عرس انتخابي في اقتراع ليبيا

عرس انتخابي باقتراع ليبيا
undefined

أمين محمد-طرابلس

"عرس انتخابي" و"يوم عيد" و"حلم جميل"، تعبيرات وتوصيفات متعددة أطلقها الليبيون على اقتراع اليوم حين توجهوا لأول مرة منذ خمسة عقود لاختيار من يمثلهم في المؤتمر الوطني، الذي سيتولى السلطة التشريعية في البلاد خلال الفترة الانتقالية القادمة.

زغاريد النساء وأبواق السيارات تملأ شوارع طرابلس ومراكزها الانتخابية، وفرق من الشباب تتولى توزيع الحلوى والعصائر على مرتادي المراكز الانتخابية، وحتى في الشوارع العامة.

عندما تسأل أي ليبي في طرابلس عن اليوم، يقول لك على الفور إنه يوم فرح وحبور، يوم مسرة وهناء، الإذاعات المحلية تبث أغاني النصر، ومشاعر الفرح تعم أجواء المدينة.

ولم تمنع الشمس الحارقة ولا الأجواء الساخنة اليوم في العاصمة طرابلس سكانها من الخروج بكثافة نحو صناديق الاقتراع، يقولون إنهم يفعلون ذلك تلبية للواجب الوطني وتكريما لشهداء الثورة.

‪شباب يوزعون الحلوى والعصائر على مرتادي المراكز الانتخابية‬ (الجزيرة)
‪شباب يوزعون الحلوى والعصائر على مرتادي المراكز الانتخابية‬ (الجزيرة)

مشاعر فياضة
قدوم رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب للتصويت في أحد المراكز ألهب مشاعر مئات الليبيين الذين كانوا في طوابير طويلة، فتجمع الكل من حوله، البعض يرقص ويغني، والبعض يأخذ صورا تذكارية مع رئيس حكومة ينتظر أن تغادر المشهد بعد أيام، حين تسلم المؤتمر الجديد مقاليد السلطة في البلاد.

عشرات السيارات تجوب شوارع مدينة طرابلس تحمل الأعلام الليبية وتطلق العنان لأبواقها فرحا وابتهاجا بهذا اليوم. الكل يحتفل، المحلات العامة شبه مغلقة، ولا صوت اليوم في طرابلس يعلو صوت الفرح والسرور الذي ينطلق من كل الأفواه وتقرؤه في كل العيون.

عشرات النسوة الليبيات أصررن على البقاء في أحد المراكز الانتخابية بمدرسة علي أوريط رغم أدائهن لـ"واجبهن الانتخابي"، يزغردن ويغنين أغاني النصر ويرددن أناشيد الثورة، ويقلن إن اليوم يوم الفرح ويوم العرس، والتصويت ليس إلا رمزا لهذا العرس الذي ينبغي أن يعم كل ليبيا، حسب قولهن.

أصوات التكبير والتحميد "الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد" تملأ الشوارع، عبر أشرطة مسجلة تبث من المساجد والمحلات العمومية، وحتى من السيارات الخاصة.

‪نساء ليبيا قلن إن التصويت ليس إلا رمزا لهذا العرس الذي ينبغي أن يعم كل ليبيا‬ (الجزيرة)
‪نساء ليبيا قلن إن التصويت ليس إلا رمزا لهذا العرس الذي ينبغي أن يعم كل ليبيا‬ (الجزيرة)

ترانيم الثورة
السائق فاضل يقول للجزيرة نت إن ما يصفها بـ"الترنيمة" تعود به إلى أيام الثورة وإلى أيام الجبهات حين كانت تملأ الأفق وتفعل فعلها في نفوس الثوار تأثيرا لا حدود له وطاقة لا نظير لها، إنها اليوم تعيدنا لتلك الأجواء ربما لنتذكر أن هذه الانتخابات نتيجة بسيطة لتلك التضحيات الجمة التي قدمها خيرة شباب ليبيا، داعيا الله أن يتقبل الشهداء ويعافي الجرحى.

أما المواطنة سليمى العامري فقالت للجزيرة نت إنها "لا تصدق هذا المشهد، إنه حلم جميل، هل تصدق أن الليبيين يختارون سلطتهم بحرية، ويتوجهون مثل غيرهم من شعوب الدنيا إلى صناديق الاقتراع..، البعض يتصور أن الليبيين يبالغون حين يتحدثون عن أنهم في عرس، وأنهم في واقع أشبه بالخيال، ربما لأنهم لم يحرموا من مجرد التصويت لعقود من الزمن".

وأضافت سليمى أن "كل الديكتاتوريات في العالم تنظم انتخابات صورية، يأتي الناس يصوتون ويلطخون أصابعهم بالحبر الأسود ويعودون بأمل إلى بيوتهم ينتظرون النتائج، يتوقعون ويحلمون، هل ستأتي النتائج كما كانت متوقعة، أم ستكون مسرحية، لا يهم، المهم أنها مسرحية جميلة، يحدث ذلك في كل بلدان الأرض إلا في ليبيا، فنحن اليوم بالفعل في عرس وفي حلم جميل ننتظر أن يستمر كذلك، وأن يؤدي بالفعل إلى نتائج مرضية تخرج ليبيا من وضعها الحالي".

ولكن هذا العرس لم يكتمل بعد بسبب غياب بعض مناطق ليبيا عن المشاركة فيه، ويأمل الجميع هنا في طرابلس أن يقدم الغائبون، ويلتحق المتخلفون حتى ينتهي المشهد وتكتمل ملامح وتفاصيل الصورة بكل جمالها وسرورها.

المصدر : الجزيرة