عيد مثقل بالأحزان للاجئي سوريا

محمد النجار-عمان

رغم هروبه من الموت في بلده سوريا، لقي أحد اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بالأردن حتفه بعد أن احترقت خيمته فجر ثاني أيام العيد، في حادث جعل مأساة الموت تنتقل مع اللاجئين من بلدهم إلى المخيم القريب من الحدود الأردنية السورية.

وعبر لاجئون عن حالة من الحزن والخوف إثر هذا الحادث، بعد أن لحق الموت باللاجئين خارج سوريا، واختلطت مشاعر السوريين في مخيم الزعتري، وهو أول مخيم رسمي للاجئين السوريين في الأردن، بين الحزن الذي سيطر على الكبار وبعض الفرح الذي انتاب الصغار الذين حاولوا نسيان أوضاعهم ببعض الألعاب والحلوى التي وزعتها عليهم هيئات إغاثية.

وبدأ يوم العيد في المخيم بصلاة العيد، حيث أم الشيخ عبد الله الكعبي -الذي حضر من قطر خصيصا- المصلين في المخيم، واختلطت خطبة العيد بين التذكير بسنن العيد والدعاء للسوريين بالخلاص من نظام بشار الأسد.

ورغم الحزن والبكاء الذي لف وجوه الكبار الذين تذكروا قتلاهم وجرحاهم وبيوتهم التي تهدمت، حاولت جمعية الكتاب والسنة بالتعاون مع جمعيات وهيئات أخرى مسح شيء من الحزن.

ووزعت الجمعية 75 ألف دينار (106 آلاف دولار تقريبا) على اللاجئين في المخيم كعيديات بمعدل 50 دينارا (70 دولارا) للعائلة الواحدة، كما وزعت الحلوى والألعاب على أطفال المخيم الذين انشغلوا باللهو واللعب بعيدا عن الحزن والبكاء الذي سيطر على الكبار. 

طفل سوري يحمل لعبة في مخيم الزعتري صبيحة أول أيام العيد (الجزيرة نت)
طفل سوري يحمل لعبة في مخيم الزعتري صبيحة أول أيام العيد (الجزيرة نت)

حزن ولهو
لكن الأحداث في سوريا لم تغب عن الأطفال الذين كان لافتا لهوهم بالبنادق البلاستيكية وقيامهم بتمثيل مشهد بات يتكرر في وطنهم، فبعضهم أخذ دور الجيش النظامي الذي يطلق الرصاص على المتظاهرين، وآخرون مثلوا دور الجيش السوري الحر، فيما لم يغب الشبيحة عن المشهد حيث كانوا يحملون العصي ويضربون المتظاهرين.

مشهد اللهو اختلط بين أخذ مواقع الاشتباك بين خيم المخيم التي تغير لونها من الأبيض للبني الداكن بفعل الغبار الذي يعد أحد عناوين المخيم البارزة، وارتداء وشاح يمثل علم الثورة السورية، لكن الكبار في المخيم كانوا أكثر تأثرا بالعيد الذي أعاد لهم ذكريات أحبة فقدوهم في سوريا، وبيوتهم التي تهدمت، عوضا عن صور المأساة في المخيم بسبب الظروف غير الإنسانية فيه، كما وصفه ناشطون في هيئات إغاثة عدة.

وللأطفال قصص أخرى، رغم حضور المشهد السوري في أحاديثهم، فالطفل براء الذي قال إنه لجأ مع خاله وأمه من منطقة الجديدة عبر عن فرحه بالعيد لأنه حصل على ألعاب، وتمنى العودة لبيته بعد أن يسقط نظام الأسد.

وتحت صنابير للمياه وضعت للتزود منها، اختار أطفال اللهو هناك بغسل رؤوسهم وأجسادهم الغضة وسط ضحكات بدت للزائر غريبة في مخيم كان صوت الحزن والغبار ومأساة اللجوء فيه أكبر من الفرح بالعيد.

‪منظمات وهيئات إغاثة تحدثت عن مأساة كبرى في مخيمات اللاجئين‬ (الجزيرة)
‪منظمات وهيئات إغاثة تحدثت عن مأساة كبرى في مخيمات اللاجئين‬ (الجزيرة)

رحلة معاناة
في أحد شوارع المخيم الذي أقيم على أرض صحراوية تابعة لمحافظة المفرق قابلنا سيدة سورية تجاوز عمرها الستين قالت إنها حضرت للأردن صبيحة يوم العيد.

بدت السيدة هائمة على وجهها حافية القدمين تلبس ثيابا شبه مهترئة تعبر عن قساوة الأيام التي عاشتها قبل أن تصل للمخيم وهي تنتظر في مكان تجميع اللاجئين الجدد انتظارا لمنحها خيمة.

تحدثت اللاجئة الستينية والدموع تنهمر من عينيها عن المسافة الطويلة التي قطعتها قبل أن تصل للأردن تحت جنح الظلام.

بكلمات قليلة اختصرت مأساتها "وين (أين) العيد؟ بشار الأسد قتل أولادي الثلاثة (..) بشار رمل النساء ويتم الأطفال"، ووسط حالة من هستيريا الحزن كانت السيدة السورية تدعو "الله ينتقم منك يا بشار".

ويصف الناشط الأردني هشام الحيصة الذي زار المخيم صبيحة اليوم الثاني للعيد مع عشرات النشطاء بغرض التخفيف عن اللاجئين وتقديم هدايا لهم الوضع في المخيم بـ"المأساة الكبرى".

وقال للجزيرة نت "نسينا أننا في يوم عيد، الناس هنا لا تتحدث إلا عن القصف والشهداء والرغبة بزيارة المقابر لمعايدتهم".

المصدر : الجزيرة