلعب أنيسة مخلوف -والدة الإخوة الأسد وذات السبعين عاما- دورا كبيرا وراء الكواليس في لم شمل العائلة والحيلولة دون تصدعها، إذ يتردد عنها أنها في حال حدوث خلافات داخل العائلة، فإنها تقوم بفضها بطريقة متوازنة.

أما عائلة أنيسة مخلوف وأقرباءها فيلعبون دورا كبيرا في الدعم المادي للنظام. فشقيق أنيسة، المستشار المالي السابق لحافظ الأسد محمد مخلوف (80 عاما)، هو الذي جعل من تلك العائلة إمبراطورية اقتصادية متداخلة ومترامية الأطراف.

ومن خلال أنشطتهم في قطاعات الاتصالات والتجارة وتوليد الكهرباء والنفط والغاز والبنوك تسيطر عائلة مخلوف على جزء كبير من الاقتصاد السوري.

أكثر شخصية يمقتها السوريون
ويعتبر رامي مخلوف -نجل محمد مخلوف الأكبر- من أثرى رجال الأعمال في سوريا. ويرى عموم الشعب في رامي مخلوف، مالك أول شركة للاتصالات اللاسلكية "سيرياتل" رمزا للمحسوبية والفساد إلى درجة أنه يعتبر من أكبر الشخصيات المنتمية للنظام مقتا لدى السوريين.

ويشغل إخوة رامي وأحد أبناء خالاته منصبا قياديا داخل أجهزة المخابرات.

عموما يستند النظام السوري على عدد كبير من الموالين، كما أن أجهزة السلطة بحد ذاتها مرتبطة بعائلة الرئيس بطريقة تجعل من فقدان شخصية بارزة مثل آصف شوكت لا تؤدي إلى سقوطه.

ومعرفة هذا الأمر مهمة جدا لرسم مرحلة ما بعد الأسد. خاصة إذا تعلق الأمر بعملية محاسبة من قام بعمليات القتل ومن ساهم فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

المصدر : دويتشه فيله